بعد ثلاثينَ عامًا من البحث اكتشف الباحثون الجزيئة المسؤولة عن تخزين الذكريات في الذاكرة طويلة الأمد في الدماغ والتي تسمى بروتين الكيناز المعتمد على الكالسيوم والكالمودولين أو (CaMKII) اختصارًا.
نشرت النتائج في September 27 في دورية (Neuron).
إن هذا الاكتشاف يحل لغزًا طالما حاول العلماء حله وهو: كيف يمكن للدماغ خلق ذكريات يمكن الاحتفاظ بها لمدة طويلة وخلق سبيل للعودة إليها؟
لا ندري لعلنا بتحريض جزيئة (CaMKII) يمكننا أن نقوم بمسح الذكريات السيئة المتعلقة برضوض نفسية أو المتعلقة بالإدمان رغم أنَّ أمرًا كهذا قد يطرح العديد من التساؤلات الأخلاقية ، وقد يصل بنا الأمر إلى القدرة على مسح ماضينا السيء ومسح كل ذكرياتنا السيئة.
وجد أن الـ (CaMKII) لها دور في مرض الزهايمر أيضًا، الذي لا نعلم إذا ما كانَ سببهُ مسح الذكريات القديمة أم عدم القدرة على استدعائِها، قد يكون اكتشاف (CaMKII) أمرًا سيساهم في فهم آلية مرض الزهايمر أكثر.
إنَّ الذكريات بالنسبة لنا هي أمر روحي ولكنَّها في الواقع عملية حيوية كيميائية بحتة تحدث في الدماغ، وهي تتضمن خلايا عصبية تتواصل مع بعضها عن طريق التَّفرعات(الزوائد الشجرية)، والتشابكات العصبية التي تصل الخلايا ببعضها البعض.
الذكرى هي عبارة عن إشارة كهربائية كيميائية تسافر من خلية عصبية إلى مشبك عصبي ومنه إلى خلية عصبية أخرى، وكلما تذكرت هذه الذكرى يتفعَّل هذا المسار مجددًا، وكلما تفعَّل هذا المسار مجددًا زادت قوة الوصلات بين الخلايا مما يجعلها في النهاية تصل إلى مرحلة ذكرى طويلة الأمد.
إنَّ تفعيل المسار السابق ذكره يتطلب أيضًا وجود بعض الإنزيمات والجزيئات التي تقوم بالتفاعل اللازم، إنَّ المشكلة تكمن في أن هذه الإنزيمات لا تتواجد لأكثر من أسبوع، وفي حال بقاء الذكرى لفترة طويلة فهذا يعني أنَّ هذه الإنزيمات تبقى فعالة لسنوات وحتى لعقود، وعندما يتوقف هذا الإنزيم يُتَوَقع أن تزول الذكرى بتوقُّفه.
عندما تتوقف جزيئة (CaMKII) عن العمل يمكن أن يتمَّ تفعيلها بواسطة جزيئة (CaMKII) أخرى، مما يعني وجود الكثير من هذهِ الجزيئات المستعدة لأخذ وظيفة التي تتعطل منها.
يعتقد العلماء أن جزيئات الـ (CaMKII) يمكنها تجنيد جزيئات (CaMKII) أخرى بحيث تستمر وظيفتها بشكلٍ دائمٍ حتى لو تبدلت الجزيئة الأساسية،وبهذا تكون جزيئة الـ (CaMKII) هي الضامن لعدم تلاشي ذكرياتنا.
وليثبت العلماء أن الجزيئة تملك هذه الوظيفة قاموا بوضع مجموعة من الجرذان في اختبار، بحيث عندما يتجاوز الجرذ المنطقة المحددة يتم صعقه كهربائيًّا، وعند تكرار التجربة لم يحاول أي جرذ الإقتراب مجددًا من المنطقة المحظورة والتي تم صعقهم فيها مما يعني أنهم يتذكرون بأن الإقتراب من هذه المنطقة يعني الصعق.
ومن ثمَّ قاموا بتعطيل الـ(CaMKII) في أدمغة الفئران ووضعوها في الإختبار مجددًا لاحظوا أن الفئران اقتربت من منطقة الصعق المحظورة في التجارب السابقة وتجاوزتها، مما يعني أنَّ الذكرى المتعلقة بهذا الأمر قد مسحت عندما عُطِّلت جزيئة الـ (CaMKII) .
- المترجم: كمال سلامي.
- تدقيق: هبة أبو ندى.
- تحرير: محمد سمور
- المصدر