تُعدّ الألعاب النارية طريقة رائعة للاحتفال بالمناسبات كلَيلة رأس السنة و (لَيلة البون فاير -Bonfire night) أو «Guy Fawkes Night» –وهي احتفال سنوي في بريطانيا في ٥ نوفمبر ويسمى أيضًا ليلة الألعاب النارية ، كذلك في الأحداث الرياضية الكبرى وأيام الاستقلال الوطنية ، أليس كذلك؟ لكن هذا ليس صحيح بالنسبة للكثير من الحيوانات الأليفة .
كلّ الحيوانات -الأليفة منها والبريّة- مُمتثِلة بفعل عملية التطور للفزع من الضجيج والأصوات الصاخبة والمخيفة. وهو رد فعل تلقائي للتهديدات مجهولة المصدر، ما قد يجعل الحيوان يشرد هاربًا قبل أن يُتاح لدماغه الوقت الكافي لتحليل ومعالجة المعلومات القادمة من الأُذُنين. الطريقة الوحيدة لتغيير رد الفعل هذا أو تحجيمه هي إمّا عبر التدريب أو الترويض (habituation) أو بواسطة تنحية وإزالة الحساسية (desensitisation) من الأصوات العالية.
من اليسير إدراك سبب اعتبار الألعاب النارية والرعود مخيفة للحيوانات؛ صوتها عالٍ ومفاجئ، وترسل أيضًا موجات صادمة خلال الهواء وعبر الأرض. فهي من ناحية تقنيّة تُنشّط (الاستجابة السمعيّة الإجفالية – auditory startle response). ولربما اعتقدتَ أنّ الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة الأخرى ستتقبّل الطبيعة المخيفة للألعاب النارية بشكل أفضل وذلك بسبب اعتيادها على الأصوات الصاخبة والمفاجئة، لكنّ الكثير من الكلاب والقطط يقضي ليلتيّ البون فاير ورأس السنة في حالة رهبة.
وجدت دراسة في المملكة المتحدة أنّ ما يصل إلى ٤٩٪ من المالكين يقولون إنّ كلابهم تخاف من الضوضاء، وكانت الألعاب النارية على رأس الأسباب، أمّا أصوات العواصف الرعديّة وطلقات البنادق فكانت في المرتبة الثانية. مع ذلك، قد لا تكون كلُّ الأخبار سيئةً عن الحيوانات الفزعة؛ بإمكاننا أحيانًا مساعدة حيواناتنا في التغلّب على الخوف أو منع تطوره وذلك من خلال تقنيّات التدريب وفنون التعامل والسيطرة. يمكنُ للكلاب والقطط التي تعرّضت بصورة صحيحة لأحداثَ مفاجئةٍ ومتنوعةٍ خلال الفترة المبكرة من حياتها ألّا تخشى هذه الأصوات المزعجة.
هل حقًا تستمتع الكلاب بجعلنا نشعر بحال أفضل؟ هذا ما يقوله العلم
الوقت الأنسب لاختلاط الكلاب مع البشر أو غيرها من الكلاب الأخرى وجعلها أكثر اعتيادًا على الأمور المرعبة هو الأسابيع الـ 12 الأولى من حياتها، والمعروفة باسم (فترة المعاشرة -socialisation period). أمّا بالنسبة للهرر الصغيرة فتكون هذه الفترة أقصر من ذلك حتى، أيّ خلال الأسابيع السبعة الأولى. وخلال هذه المُدّة الزمنية، هي بحاجة إلى الاعتياد على فكرة أنّ الأشياء غير المتوقعة والمزعجة والمشعّة والمربكة قد تحدث، وليس هناك ما يدعو للقلق. في حال تمكّنتَ من فعل هذا مع حيوانك خلال تلك الأسابيع الأولى الحاسمة، فمن المحتمل ألّا تعاني من أيّ مشاكل لاحقًا.
وإذا لم تفعل ذلك لأيّ سبب كان، أو ظَلّ حيوانك خائفًا رغم كل جهودك، فلا يزال بمقدورك فِعلُ بعض الأمور لمساعدته أثناء المفرقعات والرعود. غالبًا ما تشعر الكلاب والقطط بالأمان أكثر في حال توَفَّرت لديهم مساحة صغيرة ومغلقة للاختباء عند حالة الخوف؛ لذا فإن توفير وَكرٍ أو حجرة ما سيفي بالغرض. يمكن لتوفير هذا المكان أن يكون بسيطًا، إذ تكفي مجرّد مساحةٍ بين أريكتين أو منضدة عليها غطاء سرير متدلٍّ. تختبئ القطط غالبًا إمّا تحت السرير أو خلف الأريكة. وللحالات الشديدة للغاية، بإمكانك استشارة طبيبٍ بيطريٍّ لوصف علاج وللتوصية بمستشار سلوك الحيوانات الأليفة من أجل المساعدة على إزالة حساسيّة الحيوان لهذه الأصوات المزعجة. لا يتم هذا إلّا بواسطة إرشادٍ مهنيّ، إذ ستغدو الأمور أسوأَ إن لم تفعلها بالشكل الصحيح.
تأكد من وجود كلّ من القطط والكلاب داخل المنزل قبل انطلاق الألعاب النارية بهدف منعها من الفرار في حالة الذعر والضياع أو التعرّض للإصابة. في حال استطعت، من الأفضل البقاء في المنزل برفقتها لمنحها مزيدًا من الأمان وللمساعدة في الحفاظ على هدوئها. يمكن للحيوانات الأضخم -كالخيول- أن تكون أكثر صعوبة في التعامل؛ فردّة فعلها للأصوات العالية هي الركض قدر استطاعتها نحو الاتجاه المعاكس متجاهلةً كلّ ما يقع أمام ناظريها (كونها حيوانات تمتاز بسلوك الهرب). وكما الحال مع جميع الحيوانات، إزالة الحساسية للأصوات المزعجة مسبقًا هو الحل الأمثل.
يعدّ التعامل مع الخيول أثناء فعاليات الألعاب النارية أمرًا مُهِمًّا، لكن يَصعُب تحديد ما إذا كان الأنسب ترك الخيول خارجًا أم وضعها في الإسطبل. فبعضها يفضّل العَدْوَ في الهواء الطلق والبعض الآخر يشعر بالسكينة أكثر داخل الإسطبل. في كلتا الحالتين، من المهم للغاية التأكد أنّ الأسوار والسِياجات مؤمَّنة ولا تتسبب بجروح. يَضمَن المكوث جوار الخيول أيضًا بقاءها آمنة. نعلم عادة متى تكون حيواناتنا المنزلية خائفة، لكننا لا نرى الخوف الذي يغشى حيوانات المزرعة أو الحيوانات البريّة.
بإمكاننا مساعدة الحيوانات الأليفة في التغلب على خوفها بواسطة طمأنتها والترويح عنها بالتدريب وطرق الضبط، لكن هناك القليل مما يمكننا فعله للحدّ من محنة الحيوانات البرية. وإن كنّا حقًا أُمّة تحبّ الحيوان، فنحن بحاجة إلى وضع حدٍّ للمشاكل الناجمة عن الألعاب النارية. ربما تقليل مستوى الديسيبل (شدّة الصوت) إلى مستوى معقول أكثر، أو حتى استئصال دوي هذه الانفجارات كليًّا هو الحل. هل ستغدو الألعاب النارية أقلّ جمالًا لو كانت صامتة؟
ترجمة: لُبيد الأغبري تدقيق: نغم رابي