إنها فكرة تتبادر إلى ذهن اغلب الناس في فترة ما من حياتهم، “ماذا سأفعل لو تمكنت من إيقاف الوقت؟” بصورة عامة هذا أمر مستحيل.
ولكن لماذا؟ يتعدى هذا الموضوع حاجز التكنولوجيا الذي يمنعك من القيام بذلك، فقوانين الطبيعة نفسها تلعب دورا هنا.
أريد أن أتناول ثلاث مواضيع هنا: أولًا، كيف سيبدو العالم من دون وقت؟ وثانيًا، لماذا تقول الفكرة التقليدية السائدة بأنه أمر مستحيل؟ وأخيرًا، كيف يمكن أن يكون الأمر ممكنًا “نظريًا ”
عالمًا لا زمنيًا
دعنا نفترض لوهلة بأنك حققت المستحيل وتمكنت من إيقاف الوقت. تذكر بانه محض مشهدٍ افتراضي. إذن، كيف سيبدو هذا الأمر؟ من شأن مناقشة هذا الموضوع ان تتناول جزئيًا السبب في عدم إمكانية حصول ذلك، إلا أنه لن يكون المحور الأساسي. وكذلك يساعدنا على اكتشاف سبب رغبتنا في إيقاف الوقت.
إذن، حسب تصورك فلقد تم إيقاف الوقت. وكل الناس من حولك. وتوقفت الرياح عن العصف، وتوقفت المياه عن الجريان، وتوقفت الأرض عن الدوران.
قبل أن تنطلق من الغبطة لسرقة مصرف أو وضع أصبع صديقك فوق أنفه، هناك بضعة أشياء عليك الانتباه لها. فأولا علينا التفكير مليا في المنحى الذي ستأخذه القوانين في عالم متوقف عن الحركة، فتوقف مفعول القوانين لا يعني اختفائها كليًا. هذه مغالطة صغيرة، لأننا نكسر عددًا محدودًا جدًا من قوانين الفيزياء بإيقافنا للوقت.
وعندما تبدأ القيام بخطواتك الأولى ستدرك بأنك عالق في المكان، عاجز عن الحركة حول الجزيئات في الهواء. وفي هذا الصدد لن تكون قادرًا على التنفس، فليست هناك طريقة لإدخال الهواء الساكن إلى رئتيك.
ربما ستحاول طلب المساعدة (بغض النظر عن كونك الشخص الوحيد الواعي في الأرجاء) وتكتشف بأن الصوت لا يمكن أن ينتقل في الجو، لتعذر استخدام الجو كناقلٍ للموجات الصوتية. فتتجمد حتى الموت، لأن العالم توقف عن توليد الحرارة.
لنقل بأنكما أنت والغلاف الجوي لزلتما تتحركان، أو ربما لديك القدرة على إعادة الوقت/الحركة للأشياء التي تتفاعل معها.
فيمكنك أن تزيح الهواء من طريقك، كما تفعل عندما تمشي في الأيام الاعتيادية، أو تستغلها للحصول على الأوكسجين. ونحن ايضا سوف نمدك ببعض الحرارة، مما سيمكنك من النجاة لوقت أطول بقليل من بضعة لحظات.
فكر في الأمر، يجب أن نعيد تحريك المجال الكهرومغناطيسي من جديد، والطاقة الحرارية جزء من المجال الكهرومغناطيسي، حيث يكمن ضوئنا المرئي والا فلن تتمكن من الرؤية، حيث أن الفوتونات لن تتحرك في عينيك.
لو أمكنك الحركة، فسوف تتحرك داخل الضوء وتمسكه بينما تواصل الحركة، ولكن الضوء يتحرك حولك باستمرار من جميع الاتجاهات، لذا فإنك تستطيع إمساكه من كل الجهات من حولك.
إذن فالآن حصلت على الحرارة، الضوء، الصوت، التنفس، وسهولة الحركة. لكن لا يزال هناك عقبة أخرى يتعين علينا التعامل معها، إلا انها ليست سيئة مثل التجمد حتى الموت.
بضعة ثوانٍ، حتى تدرك بأن الجاذبية لم تعد تؤثر عليك. عندما وصف نيوتن لأول مرة الجاذبية في كتابه《مبادئ الرياضيات، كان يشيع الاعتقاد بأن القوة تتحرك آنيًا عبر الفضاء، وليس هناك حدود لسرعتها.
لو كان هذا صحيحًا فعلى الأرجح سيكون لديك جاذبية في عالم أبدي لا يحكمه الوقت. على كل، تم السخرية من مفهوم الجاذبية السريعة بلا حدود منذ زمن نيوتن. حيث يجب أن تتبع الحد الأقصى للسرعة العالمية (سرعة الضوء) مثل كل شيء آخر.
الاستحالة
ما تحدثنا عنه حتى الآن، كان العوائق أمام قدرتك في أن تكون فعالًا في عالم لا يحكمه الوقت، كوننا موجودات يحددها الزمن. ولكنها لا تصف بالضرورة سبب عدم إمكانية حدوث هذا المفهوم.
تذكر أن سرعة الضوء، المشار إليها رياضيا بالحرف《 c تبلغ تقريبًا 300,000,000 متر بالثانية. ينتقل الضوء في ثانيتين مسافة 600,000,000 متر. في صفر ثانية، يسافر الضوء صفر متر.
فلو تم إيقاف الوقت فإن عدد الثواني الذي سيمر هو 0 ثانية، وهكذا فإن سرعة الضوء ستكون صفرا. لكي تستطيع إيقاف الوقت، فيجب أن تسافر بسرعة أبدية غير محدودة.
لا يمكن لشيء أن ينتقل أسرع من الضوء (ناهيك عن السرعة الغير محدودة) بدون حصوله على كتلة وطاقة غير محدودتين، حسب النظرية النسبية لآينشتاين.
الإمكانية
“نظريًا” هناك بضعة طرق لإيقاف الوقت، ولكن هناك موانع تقف في طريق تحقيقها أيضًا. أسهل طريقة للقيام بالأمر هي تغيير تعريفك للموضوع. فنحن لسنا بحاجة لإيقاف الوقت كلياً، ولكن ربما ما يكفي لكي تستطيع مشاهدة العالم يتحرك بوتيرة بطيئة جدًا. إليك كيفية القيام بذلك.
إحدى الطرق هي أن تذهب إلى كون حيث تسمح قوانين الفيزياء بذلك. وهناك طريقة أخرى يمكن تصورها هي تجميد الكون، وهكذا تبطيء من حركة الجزيئات. لن تتمكن بهذه الطريقة من إيقاف الكون كليًا، ﻷنه إلى الآن لم يتم الوصول إلى درجة الصفر المطلق (صفر كلفن،) وقد يكون الوصول إليها مستحيلًا.
هناك مسألة أخرى، فالحرارة طاقة ولم يسبق أن تم نقل الطاقة أبدا. وبسبب هذا ستحتاج إلى إزاحة الطاقة إلى مكان آخر، ولكن ما هو هذا المكان الآخر (باستثناء الكون) وكيف ستقوم بالأمر؟ ينطبق هذا على إزالة حرارة من معظم الأجسام وليس جميعها.
ربما نستطيع إيجاد طريقة لتجميد كوكب أو منطقة محلية تقنيًا حيث تبطيء سرعة الجزيئات. المشكلة هي أنك ربما تقتل الجميع، فتخيل كمية المتعة التي ستكون في أرض قاحلة مجمدة تمامًا.
دعونا نفعل العكس، وهو ما تم القيام به في فيلم كلوكستوبرز. في هذا الفيلم، قاموا بتسريع ذرات أحد أشخاص الفيلم بحيث أصبح الوقت بطيئًا إلى أقصى حد، ولكن ليس متوقفا.
والمشكلة في هذا هي أنه تم ربط الجزيئات والحرارة معا. إذا كانت جزيئاتك تتحرك بالاهتزاز بسرعة، فإن حرارتك ستكون عالية جدًا… ومن الصعب التنبؤ بكيفية تأثير ذلك على تصورك للأشياء.
طريقة أخرى لإيقاف الوقت هي أن تضيع أي شيء تريده قرب ثقب اسود، لنفترض جدلا بأنك رميت ساعة في ثقب أسود، ستبدأ هذه الساعة بالتباطؤ أكثر كلما اقتربت منه. أما من منظورها فإن سرعتك هي التي تزيد.
ويبقى هناك الكثير لتعلمه عن ماهية الوقت وكيفية عمله، غير أنه تمرين جيد للعقل للتفكير بأمور مثل التنقل عبر الزمن، فهمه، وإيقاف الوقت.
ولكنه موضوع صعب للتأمل والتفكير فيه، فهو ليس شيئًا قائمًا بحد ذاته، كما نفهمه، بل هو تعاقب للأحداث ضمن إطار تصورنا للعالم. إنه حقًا موضوع يستحق التأمل فيه، فهو القوة الأساسية في الكون. الوقت يسمح لكل الأشياء بالوجود والتغير، وأنا أشك بسهولة وجود كائنات محددة بالزمن مثلنا خارج إطار الزمن.
- ترجمه: همام مهدي
- تدقيق: بدر الفراك
- تحرير: أحمد عزب