الخطوة الأولى
هنيئًا لك، فقد قررتَ تحسين صحتك من طريق تقليل كمية السكر التي تتناولها! الإقلاع عن السكر ليس سهلاً، إذ يصعب تحمل أعراضه، لكن الفوائد التي ستجنيها تستحق العناء، نظرًا إلى ضرر السكر على صحتك. يزيد السكر من خطر الإصابة بأمراض عديدة، كالسمنة والسكري وأمراض القلب والإرهاق والاكتئاب، ويضعف صحة الأسنان وغيرها. سيقلل الإقلاع عن السكر من تلك المخاطر، ويجعلك أفضل حالًا، لكنك قد تواجه في البداية بعض الصعوبات.
لماذا ينتابك شعور سيئ عند الإقلاع عن السكر ؟
وجدت دراسات عديدة أن تأثير السكر في الدماغ يماثل تأثير المواد المسببة للإدمان، كالنيكوتين والكوكايين والمورفين. يستهلك الفرد الأمريكي 22 – 30 ملعقة صغيرة من السكر يوميًا (في حين أن الحد الأقصى الموصى به 6 ملاعق صغيرة)، لذا من المتوقع ظهور بعض أعراض الانسحاب.
تمتلك أدمغتنا نظام مكافأة يساعد نوعنا على البقاء، ويُعَد استهلاك الطعام الحلو مكافأةً طبيعيةً تحفز هذا النظام في أدمغتنا.
اختلف الخبراء حول حقيقة إدمان السكر.فقد وجدت دراسات أُجريت على كل من الحيوانات والبشر، أن السكر يحفز إفراز الدوبامين في النواة المتكئة (وهي المنطقة ذاتها التي تستجيب للهيروين والكوكايين في الدماغ(. يغير تناول السكر باستمرار دماغك حتى يعتاده، فتصبح بحاجة إلى المزيد منه لتحصل على التأثير نفسه.
يسبب السكر إطلاق المواد الأفيونية داخل الدماغ، فيسبب ذلك شعورًا مماثلًا لما تختبره عندما تُحقن بالهيروين، ما يجعلك في حلقة مستمرة من الرغبة الشديدة والحاجة إلى مزيد من السكر للشعور بالرضا.
ستشتد رغبتك في الحصول على السكر عندما تمتنع عن تناوله، وستعاني في البداية أعراض الإقلاع عنه.
أعراض الإقلاع عن السكر
يسبب الإقلاع عن تناول السكر أعراضًا جسديةً ونفسيةً مزعجة، تختلف طريقة استجابة الجسم لها من شخص لآخر، وتتفاوت الأعراض وشدتها حسب كمية السكر المستهلكة.
تستمر الأعراض من بضعة أيام إلى أسبوعين، وقد تسوء في أوقات معينة مثل بين الوجبات، وحين التوتر، إذ يؤدي الإجهاد إلى رغبة شديدة في تناول السكر.
الأعراض النفسية
يسبب الإقلاع عن السكر أعراضًا عاطفية ونفسية، منها:
- الاكتئاب: الشعور بالإحباط أحد الأعراض الشائعة، وإلى جانب المزاج السيئ قد تلاحظ عدم الاستمتاع بالأشياء التي تمتعك عادةً.
- القلق: قد يصاحب الشعور بالقلق العصبية والأرق وحدة الطبع، وقد تصبح قليل الصبر، سريع الانفعال.
- تغير نمط النوم: قد تعاني أرقًا أو صعوبةً في مواصلة النوم ليلًا.
- الاستيعاب: قد تصاب بالتشتت، ما يسبب النسيان وصعوبة التركيز على المهام، كالعمل أو الدراسة.
- زيادة الشهية: إلى جانب الرغبة في تناول السكر، قد تجد نفسك تواقًا إلى أطعمة أخرى تحتوي على الكربوهيدرات، كالخبز والمعكرونة والبطاطس.
الأعراض الجسدية
الصداع هو أحد الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا، وإلى جانب الشعور بالتعب قد نجد أعراضًا أخرى منها:
- الدوار الخفيف والدوخة.
- الغثيان.
- التنميل.
- الإعياء.
ربما تشعر بالسوء حيال تخليك عن السكر، لكنك ستغدو أفضل حالًا فاطمئن. وفقًا لعيادة كليفلاند، يمكنك التخلص من إدمان السكر في غضون 10 أيام.
التغلب على الآثار الجانبية
إليك بعض النصائح المفيدة للتخلص من الآثار الجانبية أو تقليل أعراضها:
أقلع عن تناول السكر فورًا
قد تساعدك إزالة السكر من نظامك الغذائي تدريجيًا على تخفيف شدة الأعراض، مع استمرارها مدةً أطول، لكنك إذا تخليت عن السكر فورًا فستتأقلم في غضون مدة قصيرة، وستنتهي الأعراض بسرعة. ولتفعل ذلك عليك الامتناع عن كل أشكال السكر، إضافةً إلى تلك الموجودة في الأطعمة المعلبة والمشروبات المُحلاة والدقيق الأبيض.
أكثر من تناول البروتينات
يخلصك إضافة البروتين إلى الوجبات من الجوع وانخفاض مستويات الطاقة، ويساعدك على تجنب اشتهاء الحصول على قطعة حلوى أو أي بديل آخر يحتوي السكر. تناوَل السمك والدواجن وقطع اللحم الخالية من الدهن، وأضف إلى غذائك الخضراوات والمكسرات والبذور الغنية بالبروتين وجباتٍ خفيفة.
تناول الأغذية الغنية بالألياف
إن تناوُل الخضراوات الغنية بالألياف كالفاصوليا والبقوليات يقيك الجوع، ويساعد على التحكم في نسبة السكر في الدم، ويجنبك الآثار الجانبية كالصداع والغثيان والرغبة في الطعام.
أكثر من شرب الماء
يساعدك ترطيب جسدك على الشعور بالتحسن عمومًا، ويحافظ على انتظام عملياتك الحيوية، ذلك مهم خصوصًا عند الإكثار من تناول الألياف التي قد تسبب الإمساك. شرب كمية كافية من الماء ضروري لحركة البراز عبر الجهاز الهضمي وإبقائه لينًا.
يخلط جسمك بين العطش والجوع غالبًا، وظف هذا لمصلحتك، فقد يساعدك شرب كوب من الماء على مقاومة رغبتك الشديدة في تناول الطعام.
تجنب المُحليات الصناعية
قد يبدو استبدال السكر بالمحليات الصناعية فكرةً جيدةً، لكنه قد يضيع جهودك، وجدت دراسة أن المحليات الصناعية تزيد الرغبة في الحصول على السكر، فالابتعاد عن الأطعمة المُحلاة -حتى تلك الخالية من السكر- هو أفضل طريقة لاستبعاد السكر من نظامك الغذائي تمامًا.
اضبط أعصابك
تشير الأدلة إلى أن الإجهاد يؤثر في اختيارك للطعام ويزيد شهيتك لتناول الحلويات، فالسكر له تأثير مهدئ في هرمونات الإجهاد، ما يفسر زيادة رغبتك في تناوله عند الشعور بالتوتر.
يساعد التحكم في التوتر على إزالة السكر من النظام الغذائي، والسيطرة على رغبتك في الطعام. توجد طرق بسيطة لتخفيف التوتر كالمشي أو التحدث إلى صديق أو قراءة كتاب.
ممارسة الرياضة
تزيد التمارين الرياضية من الحيوية وتقلل الإجهاد، ما يساعد على مكافحة أعراض الإقلاع عن السكر كالتعب وانخفاض مستويات الطاقة والجوع.
تشير دراسة إلى أن فترات قصيرة من التمارين، كالمشي السريع 15 دقيقة، تُقلل من الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة المحلاة. استشر طبيبك قبل البدء في ممارسة الرياضة.
اشرب عصير الخضراوات
قد يساعد مشروب الخضراوات على تقليل الشهية لتناول السكر، وجدت دراسة أن تناول مشروب يحتوي على 5 غرامات من خلاصة السبانخ قبل الإفطار صباحًا، يؤدي إلى انخفاض الرغبة في الأطعمة الحلوة والدسمة من اليوم الأول.
يمكنك صنع مشروب السبانخ الخاص بك باستخدام مستخلص السبانخ، أو المسحوق المتاح في المتاجر، أو تناول مستخلص السبانخ المعلب، احرص على اقتناء المنتجات الخالية من السكر أو المحليات الصناعية مثل:
- مسحوق (كويا) العضوي بالسبانخ.
- (هاواي فارم)، مستخلص سائل السبانخ بدون كحول.
- كبسولات خلاصة السبانخ (تيرا فيتا 1:4).
خذ قسطًا كافيًا من النوم
تؤدي قلة النوم إلى تفاقم أعراض التخلص من السكر، كالتعب والنهم والاكتئاب، وتزيد الرغبة في تناول السكر وغيره من الأطعمة غير الصحية.
يرتبط النوم الجيد ليلًا بـ:
- تحسن اختيارات الطعام.
- تقليل الضغط العصبي.
- الحيوية والنشاط.
- تحسين التركيز والذاكرة.
للتمتع بنوم أفضل يُنصح بتجنب قيلولة النهار، مع الحرص على النوم في الوقت نفسه كل ليلة.
تناول الأطعمة المُرة
وجدت دراسة أن تناول الأطعمة المرة يغلق مستقبلات الدماغ المسؤولة عن رغبتنا في تناول السكر، فالطعام المر يبطئ امتصاص السكر، ويساعد على تنظيم مستوياته في الدم، ما يجنبك العديد من الآثار الجانبية.
يمكنك صنع الطعام المر الخاص بك، أو استهلاك القهوة أو الجرجير أو البروكلي.
تقبل احتمالية الخطأ
التخلص من السكر ليس سهلًا، فلا تلم نفسك إن أخطأت، اكتب ما يحفزك للاستمرار، وضع أمام عينيك هدفًا هو التخلي عن السكر، وكن واثقًا من نجاحك في التحدي.
إذا استسلمت للإغراء، فابدأ مرةً أخرى، تعلم من زلاتك لتتجنب الوقوع في الفخ نفسه مجددًا. إن لم تستطع مقاومة إغراء السكر خلال أوقات معينة، فضع جدولًا يتضمن أنشطة تبقيك مشغولًا خلال تلك المدة، أو حضِّر وجبات خفيفةً عالية البروتين والمياه لتساعدك على تخطي الأمر.
الخلاصة
يمكنك توديع السكر وسمومه إلى الأبد، دون المرور بأعراض قاسية مع بعض التحضير والقليل من الصبر، وستشعر بتحسن ملحوظ. تذكر أنك ستواجه أعراضًا مؤقتة، لكنك ستجني فوائد تستحق المعاناة.
اقرأ أيضًا:
كيف يؤثر ما نتناوله من سكر على الجسم والدماغ؟
كل ما تريد معرفته عن مرض السكري
ترجمة: عبد الكريم زايدي
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين