قام الفيزيائيون باختبار خصائص المواد الكمومية الجديدة ثنائية الأبعاد والتي يمكنها انتزاع لقب (المواد العجيبة) من الجرافين في المستقبل.
هذه المواد، التي يمكنها توصيل الكهرباء بسرعة قريبة من الضوء، يمكن أن تحل محل السيليكون في الجيل القادم من أجهزة الكمبيوتر عالية السرعة و يمكن أن تشكّل أساس (موصل فائق غريب) جديد يعكس تدفق الزمن .
يقول جينغ إكسيا وهو أحد الباحثين من جامعة كاليفورنيا في إيرفين:
« أخيرًا، يمكننا أن نأخذ نظريات غريبة في الفيزياء ونصنع شيئًا مفيدًا عنها»
وأضاف: «إننا نعمل حاليًا على استكشاف احتمال صنع حواسيب كمومية طوبوغرافية [نظرية حاليًا] خلال المئة عام المقبلة»
قام إكسيا وفريقه مع باحثين من عدة جامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة والصين، بتدارس وفحص قدرة حفنة من المواد الكمومية التي يمكن أن تحدث ثورة في الحوسبة في العقود المقبلة.
وقد وصفت النتائج في ثلاث ورقات بحثية نشرت في وقت واحد في مجلات (Nature وScience Avances و Nature Materials).
المواد التي تمتلك خصائص إلكترونية ومغناطيسية هي مواد ذات أهمية خاصة وهي مطلوبة لتصنيع ذاكرة الكمبيوتر وأنظمة التخزين.
أظهر الجرافين ( أوراق ثنائية الأبعاد من ذرات الكربون فائقة المرونة، أصعب من الماس، وأقوى من الصلب ) قدرات رهيبة من حيث التوصيلية، ولكن عيبه الرئيس أنه بدون خاصية مغناطيسية.
برزت مادة ثنائية الأبعاد أخرى سمّيت تيلوريد الجرمانيوم (سي جي تيCGT )
باستخدام مقياس التداخل (ساجناك) للألياف البصرية والذي وصفه إكسيا بالمجهر المغناطيسي الأكثر حساسية في العالم ، لاحظ الفريق تفتت مجهري لسي جي تي مع قياس ذرتين سميكتن اثنتين ، وطول بعدّة ميكرونات، وعبور بعدد قليل من الميكرونات .
للتوضيح أكثر، يتراوح عرض شعرة إنسان واحدة تقريبًا من 17 إلى 180 ميكرون.
تمكّن الفريق من تأكيد وقياس الخصائص المغناطيسية لسي جي تي في درجات الحرارة من 233- درجة مئوية (387- درجة فهرنهايت) .
و أخيرًا تعتبر هذه النتائج إجابة على سؤال بقي مطروحًا لعقود من الزمن في الفيزياء الكمومية عما إذا كانت المغناطيسية تستطيع التواجد في المواد التي تقلصت إلى بعدين.
قال الباحث زيانغ تشانغ من جامعة كاليفورنيا في بيركلي و الذي درس أيضًا هذه المادة ثنائية الأبعاد:
(هذا اكتشاف مثير.)
قدمت هذه التجربة أدلة قاطعة على وجود مغناطيس رقيق ذريًا ومغناطيس مسطح ذريًا وهو ما فاجأ الكثير من الناس.
هذه المواد لها قدرة على توصيل الكهرباء ليس عبر الإلكترونات كما في أجهزة الكمبيوتر اليوم بل توصل الكهرباء عبر فرميونات ديراك و ماجورانا وهي جسيمات دون كتلة و تتحرك بسرعة قريبة من الضوء وهو مايجعل هذه المواد جديرة بالاهتمام العلمي الكبير.
هناك مادة كمومية جديدة أخرى وقع تتبعها تحت المجهر وهي خليط بين عنصري البزموت والنيكل.
حيث اكتشف الباحثون في درجات حرارة منخفضةً جدًا (269- درجة مئوية أو452- درجة فهرنهايت) أن التداخل بين هذين العنصرين يؤدي إلى موصلية فائقة غريبة قادرة على كسر التماثل عند انعكاس الزمن.
التماثل عند انعكاس الزمن يعنى القدرة على عكس مسار تدفق الزمن بشكل فعال.
يقول إكسيا:« تخيل أنك عندما تعيد عقارب الساعة يتحول كوب من الشاي الأحمر إلى اللون الأخضر، ألا يجعل ذلك الشاي غريبًا جدًا؟ وهو نفس الأمر الغريب حقًا بالنسبة للموصلات الفائقة.
وهذه هي المرة الأولى التي لوحظت في المواد ثنائية الأبعاد».
الآن بعد أن حصلنا على لمحة عن قدرات هذه المواد الكمومية الجديدة، فإن الخطوة التالية ستكون جعلها أكثر عملية لاستخدامها في الحواسيب الكمومية الثورية ( التي لم يتم بناؤها بعد) في المستقبل.
وهذا يعني تكرار هذه الخصائص تحت درجات حرارة أكثر اعتدالًا
فريق ٱكسيا في طريقه إلى تحقيق ذلك ، من خلال بناء جهاز يحافظ على استقرار المواد ثنائية الأبعاد في درجة حرارة معتدلة نسبيًا ( -33 درجة مئوية -27 درجة فهرنهايت).
وقال إكسيا مازحًا: «صدقوا أو لا، تعد هذه الحرارة أكثر سخونة من بعض أجزاء في كندا»
يعتبر هذا العمل كخطوة كبيرة نحو تطوير أجهزة الكمبيوتر الكمومية في المستقبل في درجة حرارة الغرفة تقريبًا».
- ترجمة :أشرف ابن نصر
- تدقيق: أسمى شعبان
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر