كيف توصَّل العلماء إلى أوّل رقائق حاسوبيَّة في العالم بدون أشبَاه مُوَصّلات؟
لطالمَا كان الباحثون يطوِّعون التكنولوجيا منذُ عقود مضت لصناعة أدوات أكثرَ سرعة للمستقبل، مثل صناعة الأنابيبُ المفرَّغة النَانوِيَّة التي تستطيع بشكل كبير تحسين سرعة وكفاءة الأجهزة الإلكترونية الشخصية واللوحات الشمسية.
الأنابيب المفرَّغة كانت أساس صناعة الحواسيب الرقمية الإلكترونية وذلك في العقد الرابع والخامس من القرن العشرين قبل أن يتم إستبدالها بالترانزستورات التي يمكن تصنيعها في أحجام أصغر بكثير، مما جعل صناعة الحواسيب والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي نستخدمها الآن أمرًا ممكنًا.
ولكنَّ الترانزستورات لها حدود في الحجم والسرعة أيضًا، ونحن الآن قريبون منها بشكلٍ كبير. الآن رجع بعض علماء من جامعة “كاليفورنيا سان دييغو” إلى فكرة الأنابيب المفرَّغة مرةً أخرى، ولكن في هذه المرة ستكون أصغر حجمًا بكثير، وأكثر كفاءة تكنولوجيَّة.
يقول قائد مجموعة البحث مهندس الكهرباء (دان سيفينبيبرDan Sievenpiper):«هذا بالتأكيد لن يحل محل كل الأجهزة المعتمدة على أشباه الموصلات، ولكنَّهُ سيكون أفضل الحلول لبعض التطبيقات الخاصة مثلَ الأجهزة ذات التردد أوالطاقة العالية».
في حين أنَّ الترنزستورات تبقى واحدةً من أهم الإختراعات في القرن العشرين وأصغر بكثير جدًا من الأنابيب المفرَّغة الأولية، فإنَّ العلماء الآن يسعَونَ بجدٍ لجَعلِها أقلَ حجمًا بكثيرٍ وأكثر قوةً مما هيَ عليهِ الآن.
علاوةً على ذلك فإنَّ سريانَ الإلكتروناتِ خلالَ المواد الشِبه مُوَصِّلة للترانزستور-مثل السليكون- يكون بطيئًا نتيجة لتصادم الإلكترونات بالذرات. ولدى شبه الموصلات أيضًا ما يسمى بـ “فجوَةَ النِطَاق” حيث تحتاج الإلكترونات إلى دفعةٍ منَ الطاقةِ الخارجية لِتُوَاصِلَ الحركة.
الميزة الكبيرة التي تمتلكها الأنابيبُ المفرَّغة النَانوِيَّة عن الترانزستورات ذات المواد الشبه موصلة هيَ أنَّ الإلكترونات تسير خلال الهواءِ وليسَ من خلال مادةٍ صلبة وبالتالي يمكنها أن تكون أكثرَ سرعةٍ.
توزيع الحقل الكهربي للبنية النانويَّة (علي اليمين)، زيادة الحقل الكهربي(في المنتصف)، تصميم الأنبوب المفرغ (علي اليسار).
تحريرُ الإلكترونات لكي تحملَ التياراتِ من خلالِ الهواءِ يحتاج إلى جهدٍ عالي أو ليزر أكثرَ قوةٍ، وكلاهُما يصعُبُ تحقيقهُ على المستوَى النانَوِيّ؛ وتلكَ كانت مشكلةُ الأنابيبُ المفرَّغة النَانوِيَّة الأوليّة.
لحل تلكَ المشكلةِ قامَ فريق بصناعة طبقة على هيئة البنية الخاصة للفطر مصنوعة منَ الذهب تعرف بـ “السطح الكهرومغناطيسي الفائق” ثم وضعوها على أعلى طبقةٍ منْ ثاني أُكسيد السليكون وطبقةٍ منَ السليكون.
حينما يتم إطلاق جهد ذا طاقةٍ منخفضةٍ -أقل من 10 فولت- وليزر ذا طاقةٍ منخفضةٍ أيضًا على ذلكَ السطح الفائق فإنّهُ يصنعُ ما يسمَّى بـ “النقاط الساخنة” التي تحتوي على حقولٍ كهربيةٍ ذاتَ كثافةٍ عاليةٍ تُعطي البناءَ الطاقة الكافية على تحرير الإلكترونات منْ سطحِ المعدن.
أثناء الإختبار، مَكَّنَتْ تلكَ التجربةِ الباحثين منَ الحصول على توصيليَّة كهربية عشرة أضعاف تلك التي كانوا يحصلون عليها منَ الأنابيبُ المفرَّغة النَانوِيَّة بدون تلكَ الأسطح الفائقة.
حتى الآن، إنها مجرد مظاهرة لإثبات ذلك المبدأ، وهناك الكثير منَ العملِ للقيام بهِ لجعل ذلك النظام عمليًا قابلًا للإستخدام في الأجهزة الفعلية. ولكنْ في المستقبل، العديد من الأسطح الفائقة يمكن تصميمها حتى تُلاقي إحتياجات معيَّنة مثل الألواحِ الشمسيَّة كما يقترح الباحثون.
يقول (دان سيفينبيبرDan Sievenpiper):«مستقبلًا نحتاج إلى فهم إلى أيّ مدى يمكن تحجيم تلك الأجهزة بالقياس إلى حدود أداءاتِها».
ترجمة : محمد خالد عبدالرحمن
تدقيق: جمان الرشدان
المصدر