لطالما اشتهرت القطط بانعزالها، لكن إن كنت تجد صعوبة في التواصل مع صديقك السنوري، ربما تكمن المشكلة في أنك لا تتحدث لغته على الإطلاق.

لا داعي للقلق! ففي عام 2020، كشف بحث علمي أن الأمر أسهل مما يبدو. كل ما تحتاج إليه هو الابتسام لقطتك، ولكن ليس على طريقة البشر! فالقطط لا تحب الابتسامة التي تكشف عن الأسنان، بل تفضل نوعًا آخر من الابتسامة: تضييق العينين مع طرفٍ بطيء يشبه همسة سحرية.

أثبت العلماء عن طريق مراقبة تفاعلات البشر والقطط أن هذه الحركة البسيطة، وتلك النظرة الحالمة المغمورة بالهدوء تجعل القطط، سواء أكانت مألوفة أم غريبة، أكثر ودًا وأقرب إلى البشر. تقول كارين ماكومب، عالمة النفس بجامعة ساسكس: «من الرائع أن نثبت علميًا، كيف يمكن للبشر والقطط أن يتواصلوا بهذه الطريقة الغامضة».

وتضيف بحماسة: «لطالما شك الكثير من أصحاب القطط في أن هذه الحركة تحمل معانٍ خفية، ومن المثير أن نجد دليلًا يؤكد هذا الظن».

من يمضي وقتًا بين القطط، فلا بد له أن يُلاحظ تعبيرها الفريد: عيون نصف مغلقة وطرف بطيء كأنها تلقي تحيةً حانيةً أو تشارك ابتسامةً راضيةً. وقد فُسّر هذا السلوك على أنه “ابتسامة القطط”، طريقة خاصة بها للتعبير عن الراحة والرضا.

وقدرة البشر على تقليد هذا التعبير لتوثيق علاقتهم مع القطط هو الأمر الأكثر إثارة للدهشة! وهو الذي دفع فريقًا من علماء النفس لتصميم تجربتين، بهدف اختبار ما إذا كانت القطط تتفاعل على نحو مختلف مع البشر الذين يستخدمون “الطرف البطيء”.

في التجربة الأولى، طُلِب من أصحاب 21 قطًا من 14 أسرة الجلوس على بُعد متر واحد من قططهم، والنظر إليها بعيون تضيق ببطء عندما تُقابل نظراتهم. سجّلت الكاميرات تلك اللحظات السحرية، والنتائج؟ ولقد كانت القطط أكثر استعدادًا لتبادل الطرف البطيء مع البشر مقارنة بوضع عدم التفاعل.

أما التجربة الثانية، فقد توسّعت لتشمل 24 قطًا من 8 منازل. لكن هذه المرة، تولّى الباحثون الغرباء عن القطط مهمة الطرف. وأضافوا حركة اليد الممدودة دعوةً للتفاعل. والمفاجأة؟ لم تتجاوب القطط بالطرف فقط، بل اقتربت أيضًا بثقة أكثر إلى يد الإنسان.

تقول ماكومب: «هذه الدراسة هي الأولى التي تستكشف دور الطرف البطيء في التواصل بين القطط والبشر».

لست بحاجة إلى أن تكون عالمًا لتجرّب هذا بنفسك! اجلس بهدوء أمام قطتك، ضيّق عينيك بابتسامة حالمة، وأغمض عينيك لبضع ثوانٍ. ستجد قطتك تستجيب لك بالطريقة نفسها، وكأنكما تخوضان محادثة سرية.

صحيح أن الكلاب تُظهر عواطفها بحماسة أكثر من القطط، لكن هذه الأخبار ليست غريبة على عشاق القطط. فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن أصدقاءنا من القطط أكثر انسجامًا مع البشر مما كنا نظن، بل وربما أكثر من الكلاب في بعض النواحي!

فلا تكتفي القطط بتقليد شخصيات من يعيشون معها، بل يمكنها تمييز أسمائها (حتى لو تجاهلتها غالبًا)، وتشعر بحزنهم، وتعكس تعبيراتهم، ما يجعل روابطها معنا أكثر عمقًا مما نظن.

لا يزال سبب قيامها بالطرف البطيء مجهولًا تمامًا، هل هو إشارة إلى النوايا الحسنة لتجنّب تهديد التحديق المباشر؟ أم أنه وسيلة طورتها القطط لاسترضاء البشر؟ في كلتا الحالتين، يبدو هذا السلوك وسيلةً رائعة لتعزيز الروابط بين البشر والقطط.

تختتم الباحثة تاسمين همفري من جامعة ساسكس قائلة: «إن فهم طرق التفاعل الإيجابية بين البشر والقطط يفتح آفاقًا لفهم قدرات هذا الكائن الغامض فهمًا أفضل، ما يعزز رفاهيته في البيئات المنزلية والبيطرية».

اقرأ أيضًا:

أكثر من مجرد مواء، كيف تساعد البكتيريا القطط على التواصل؟

هل تسرب الحيوانات معلوماتك الخاصة إلى الخارج؟

ترجمة: آية عبد الفتاح

تدقيق: مؤمن محمد حلمي

مراجعة: باسل حميدي

المصدر/