كان لوك هارتفورد أول من أشار إلى العملة الرقمية الجديدة الآخذة بالارتفاع بفضل مُغرّد على تويتر. نُشرت التغريدة -في 27 أكتوبر- من قبل كارل مارتن، يوتيوبر ومحلل سويدي للعملات الرقمية، وكان مارتن يناقش سعر عملة شيبا إينو -Shiba Inu ، التي اعتقد أنها قد تفقد قيمتها.
قرأ هارتفورد -وهو مهندس إنشائي من سيدني، أستراليا- نصيحة من مستخدم باسم jonhree112@ نبهته إلى أحدث عملة رقمية تزداد قيمتها، فقد ارتفع سعرها بنسبة ١٠٠٠% وتحتمل 200% زيادة إضافية. في ذلك الوقت، كان سعر كل عملة 72 سنتًا، وكتبjonhree112 @ :«أفضل شراء قبل دولار واحد».
ورغم أنها تُسمى عملة لعبة الحبار، فإنها لا تتبع لسلسلة نتفليكس التي تحمل الاسم نفسه. تقول كاثرين وول، المديرة الإدارية في منصة داكسي للثروة الرقمية في المملكة المتحدة: «استفادت العملة من سلسلة نتفيلكس العصرية عبر إتاحة الوصول للاعبين المهووسين للعب وكسب اللعبة».
وقد وعدت الورقة البيضاء للمشروع، التي نُشرت على موقعه الإلكتروني الذي لم يعد موجودًا، بأشياء كبيرة للمستثمرين، فبدت بصورة فظيعة وكأنها هرم بونزي، إذ جاء فيها: «كلما انضم عدد أكبر من الناس، سيكون مجموع المكافآت أكبر».
كان هارتفورد تاجرًا خبيرًا في العملات الرقمية، فقد شارك في هذا المجال منذ عام 2017، وشهد الارتفاع الهائل لعملة شيبا إينو، وهي عملة منتشرة تمتعت بارتفاع 900% في أقل من شهر، وكان لها مركز بين العملات العشرة الأولى في العالم بهذه العملية. لذا عندما رأى عملة لعبة الحبار تنتشر بطريقة مماثلة، أراد البدء فورًا، واشترى في 28 أكتوبر.
لم يكن هارتفورد مبتدئًا، لذلك نظر إلى سلسلة BscScan، التي تسجل جميع المعاملات على منصة بينانس- Binance قبل الاستثمار.
كانت هنالك بعض التعليقات من أشخاص حذروا من أن عملة لعبة الحبار قد تكون عملية احتيال، قادمة من أي مكان، فقد بدا الأمر جيدًا لدرجة صعبة التصديق، ومن المحتمل أن تنتهك العلامات التجارية وبالتالي قد ينتهي بها الأمر إلى لا شيء. لكن هارتفورد تجاهلهم، يقول: «أردت الدخول في أسرع وقت ممكن»، واشترى بقيمة 300 دولار من عملات لعبة الحبار عندما كانت قيمة الواحدة منها نحو 90 سنتًا، وجلس ليشاهد.
في البداية، تجاوزت دولارًا واحدًا، ما أكسبه عائدًا بنسبة 10% على استثماره، ثم دولارين، ثم 3 دولارات.
يتذكر قائلًا: «لقد شاهدتها في ازدياد في تلك الليلة، وأنا متحمس جدًا لأنني ضاعفت أموالي أو ضاعفتها ثلاث مرات في غضون ساعات قليلة». عندما استيقظ هارتفورد في صباح اليوم التالي، وصلت عملة لعبة الحبار إلى 5 دولارات. تضخمت أمواله إلى أكثر من 1660 دولارًا، وكان سعيدًا بهذا.
لكن شيئًا غريبًا كان يحدث. في صباح يوم 29 تشرين الأول، عندما بحث عن وسم SQUID$ على تويتر، رأى أشخاصًا يغردون بأنهم لا يستطيعون بيع ممتلكاتهم، وآخرون يسعون لاستبدال النقود، موضحين أنهم احتاجوا إلى شراء الكرات، التي حصلوا عليها من لعبة الدفع مقابل اللعب، التي نظمها مالكو المشروع من أجل البيع. عندها توقف هارتفورد للحظة، يقول: «لم أكن متأكدًا في تلك المرحلة ما إذا كنت قد تعرضت للخداع أم لا».
بصرف النظر عن الشكوك التي كانت تراوده بسبب ارتفاع سعر العملة، استمرت عملة لعبة الحبار في الارتفاع، ولفتت انتباه وسائل الأخبار الرئيسية مثل بي بي سي وسي إن بي سي وغيرها، الذين أفادوا عن ارتفاعها المذهل. يقول وولر: «فشلت التغطية الإعلامية في الإشارة إلى عدم وجود ارتباط رسمي بسلسلة نتفليكس، ما يعطي مظهرًا غير لائق».
مضيفًا: «يجب أن تتسم التغطية الإعلامية بالمسؤولية، غالبًا ما ييأس أولئك الذين يعملون في هذا المجال من بعض الأكاذيب والإشاعات والهراء، التي تنشر حول العملات الرقمية».
جرب هارتفورد شراء 50 دولارًا من الكرات في 31 أكتوبر لمعرفة هل هنالك طريقة للحصول على أمواله؟. استثمار هارتفورد المبدئي البالغ 300 دولار بلغت قيمته 200 ألف دولار، إذ ارتفعت عملة لعبة الحبار إلى 600 دولار، وفي النهاية، وصلت الذروة عند 2861 دولارًا، ما سيجعل هارتفورد أقل بقليل من مليونير.
ولكن، في الواقع، كان الأمر برمته عملية احتيال، وكان هارتفورد واحدًا من ضحاياها الكثيرين.
بعد الساعة 1:38 مساءً بالتوقيت العالمي في 1 نوفمبر، سُحِبت 3.36 مليون دولار مستثمرة في عملة لعبة المحار من قبل أصحاب المشروع. اختفت السيولة من البورصة في لحظة، وفي غضون 10 دقائق أصبحت العملة بلا قيمة تقريبًا، إذ جرى تداولها بثلث سنت.
يقول باتريك ماكوري، الرئيس التنفيذي لشركة بيزا للأبحاث وأستاذ مساعد سابق في مجال العملات الرقمية وهندسة الأمن في جامعة لندن الملكية: «يمكن لأي شخص أن ينشئ مجموعة رمزية وسيولة، وهذا يشكل خطرًا من قبل المشاريع الجديدة التي يديرها مجهولون».
أدرك هارتفورد أن الأمر كان أفضل من أن يُصدق عندما بدأ بقراءة المزيد والمزيد من التغريدات حول هذا الموضوع. حقيقة أن الرسم البياني لم يهبط، بل كان يرتفع باستمرار، كان بمثابة هدية أخرى. ومع ذلك، فهو ليس غاضبًا من التغطية غير المنطقية لارتفاع العملة، ولا بشأن 300 دولار قد خسرها.
يقول: «بالنسبة لي، تتعلق العملة الرقمية بسوق حرة بدون تنظيم. لا أعتقد أن الأشخاص الذين يريدون إزالة الضوابط التنظيمية يمكنهم الشكوى عندما تحدث مثل هذه الأمور. عش بالسيف، تمت بالسيف، هذا هو التشفير».
لم يستجب مالكو المشروع لطلب التعليق المرسل إلى البريد الإلكتروني للدعم الموجود في الورقة البيضاء التي صدرت للترويج لمشروعهم، ولا تعد هذه أول عملية احتيال يدرك فيها المستثمرون أنهم تعرضوا للخداع عندما يفر منشئو العملات بأموالهم.
أحد الأمثلة الحديثة البارزة من بين أمثلة عدة: اختفاء مبتكر عملة سوشي سواب SushiSwap- (وهو رمز آخر شائع جدًا) بمبلغ 13 مليون دولار في أيلول 2020، فيما كان يخشى المستثمرون أنها عملية احتيال.
وقد أعاد المصمم القطع النقدية بعد الاحتجاج، لكنه اختفى بعد ذلك بوقت قصير، يقول ماكوري: «تحدث عمليات الاحتيال عندما يكون هنالك حائزون كبار للعملة يمكنهم أن يتاجروا بها بحرية، وسوق هذا الرمز ليس كبيرًا أو مرتفع السيولة».
الطريقة التي جرت بها عملية احتيال عملات لعبة الحبار بسيطة، فيما يتعلق بالعملات الرقمية. إذ يستفاد من السيولة الموجود بين رموز الحبار الصادرة والرموز المتناسبة الصادرة عن بينانس – Binance، وهي بورصة العملات الرقمية.
أصدر الفريق الذي يقف وراء عملة لعبة الحبار الرموز الخاصة بهم واحتفظوا بمعظم العرض، ما سمح لهم بتحويل قيمة عملات لعبة الحبار إلى رموز BNB ، والتي سرقوها بعد ذلك.
السرقة علنية، لكن المحتالين استخدموا ما يسمى تورنادو كاش لمحاولة إخفاء مساراتهم. يقول ماكوري: «إذا كنت تمتلك عددًا كبيرًا جدًا من الرموز، فبإمكانك -بصفة أساسية- إجراء الصفقات التي تخرج كل عملة BNB من المجموعة».
ثمانية محافظ فقط من أصل 43455 مرتبطة بعملات لعبة الحبار تحتوي على أكثر من 1% من جميع الرموز المتداولة، بحسب .BscScan
أحد هذه الحسابات، وضعت علامة عليه بوساطة شركةEthereum analytics ، وهو حساب احتيال على المستثمرين، كان يملك 5% من جميع الرموز المميزة، وقد حوّل الحساب نفسه 3.36 مليون دولار إلى محفظة أخرى، يقول ماكوري: «يعتمد الاحتيال فقط على مدى سيولة السوق». مثلًا، يعتمد الأمر على عدد العملات التي سيستغرقها الأمر لاستنزاف السوق عن طريق سحب جميع العملات القيمة لأنفسهم.
يقول ماكوري من شبه المؤكد أن عملية احتيال لعبة الحبار لن تكون الأخيرة، خاصةً إذا كان الناس يشترون دون أخذ الاحتياطات اللازمة. ولكن لمعالجة المشكلة حقًا، فإن التدابير التنظيمية مطلوبة، يقول وولر: «يجب أن تكون عالمية وشاملة ومتناسبة مع هذه الصناعة التي تبلغ الآن 2.6 تريليون دولار».
اقرأ أيضًا:
إيوس (EOS)، نجم ساطع في سماء العملات الرقمية
ترجمة: عمرو أحمد حمدان
تدقيق: محمد الأسطى
مراجعة: حسين جرود