يملك الآباء الكثير من المخاوف اليوم، لذا من السهل عليهم إغماض أعينهم والتظاهر بأن أمورًا سيئة –مثل الإساءة الجنسية– لن تحدث لأبنائهم. لكن الإساءة الجنسية على الإنترنت تتزايد بوتيرة متسارعة.
أعلنت الشرطة الفدرالية الأسترالية قبضها مؤخرًا على شبكة إجرامية ذات محتوًى جنسي متعلق بالأطفال، وحذرت: «إن استغلال الأطفال في أستراليا في تزايد مستمر، هذا النوع من الإساءة يصبح أكثر عنفًا ووقاحةً».
ولأننا نمضي المزيد من وقتنا على أجهزتنا خلال الحجر الصحي، فإن الخطر أشد الآن.
فمثلًا، حذرتنا تقارير الإعلام الحديثة من اختراق مكالمات زوم من قبل بعض المعتدين الذين عرضوا محتوًى تعنيفيًا للأطفال.
يبحث هذا المقال في وسائل حماية الآباء لأطفالهم من الإساءة الجنسية على الإنترنت بناءً على عملنا في اختصاص التربية وسوء المعاملة. وننظر في جزء منفصل أيضًا في كيفية حماية الأطفال من الإساءة الجنسية في الحياة الواقعية.
ما مدى شيوع الإساءة الجنسية على الإنترنت؟
تحدث الإساءة الجنسية على الإنترنت بطرائق متعددة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية والمواقع وتطبيقات شتى مثل الواتساب والسناب شات والإنترنت المظلم.
تتضمن عمومًا طلب محتوًى جنسي من الطفل أو إرسال محتوًى جنسي إليه أو الابتزاز الجنسي (إكراه الأطفال أو خداعهم للحصول على محتوًى جنسي). بالإضافة إلى عرض محتوًى استغلالي/ اضطهادي للأطفال أو صنعه أو مشاركته (وهو ما يشار إليه أحيانًا بأفلام الأطفال الإباحية).
وجد استطلاع أجري عام 2018 على أكثر من 2,000 طفل في المملكة المتحدة أنه طُلب من طفل من بين سبعة أطفال إرسال معلومات جنسية. وطفل من بين 25 طفلًا في المدرسة الابتدائية (طفل من كل غرفة صفية تقريبًا) أُرسِل إليه أو عُرضت عليه صورة أو فيديو يحتوي على عري كامل أو جزئي من قبل بالغ.
من هم المسيئون؟
يندرجون في الغالب تحت لائحة رجال بيض ذوي انجذاب جنسي إلى الأطفال في مقتبل البلوغ. يختلف مسيئو الإنترنت عن المسيئين الواقعيين بأنهم ليسوا على اتصال فيزيائي بالأطفال ويستخدمون الإنترنت بمعدل أعلى ولديهم عادةً مستوًى تعليمي أفضل وعلى الأرجح لا يملكون تاريخًا إجراميًا سابقًا؛ كل ذلك لا يمنع وجودهم وإساءتهم.
وما يثير الاهتمام أن جزءًا من الإساءات الجنسية على الإنترنت تُرتكب من قبل مراهقين تحت سن 18 الذين يصنعون الصور الجنسية ويشاركونها.
تقدر الإحصائيات أن 16% من الأطفال الأستراليين بين عمر 10 و 19 تعرضوا للإساءة عبر المراسلة (محادثات جنسية) -رسائل أو صور بهدف جنسي صريح أو غامض اقتراحي- وأن 10% منهم يرسلونها.
تشارك بعض الصور بالتراضي بين الأقران في علاقة ما، ما لا يعد إساءة عمومًا. لكن عندما يمارس الإكراه لمشاركة المحتوى الجنسي يتحول ذلك إلى إساءة.
من هم الأطفال الأكثر عرضةً للخطر؟
إن الأطفال الأكثر عرضةً للإساءة على الإنترنت هم الأطفال الذين يملكون صحةً فيزيولوجيةً متدنية أو الأطفال اللذين تربطهم علاقات سيئة مع آبائهم أو اللذين يعانون من ثقة متدنية بأنفسهم أو أولئك الذين تعرضوا لأنماط أخرى من الإساءة.
وبالحديث عن العمر، فإن الفتيات بين عمر 11 و 15 عامًا هن الأكثر عرضةً للاستغلال، مع حدوث ذلك لأطفال أصغر.
إرشادات لحماية طفلك:
نقدم إليك بعض الخطوات العملية التي تستطيع اتخاذها لتقليل المخاطر التي يواجهها طفلك على الإنترنت ولمساعدته على استخدام الإنترنت بسلام.
تعتمد هذه النصائح على نماذج الإساءة على الإنترنت والعوامل المعروفة التي تضع طفلك في خطر أعظم أو أصغر.
- خذ حذرًا من الصور. راجع أولئك المسموح لهم بأخذ صور لأطفالك وأين تشارك صورك لتتحقق من ألا تُستخدم بطريقة خاطئة.
- تحدث عن الجنس أمام الأطفال والمراهقين بحرية لكي لا يلجؤوا للنصائح أو المعلومات على الإنترنت من أشخاص آخرين. قد يكون الأطفال الذين هم على دراية بالأمر أقل استهدافًا. تحدث تحديدًا عن الموافقة، وعن ماهية السلوك المقبول بين الأطفال وماهية المرفوض منه.
- تحدث عن المشاركة الآمنة للصور مع المراهقين. تندرج تحت ذلك المخاطر وراء مشاركتهم لصورهم بوضعيات مثيرة أو ملابس كاشفة. يجب أن تبدأ هذه المحادثة منذ الصغر وتتطور مع تقدمهم في العمر. الكثير من المحتوى المستغل للأطفال يُؤخَذ من قبل المراهقين أنفسهم أو من قبل أفراد قريبين من الأطفال ثم يُشارك بعد ذلك على نطاق واسع.
- تابع حياة أطفالك على الإنترنت وتعرف على أصدقائهم عبر الإنترنت. حول ذلك إلى روتين مثلما تفعل مع أصدقائهم الواقعيين. كن يقظًا للتغيرات وحذرًا من أصدقائهم المميزين. استمر بالتواصل معهم. استمع لتجاربهم.
- شجعهم على حضور ندوات المدرسة وبرامجها الوقائية. ثم تحدث مع أطفالك عن الدرس المستفاد لتعزز فهمهم وتجيب عن أي سؤال حول الموضوع.
- تحدث مع أطفالك حول كيفية الاستجابة للتلميح الجنسي أو الاقتراحات المرفوضة ومتى يجب عليهم استشارة بالغ. ابدأ حديثك بسؤالك لأطفالك عن مفهومهم للتلميح الجنسي وعن أنواع الأشياء التي قد يقولها البعض على الإنترنت. ثم فكروا معًا ببعض الطرائق الفعالة للاستجابة لهذه المواقف، كأن ينسحب المراهقون من المحادثة أو حظر المسيء، أو أن يقولوا شيئًا مثل «لا أود المشاركة في هذه المحادثة» أو «لا شكرًا، لست مهتمًا» لأي دعوة أو طلب.
- تحدث مع المراهقين عن أهمية الأمن على الإنترنت. يتضمن هذا الحد من الأشخاص القادرين على رؤية منشوراتهم أو مشاركتها. عليك أن تكتسب المهارات التكنولوجية اللازمة أولًا.
- كن على دراية بما يفعله طفلك على الإنترنت. راقب نشاطهم على الإنترنت عوضًا عن الاعتماد على التطبيقات التنظيمية الأقل كفاءةً.
- أبقِ الحاسوب في مكان مشترك. تحقق من أن استخدامهم للحاسب يكون في أماكن مشتركة ومفتوحة في المنزل وامنع استخدام المحمول في الليل. افعل هذا في سن مبكرة إذا استطعت واجعله نظامًا لئلا يعتقد المراهقون أنك لا تثق بهم.
- عزز ثقة طفلك بنفسه. إن الأطفال ضعيفي الثقة بأنفسهم هم الأكثر حساسيةً واستجابةً للاستدراج الإلكتروني المصمم لجعلهم يشعرون بالتميز.
- أمّن احتياجاتك. يكون الأطفال أكثر عرضةً للإساءة عندما يعاني الآباء مشاكل عقلية أو تعاطيًا للمخدرات. احصل على الدعم أو تحدث مع طبيبك عندما تحتاج إلى المساعدة.
المزيد من المصادر متاحة للآباء عبر Bravehearts و esafety.gov.au.
إذا كنت تظن أن طفلك ضحية للاستدراج أو الاستغلال، أو إذا صادفت محتوًى استغلاليًا، فبإمكانك الإبلاغ عنه عبر ThinkuKnow أو التواصل مع الشرطة المحلية.
اقرأ أيضًا:
ما هي علامات الإساءة العقلية والعاطفية؟
من هم أفضل الأزواج في التواصل الجنسي ؟
ترجمة: ربا كيال
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: آية فحماوي