بالتأكيد راودت الكثير منا الرغبة بالانتقال عبر الزمن إلى لحظة معينة في الماضي لتغيير قرار خاطىء أو تكرار تجربة معينة، وكذلك السفر إلى المستقبل ومعرفة ما ستؤول إليه الأمور لاحقًا، فبعد الأخبار المتتالية التي تحدثت عن اكتشاف الأمواج الثقالية فإنه من المرجح أن التجارب والأبحاث المستقبلية ستزيل لنا الستار عن الكثير من الأسرار الغامضة في كوننا وإن أحد أهم الأسباب التي تدفع العلماء إلى هذا الاعتقاد مرتبط بالاكتشافات العلمية وحقيقة اقترابنا مما يسمى بـ”نظرية كل شيء”.
وقد كان للتفاحة التي سقطت على رأس العالم إسحاق نيوتن عندما كان جالسًا تحت أحد الأشجار أثرٌ كبير دفعه للتفكير بأن القوة التي تسببت بسقوط التفاحة نحو الأرض قادرة على أن تدفع القمر للخروج عن مساره والاصطدام بالأرض، وأيضًا دفعه ذلك الأثر إلى التوصل إلى أن الكتلة والجاذبية مرتبطتان معًا، وأراد أن يثبت أن هذا ممكن لكل الكتل، وأن الأجسام تجذب بعضها البعض بقوى الجاذبية، وهنا ظهر أحد أبرز قوانين الفيزياء الأساسية الذي هو قانون الجاذبية.
وفي مطلع القرن العشرين، خطى أينشتاين خطوة كبيرة بربطه بين الكتلة والجاذبية والزمن من خلال الورقة البحثية المنشورة عام 1905 بعنوان “النظرية النسبية العامة” التي استطاعت تغيير نظرتنا إلى الكون.
ثم تمكّن الفيزيائييون من معرفة سرعة الضوء بدقة كبيرة والتي تعد أحد الثوابت الرئيسية، فإن نظرية أينشتاين تنص على أنك إذا أردت الانتقال عبر الزمن فستحتاج إلى التحرك بسرعة هائلة، فعلى سبيل المثال لو كنت في مهمة فضائية إلى سطح المريخ عام 2000 وكان موعد العودة هو 2032، لكنك تحركت بسرعة كبيرة تصل إلى 95% من سرعة الضوء فإنه عند عودتك ونظرك إلى ساعة اليد التي ترتديها ستجد أنك في العام 2010 مع أنك ستكون فعليًا في عام 2032 على الأرض، وستكون أصغر بـ22 عامًا من أي شخص اعتيادي يعيش على كوكب الأرض.
إذن هيا بنا!
إن أسرع مركبة أرضية في وقتنا الحالي لا تستطيع الوصول إلى سرعة 1 كيلومتر في الثانية الواحدة، وحتى المركبات الفضائية عند خروجها من مدار الأرض فإنها تتحرك بسرعة قصوى تبلغ 10 كيلومتر في الثانية، فكيف بإمكاننا الوصول إلى سرعة الضوء؟ وحتى لو وصلنا إلى هذه السرعة، فهل يمكن لأجسامنا الصمود تحت تأثير هذه الظروف؟
ويجدر بنا الذكر أنه لو كنا نرغب ببناء مركبة للسفر عبر الزمن، فإننا سنحتاج إلى أُسطوانة ضخمة يبلغ طولها حوالي 100 كيلومتر، وأن تبلغ كتلتها ما يعادل كتلة الشمس على الأقل لكن مضغوطة بشكل كثيف، وبعد ذلك علينا جعلها تدور بسرعة كبيرة تمكنها من اختراق نسيج الزمكان، بالإضافة إلى وجوب تواجد حساسات حيوية تفاعلية لإنذارنا في حال تعرضنا إلى مشكلة ما.
عندها وبالاقتراب من الأُسطوانة والتحرك باتجاهها فإن الزمن سينهار وسيكون بإمكانك السفر إلى الماضي، ومن يدري، ربما إلى اليوم الذي التقى فيه والديك للمرة الأولى، أو ربما حتى إلى يوم مولدك.
وبالتأكيد فإن الكلام النظري المذكور هو بعيد التحقق والمنال، وفي الفترة القادمة سيبقى حبرًا على ورق إلى أن تتم تجربته فعليًا يومًا ما، بعد أن نكون قد وصلنا إلى مرحلة من التقدّم والتطوّر تمكننا من تجاوز العوائق والمشكلات التي ستواجهنا في سبيل السفر عبر الزمن.
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر