كيف سيبدو الإنسان لو عاش في الفضاء؟
كل أسبوع تجيب مجلة ” العلم والمستقبل sciences et avenir” على سؤال أحد متابعيها.
وقع اختيارنا في منتصف هذا الشهر على التغيرات التي ستطرأ على الجنس البشري لو استعمر الفضاء.
اقترحت مجلة العلم والمستقبل على معجبيها على صفحة الفايسبوك طرح تساؤلاتهم (العلمية طبعا)
اخترنا هذا الأسبوع سؤال ميشال مون »لنفترض أن رجالا ونساء رحلوا إلى الفضاء دون رجعة ، هل سيتكاثرون طبيعيا؟ ومع انعدام دائم للوزن كيف سيبدو الجنس البشري بعد عدة أجيال؟«
سؤال غني طرحه هذا القارئ ،اخترنا أن نجيب عليه نقطة بنقطة.
الذهاب إلى الفضاء دون رجعة
مشاريع الاستيطان في الفضاء دون رجعة نادرة في الوقت الحالي. البعثة الوحيدة الجادة هي ” المريخ واحد Mars one” ،أطلقت عام 2012 من قبل الهولنديين باس لانسدروب و آرنو فيلدارس ( مهندس وفيزيائي) .و كانت تهدف إلى الاستيطان في المريخ.
الملياردير إيلون ماسك ، مؤسس سبايس إكس ، يحلم أيضا بإرسال أشخاص إلى الكوكب الأحمر ,لكن ذلك يتضمن مسار عودة ( إن تمكن المستوطنون من تصنيع الوقود اللازم للوصول).
ٱنتقدت هذه المشاريع من قبل العلماء الذين أشاروا إلى العديد من العقبات التكنولوجية والمالية التي يجب التغلب عليها.
التكاثر طبيعيا
هل يمكننا ممارسة الجنس في الفضاء ؟ قد يثير هذا السؤال الابتسامة.
لكن وكالة ناسا قامت بالفعل بتجارب في هذا الصدد على الحيوانات.
أول تزاوج رسمي كان سنة 1994 بين أسماك الميداكا ( اسمها العلمي أورزياس لاتيبس) وهي متوفرة في حقول الأرز وتحفظ عادة في الأحواض.
رائدة الفضاء الشهيرة الفرنسية كلاودي هانيوري شاركت في تجربة مماثلة سنة1996 لكن هذه المرة على حيوان السمندل المائي ( بالفرنسية le tritonبالانجليزية ( Newt ، وكان الهدف من هذه التجربة تحديد إمكانية التخصيب الطبيعي والتطور الجنيني لدى الفقاريات في الجاذبية الجزئية _الصغرى ( microgravity)_
كشفت هذه العملية عن نواقص في بعض مراحل التطور الجنيني على مستوى انقسام الخلايا وانغلاق الأنبوب العصبي.
لكن ماذا عن الإنسان ؟
رسميا لم تعلن وكالة ناسا عن علاقات جنسية ممكنة بين روادها في الفضاء بالرغم من مشاركة الزوجين مارك لي ونانسي يان دافيس في نفس البعثة الفضائية سنة 1992.
مع ذلك فإن وكالة الفضاء الأمريكية تهتم في الحقيقة بمسألة تصميم رضيع في الجاذبية الجزئية الصغرى.
أظهرت دراسة نشرت سنة2010 من قبل ثلاثة علماء خيبات أمل : ففي الحالة الراهنة تبدو الإشعاعات الشمسية خطيرة جدا على الحمل .
فالأشعة الكونية التي تطرق السفينة الفضائية لمدة طويلة ستخفض من تركيز الحيوانات المنوية لدى الرجل وستعقّم بدون شك البويضة المخصّبة.
وحتى لو اكتمل نمو الجنين فإن حمضه النووي D.N.A سيتعرض إلى طفرات تجعل النساء عقيمات.لحسن الحظ لدينا دائما التخصيب بالأنبوب لبقاء نوعنا.
مع انعدام دائم للوزن ،كيف سيبدو الإنسان بعد عدة أجيال؟
في الوقت الراهن لا نعلم بوجود أي منشور علمي حول هذا الموضوع .
ربما لوجود عائق للتخصيب في الفضاء.
مع ذلك ، أثبتت عديد الدراسات أن البعثات الفضائية المطوّلة تمثل خطرا على الصحة: فغياب قوة الجاذبية يجعل خلايا الجسم التي أنشئت بالتزامن معها أقل ترابطا مما يخلّ بتنظيمها واستقرارها دون أن ننسى كثرة التعرض للأشعة الكونية.
وهكذا يلاحظ رواد الفضاء هشاشة في أجسامهم :
— جهاز مناعتهم يختلّ مما يجعلهم معرّضين أكثر لمسببات الأمراض.
–ارتفاع خطر الإصابة بسبب انخفاض كثافة العظام.
–انخفاض في القدرة الهوائية ( التي تستخدم لإنتاج الطاقة من الأوكسجين (
–ضمور كتلتهم العضلية خاصة على مستوى السيقان لذلك من الضروري القيام بتمارين يومية كي لا يفقدوا قوتهم وتناسقهم : في هذا الصدد يختبر حاليا توماس باسكيت آلة تسمى “ماريس MARES” وظيفتها قيس فقد الكتلة العضلية المرتبط بالجاذبية الجزئية وإيجاد تمارين للحد منها
الرواد ينذرون أن رجل الفضاء سيكون أكثر نحافة من الوقت الراهن نظرا لفقد الكتلة العضلية وتقليل الحاجيات الغذائية.
هناك آثار أخرى أيضا غير واضحة ظاهريا وقعت معاينتها لدى رواد فضاء أنجزوا مهمات فضائية طويلة المدى فدقات القلب أصبحت غير منتظمة وقلوبهم أكثر استدارة مما يجعل هذه المضخة أقل فاعلية.
بسبب تعرض صحته لاختبار قاس ،فمن المرجع جدا أنه ينبغى على رجل الفضاء أن يحسّن من إدراكه البصري و توجيهه المكاني لأنه بسبب الجاذبية الجزئية يختل هذان العنصرين .
أخيرا لا تحافظ الأشعة الكونية على الجهاز العصبي لرائد الفضاء وهو ما يجعلها سببا للأمراض التنكسية ( degenerative diseases ).
لاستعمار الفضاء ينبغي على الإنسان أن يجد حلولا لكل هذه المشكلات.
الترجمة: أشرف ابن نصر.
التدقيق: أسامة القزقي.
المصدر