منذ قديم الزمان تحير الأطباء بشأن تفسير أسباب السرطان، وألقى المصريون القدامى اللوم على الآلهة.
نظرية الأخلاط
افترض أبقراط أن الجسم مكون من 4 أخلاط (سوائل الجسم): الدم والبلغم والمُرة الصفراء والمُرة السوداء. عندما تكون الأخلاط متوازنة يكون الشخص سليمًا، وساد الظن بأن زيادة أي خلط منها أو نقصانه يسبب المرض، وأن وجود السوداء في مواقع معينة من الجسم يسبب السرطان. نقل الرومان هذه النظرية وتبناها المنهج الطبي للطبيب المؤثر جالينوس، الذي استمر مقياسًا لا اعتراض عليه خلال العصور الوسطى، أكثر من 1300 سنة. خلال هذه الفترة حُرّمت دراسة الجسم متضمنةً التشريح لأسباب دينية، ما حدّ من تطور العلوم الطبية.
النظرية اللمفاوية
حلت نظرية تشكل السرطان بفعل سائل آخر من سوائل الجسم المسمى «اللمف» محل نظرية الأخلاط لتفسير السرطان. ساد الظن بأن الحياة قائمة على حركة سوائل الجسم المستمرة المتناسبة عبر الأجزاء الصلبة، وكان الدم واللمف أهم سوائل في الجسم. فسر ستال وهوفمان تشكل السرطان بسبب تخمّر اللمف المتحلل المتفاوت في الكثافة والحموضة والقلوية. حازت نظرية اللمف دعمًا سريعًا، إذ اتفق الجراح الأسكتلندي جون هانتر منذ عام 1700 على نشأة الأورام من اللمف رئيسيًا وانتشارها عبر الدم.
نظرية الخلايا الجذعية
وصف عالم الأمراض الألماني يوهانس مولر عام 1838 تشكُل السرطان من الخلايا، لا اللمف، لكنه ظن أن السرطان لا يتشكل من خلايا طبيعية. اقترح مولر تطور خلايا السرطان من براعم ناشئة -جذعية- بين النسيج الطبيعي. وصف تلميذه رودولف فيرشو (1821-1902)، عالم الأمراض الألماني المشهور، إن كل الخلايا ومنها الخلايا السرطانية مشتقة من خلايا أخرى.
نظرية التهيج المزمن
اقترح فيرشو إن التهيج المزمن يسبب السرطان، لكنه ظن خطأً أن السرطانات تنتشر مثل السائل. أظهر الجراح الألماني كارل تييرش عام 1860 أن السرطانات تنتقل بانتشار الخلايا الخبيثة، لا السائل غير المحدد.
نظرية الصدمة
مع تطورات فهم السرطان في الفترة 1800-1920، ظن البعض أن الإيذاء بالصدمة يسبب السرطان، بقي هذا الظن سائدًا رغم فشل الصدمة في التسبب بالسرطان لدى حيوانات التجارب.
نظرية الأمراض المعدية
افترض الطبيبان الهولنديان زاوكوتوس لوسيتاني (1575-1642) ونيكولاس تولب (1593-1674) في الوقت نفسه تقريبًا إن السرطان مرض مُعدٍ. توصلا إلى هذا الاستنتاج اعتمادًا على تجاربهم مع سرطان الثدي للأشخاص من العائلة نفسها. نشر لوسيتاني وتولب نظرية العدوى عامي1649 و1652 تواليًا، واقترحا عزل مرضى السرطان، وفضلا أن يُعزلوا خارج المدن والبلدات بهدف منع انتشار السرطان.
ظن البعض خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر أن السرطان مرض مُعدِ، إذ أُجبر أول مستشفى للسرطان في فرنسا على الانتقال من المدينة عام 1779 بسبب خوف الناس من انتشار السرطان في المدينة. مع أن السرطان البشري غير معدِ، فقد تزيد بعض الفيروسات والجراثيم والطفيليات خطر تطور السرطان عند الإنسان.
نميّز اليوم مواد معينةً عديدةً تسبب السرطان ونتجنبها، مثل القطران ومشتقاته كالبنزين وبعض الهيدروكربونات والأنيلين -مادة تُستخدم لصنع الأصبغة- والأسبستوس والعديد من المواد الأخرى. إضافةً إلى أن الإشعاع من مصادر مختلفة متضمنةً الشمس يسبب السرطان.
للتحقق من السلامة العامة، وضعت الدول معايير أمان لعدة مواد متضمنةً البنزين والأسبستوس والهيدروكربونات في الهواء والزرنيخ في مياه الشرب والإشعاع.
اقرأ أيضًا:
العلاقة بين السرطان والعقد اللمفاوية
هل علاج السرطان أسوأ من السرطان نفسه؟
ترجمة: نغم سمعان
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين