تعدّ النار من أقدم اكتشافات الجنس البشري وفي نفس الوقت من أخطر التهديدات التي تواجهنا، حيث أن النار يمكن أن تدمر في غضون دقائق منزلًا أو عملًا استغرق إنشاؤه عقودًا، ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة لأساليب إخماد الحرائق، العديد من المباني اليوم مجهزة بطفايات الحريق (fire extinguishers)، ولكن السؤال هنا هو لماذا توجد عدة أنواع منها؟ ما الذي تفعله هذه الطفايات للحرائق؟ وكيف تعمل بالضبط؟
ما هي النار؟
إن جواب معظم الناس عن هذا السؤال سيكون: هي شيء مروع مولع بالتدمير يحتوي على ألسنة لهب، ولكن بالنسبة للعلم فالنار شيء أكثر دقة؛ فالنار هي ردّ فعل كيميائي يدعى الاحتراق، عندما يحدث الاحتراق فإن المواد كالخشب، والورق، والزيت، والفحم (وكل ما هو كيميائي حتى لو لم تفكر به بهذه الطريقة) تتفاعل مع الأكسجين في الجو لتنتج الماء وثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى والكثير من الحرارة.
لا يحدث الاحتراق عادة من تلقاء نفسه، فحتى تبدأ المواد في الاحتراق فهي بحاجة مساعدة وعادة يتم ذلك بواسطة بعض الطاقة كشرارة صغيرة أو كبريت لتحريض رد الفعل، وبعد بداية الاحتراق ستكمل النار مسيرها بنفسها.
ما هو مثلث النار (مثلث الحريق)
عليك أن تضع حدًا لأحد أطراف العملية، الحرارة (Heat)، أو الأكسجين في الهواء (Air) أو الوقود (Fuel) لتكسر مثلث الحريق وتوقف النار.
على الرغم من أن هذا غير صحيح تمامًا، فإن النار تشتعل إذا اجتمعت هذه العوامل الثلاثة في نفس المكان والزمان:
- الوقود (أي شيء قابل للاشتعال كالخشب أو الفحم).
- الأكسجين (عادة من الهواء).
- الحرارة.
وكما يخبرنا رجال الإطفاء، فإن النار ستتوقف إذا أزلنا واحدًا من هذه العناصر. لنتخيل أنّ نارًا اشتعلت في المقلاة على الفرن الخاص بك، الأمر الطبيعي أن أول شيء ستفعله هو إيقاف تدفق الحرارة سواء كان الغاز المشتعل أو السخان الكهربائي.
إن لم ينجح ذلك في إيقاف النار فعليك أن تغرق منشفة في الماء وتضعها بحذر فوق المقلاة لتتسبب بقطع الأكسجين عن النار والماء يمنع اشتعال المنشفة (الأمر الذي من الممكن أي يجعل الوضع أسوأ)، أي شيء من الممكن أن تفكر به يجب أن يتضمن إزالة واحد من هذه العوامل وفي بعض الأحيان أكثر من واحد.
أنواع طفايات الحريق
بعض الطفايات فيها مقياس ضغط في الأعلى ليمكنك ذلك من فحص حالتها وما إذا كانت جاهزة للاستعمال، إذا كان الضغط عالٍ جدًا أو منخفض جدًا ستتحرك الإبرة نحو المنطقة الحمراء، في هذه الطفاية التي تعتمد على المسحوق الجاف الإبرة في المنتصف، تزيد عن الضغط الجوي بحوالي 14 مرة (الضغط الجوي هو ضغط الهواء الطبيعي حولنا).
هنالك ثلاثة أنواع تصنف حسب ما تحتويه، ويعمل كل منها بشكل مختلف قليلًا:
- طفايات الحريق المعتمدة على الماء (Water extinguishers): الأكثر انتشارًا، وهو بشكل أساسي خزانات تحتوي على الماء مع بعض الهواء المضغوط ليعمل على دفع الماء، يعتمد هذا النوع على إزالة الحرارة من المصدر.
- طفايات الحريق المعتمدة على المواد الكيميائية الجافة (Dry chemical extinguishers): خزانات تحتوي على رغوة أو مسحوق جاف مع النيتروجين المضغوط ليعمل على دفع هذه المواد، يعمل هذا النوع على خنق النار حيث يغطيها ويقطع عنها الأكسجين المحيط بها فتتوقف.
- طفايات الحريق المعتمدة على ثاني أكسيد الكربون CO2 (Carbon dioxide extinguishers): يحتوي هذا النوع على مزيج من ثاني أكسيد الكربون الغاز والسائل، وهو غاز غير قابل للاشتعال يتواجد في درجة حرارة وضغط الغرفة، ويجب تخزينه في ضغط أعلى لجعله سائلًا، عند تحرير الضغط ينطلق الغاز ويشكل غيمة بيضاء ضخمة، يهاجم الكربون مثلث النار بطريقتين فهو يخنق الأكسجين ويزيل الحرارة لأنه بارد.
وتصنف أيضًا الطفايات حسب أنواع الحرائق التي تستخدم عليها فنجد خمسة أنواع
- طفايات الحريق باللون الأخضر: للخشب، والقماش، والورق.
- طفايات الحريق باللون الأحمر: للسوائل القابلة للاشتعال مثل النفط، والبنزين، والطلاء.
- طفايات الحريق باللون الأزرق: للمعدات الكهربائية والأدوات.
- طفايات الحريق باللون البرتقالي: للمعادن القابلة للاشتعال.
- طفايات الحريق باللون الأسود: للزيوت الحيوانية أو النباتية أو حوادث الطبخ.
من المهم جدًا استعمال النوع للمناسب للحريق؛ فاستعمال النوع الخطأ من الممكن أن يتسبب بخطر على حياتك أو يزيد من انتشار النار أكثر، مثال: لا تستعمل طفايات المياه على الأجهزة الكهربائية فمن الممكن أن تتسبب بصعق نفسك أو الناس من حولك، وإذا شككت بقدرتك على معالجة النار اتركها واذهب إلى مكان آمن.
كيف تعمل طفايات الحريق؟
من الداخل، تشبه طفايات الحريق البخاخ (كعبوة العطر أو معطر الجو) ولكن بحجم ضخم ويحتوي غالبًا على نوعين من المواد المختلفة، أحدهما صلب أو سائل أو غاز مجهز لمكافحة الحريق، والآخر يسمّى الدافع ويكون عبارة عن عنصر كيميائي مضغوط مهمته دفع عنصر مكافحة الحريق عند الضغط على المقبض. في المرة القادمة التي ترى فيها طفاية حريق خذ نظرة عن كثب لتلاحظ كم هي عبوات فولاذية قوية، وذلك بسبب عنصر الدفع الموجود بداخلها تحت ضغط عالٍ فهي بحاجة لتكون قوية كالقنابل لمنع انفجارها.
الطفايات المعتمدة على الماء (Water extinguishers)
الطفايات التي تعتمد على الماء أشبه بمسدس ماء كبير، ولكن بدل أن تستخدم ضغط إصبعك لإطلاق الماء فإنها تستعمل الضغط الذي يسببه الغاز المحاصر بداخلها.
https://cdn4.explainthatstuff.com/how-fire-extinguisher-works.gif
- حلقة أو مشبك على المقبض تمنع انطلاق الماء عن طريق الخطأ كما تعمل كأداة وقاية من العبث: إذا تم فقدان هذا الجزء فيجب فحص وإصلاح الخلل.
- داخل الجسم الأسطواني الصلب القوي هناك علبة تحتوي على غاز ذو ضغط عالي.
- معظم الطفاية من الداخل مليء بالماء.
- أنبوب يمتد داخل الهيكل الأسطواني وينتهي بفوهة نحو الخارج.
- تنتهي الفوهة غالبًا بقطعة مرنة من البلاستيك لتتمكن من توجيهها بسهولة نحو مصدر النار.
- لتشغيل الطفاية اسحب الحلقة واضغط على المقبض.
- يؤدي الضغط على المقبض إلى فتح الصمام (يظهر في الصورة كسهم أخضر) الذي يقوم بإطلاق الغاز المضغوط من العلبة.
- ينتشر الغاز بشكل فوري ويملأ الطفاية مسببًا بذلك إطلاق الماء إلى الخارج.
- يتم رفع الأنبوب بينما يتدفق الماء نحو الخارج.
- في هذه المرحلة تخرج نافورة ماء من الفوهة.
الطفايات المعتمدة على ثاني أكسيد الكربون (Carbon dioxide extinguishers)
الفرق الوحيد الذي يمكن ملاحظته بين الطفايات التي تعتمد على الكربون والتي تعتمد على الماء هو القرن الأسود الكبير مخروطي الشكل الذي يسمح لثاني أكسيد الكربون بالانتشار والتبريد والتحّول إلى مزيج من الثلج والغاز، يجب تصميم القرن بشكل دقيق جدًا لتفادي مشكلتين كبيرتين: حيث يجب أن يسمح لثاني أكسيد الكربون بالخروج بسرعة كبيرة لمنع أي قطعة ثلج كبيرة من عرقلته، كما يجب خلط الغاز بطريقة مضطربة إلى حدّ ما لمنع إخراج الهواء من القرن باتجاه النار (مما سيزيد من قوة النار)، هذا التصميم النموذجي جاء من براءة اختراع لمعدات بروكس (Brooks Equipment) في السبعينات ويحل كلا المشكلتين
https://cdn4.explainthatstuff.com/how-co2-fire-extinguisher-works.png
- خزان يحتوي على ثاني أكسيد الكربون السائل المضغوط.
- صمام.
- الزناد.
- قرن تفريغ مصنوع من بلاستيك يصمد في درجات حرارة منخفضة دون أن ينكسر.
- أربطة معززة ملفوفة حول القرن وفق أبعاد معينة.
- حلقة مجهزة بمسمار رفيع مهمتها تثبيت القرن.
بينما يدخل ثاني أكسيد الكربون في القرن يدور حوله في تدفق مضطرب (الأسهم البرتقالية) ويشكل الثلج (النقط البرتقالية) والغاز، يوقف هذا التدفق المضطرب تشكل مناطق من الهواء في القرن والتي بدورها تمنع انطلاق الهواء أسفل القرن باتجاه الحريق.
- ترجمة: أسامة ونوس
- تدقيق: دانه أبو فرحة
- المصدر