في عام 2005، لم يكن بمقدور أحد استعراض فيلمٍ بشكلٍ مباشر من الإنترنت على هاتفه النقال في خيمة على مرتفعات روكي، لم يكن ذلك ممكنًا حتّى انتشار شبكات الجيل الرابع 4G والتي مكّنت الناس حول العالم من إرسال واستقبال البيانات بحجم كبير على هواتفهم النقالة في الأماكن النائية.
الآن وبفضل تقنية الجيل الخامس 5G ستصبح الشبكات الرقميّة أسرع.
نرمز بـ 5G للجيل الخامس لأنظمة اتصال الهواتف اللاسلكيّة، وهي طريقة تتيح للأجهزة النقالة والثابتة بإرسال البيانات واستقبالها بسرعة كبيرة دون الحاجة لأن تكون موصلةً إلى مقبسٍ في حائط منزلك أو عملك.
ولربما ستُتيح هذه التقنية إمكانيّة تشغيل السيارة دون سائق، أو توصيل الطلبات في طائرات بدون طيار، ومن الممكن حتّى أن تجعل تقنية الـ WiFi شيئًا من الماضي.
قبل أن تسرع في شراء هاتفٍ ذكي يدعم تقنية 5G، عليك أن تعلم بأنّ هذه التقنية ليست موجودة على أرض الواقع بشكل رسميّ، ولن يكون بمقدور معظم الأمريكيين الاتصال بها حتّى حلول العام 2019 تقريبًا.
تستثمر الشركات الضخمة – مثل “Samsung”، “Nokia”، و”AT&T” – أموالًا طائلةً في هذه التقنية، ويأملون بإنشاء شبكة اتصالٍ قادرة على تأمين سرعات تنزيل تصل حتى 10,000 ميغابت في الثانية، أيّ أنها ستكون أسرع ثلاث مرات من شبكات الجيل الرابع 4G.
هل تذكر حين تطلّب تنزيل ملف صوتي بحجم 5 ميغابايت 15 ثانية على شبكات الجيل الثالث حتّى تُنجَز العمليّة، الآن ووفق تقنية الجيل الخامس 5G ستتمكن من تنزيل فلمٍ كامل في غضون لحظات فقط.
وكما هي العادة، في كل عقد تقريبًا، تكشِف شركات الاتصال عن معايير الاتصال اللاسلكيّة الجديدة ومن ثمّ تعمل على بناء البُنى التحتيّة اللازمة لها لجعلها حقيقة.
- تقنية الجيل الأول في العام 1982
- تقنية الجيل الثاني في العام 1992
- الجيل الثالث في العام 2003
- الجيل الرابع في العام 2012.
لا تقوم شركات منفردة بتحديد معايير الاتصال، وعند الحديث عن الجيل الخامس 5G، فإنّ مجموعةً من الشركات تُدعى (الجيل القادم من شبكات الهواتف النقالة -Next Generation Mobile Networks) – وهي اتحاد بين شركات عديدة جمعت المهندسين، والباحثين، ومصنعي العتاد الصلب، ومشغلي خدمات الهواتف النقالة – تجتمع بهدف تطوير نظام اتصال الجيل الخامس 5G.
وعلى الرغم من أنّ معيار الاتصال لم يُطَوَّر بشكلٍ كامل، فإنّ تقنية الجيل الخامس ستعتمد غالبًا على تحسين الجيل الرابع بعدّة طرق.
على شبكات الجيل الخامس أن تؤمّن إرسال واستقبال بيانات أكبر بكثير من التي تؤمنها تقنية الجيل الرابع، وأن تكون قادرة على ضمّ عددٍ أكبر من المستخدمين دون المراهنة على سرعة أو جودة الاتصال – كما هي الحال الآن في التجمعات الكبيرة للمستخدمين في الملاعب والمسارح الضخمة – إذ تنخفض سرعة الاتصال بنسبة كبيرة وذلك بهدف تأمين الاتصال لجميع المستخدمين.
كما يجب على تقنية الجيل الخامس أن تستهلك قدرًا أقل من الطاقة مقارنةً مع 4G، لذا ومن المفترض أن يتحسّن عمر البطاريّة في هاتفك النقّال.
وعليها أن تندمج بسلاسةٍ مع أجهزة (إنترنت الأشياء – Internet of things) والتي يزداد عددها بشكل دراميّ يومًا بعد يوم، وهذا بفضل انخفاض أسعار الحساسات المدمجة فيها، يضمّ ذلك جميع السيارات الذكية والطائرات بدون طيّار وحتّى الأبواب الذكيّة.
إنّ كل ذلك مجرد بداية فقط، إذ تمتلك تقنية الجيل الخامس إمكانيات أكبر بكثير، ولفهمها علينا أن نستعرض بشكل مختصر آليّة عمل الهواتف الخلويّة.
إنّ الهواتف الخلويّة عبارة عن أجهزة اتصال راديويّة باتجاهين، فهي تحوّل صوتك -بيانات تماثليّة- إلى شكل بيانات رقميّة وترسلها عبر الموجات الراديويّة، وبالطبع يمكن للهواتف الذكية أن ترسل وتستقبل بيانات الإنترنت أيضًا ما يمكنّنا من تصفح الإنترنت أثناء تنقلنا في شوارع المدينة.
وبسبب كون عدد الترددات الراديويّة محدودًا، وعدد المستخدمين كبيرًا جدًا، تُقسِّم الأنظمة الخلويّة المناطق الجغرافيّة إلى خلايا تتداخل مع بعضها البعض، بحيث أنّ ركوبك في السيارة وسيرك بها سينقل هاتفك الخلويّ من برج لآخر، وبهذه الطريقة يمكن إعادة استخدام نفس التردد ضمن المدينة أكثر من مرة دون نفاذ الترددات المستخدمة وحرمان بعض المستخدمين من الاتصال أو خفض جودة اتصالهم.
اليوم، تمتلك العديد من المناطق خدمة الجيل الرابع “4G-LTE” والذي يُعتَبَر المعيار الأسرع، إذ يُتيح للمستخدمين استعراضًا مُباشرًا للصور والفيديوهات عالية الدقة دون أزمنة تأخير.
إنّ الانتشار الواسع للأجهزة الخلويّة شجّع الناس على استهلاك بياناتٍ أكبر، بشكل فيديو أو صور على أجهزتهم، ولكنّ هذه الأجهزة تستخدم نفس مجال الترددات لطَيْف الترددات الراديويّ التي استخدمتها الهواتف الخلويّة لوقتٍ طويل.
وللحؤول دون نفاذ هذه الترددات، بحثت شركات تشغيل الهواتف في استخدام الموجات الميليمتريّة عِوضًا عن الموجات الراديويّة في تقنية الجيل الخامس 5G.
تُقاس الموجات الراديويّة بطولها الموجيّ (wavelength)، فكلّما قَصُر الطول الموجيّ ازداد التردد.
ستَستَخدِم شبكات الجيل الخامس الترددات المحصورة ما بين 30 إلى 300 غيغاهرتز والتي تُقاس بالميليمتر، ولذا تعتبر 5G تقنية الموجات الميليمتريّة.
الترددات العالية لهذه الإشارات جديرة بالملاحظة، إذ ستكون تقنيات الجيل الخامس 5G قادرة وبشكلٍ مذهل على تأمين سرعة نقل بيانات كبيرة جدًا.
سلبيات هذا الأمر هي أنّ الترددات العالية جدًا ضعيفة في اختراق العوائق كما أنّ مداها أقل، ما يعني أنّنا بحاجة لعددٍ أكبر من الأبراج لنفس المنطقة، وعلى الهاتف النقال أن يكون قريبًا من البرج لتكون سرعة الاتصال بصورتها الأفضل.
بالإضافة لجميع ما سبق ستُخفِّض 5G من ما يعرف بـ”Latency” وهو زمن التأخير بين الأجهزة المتصلة مع بعضها البعض، وهو يساوي 70 ميلي ثانية في شبكات الجيل الرابع، لكنّه أقل من واحد ميلي ثانية في شبكات الجيل الخامس 5G.
- ترجمة: عصام خلف
- تدقيق: آية فحماوي
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر