هل تشعر بالقلق والاضطراب في المناسبات الاجتماعية؟ هل تشعر بأنك تحت عدسة مجهر النقد والسخرية وأن من حولك ينتظر منك أن تلخبط أو تقول شيئًا محرجًا ليضحكوا؟ أنت لست وحدك، بل يوجد كثيرون مثلك! تقول المدونة كلوي برذريدج إن 15 مليون أمريكي بالغ يواجهون مشاعر القلق الاجتماعي. قد تكون المشاعر مزمنة، إذ تبدأ بالظهور مع بداية المراهقة، لكن كن مطمئنًا؛ لأن التحسن ضمن استطاعتك.
يستصعب بعض الناس التعامل مع مسببات القلق الاجتماعي. تقول الكاتبة عالمة النفس إيلين هندركسن في مقابلة مع موقع ذا فيرج: «أعرّف القلق الاجتماعي بأنه تضخيم التحسس الذاتي، أو صب انتباهك بأكمله على عيوبك، إنه رؤية ما يسبب لك الإحراج من عيوب وشخصية وأداء ومظهر تحت عدسة المكبر. يشعرك القلق الاجتماعي بأن كبرى عيوبك على وشك أن تنفضح لكل من حولك؛ ما يدفعك إلى الرغبة في الهرب وإيجاد طريقة للاختباء من العار».
قد يكون مفيدًا إدراك أن القلق الاجتماعي ليس أمرًا سيئًا بالمطلق! إذ تشبِّهه هندركسن بالباقة المشتملة على مختلف الصفات. فإن الحساسية الذاتية المفرطة التي تشعر بها نتيجة القلق الاجتماعي تظل جزءًا مفيدًا من شخصيتك، جزءًا متأصلًا في المعايير الصارمة والاهتمام بالآخرين، وهو الرغبة في تقديم التعاطف والعون. وصفت هندركسن الأشخاص الذين يعانون القلق الاجتماعي بالماهرين في الإصغاء والتعاطف، المتحفزين لبناء علاقات جيدة مع الآخرين. قد يكون القلق الاجتماعي أيضًا الرغبة في إبداء التعامل المثالي الأنيق مع الناس.
وفوق ذلك، يمكنك تعلم مهارات عملية للتحكم في القلق الاجتماعي. لاحظ في البداية التوقعات السلبية حول التعاملات الاجتماعية التي تحفز مشاعر الخوف والعار. ما السيناريو الاجتماعي الذي سيفضح عيوبك ويشعرك بالإهانة؟ ما الحدث الذي تخشى وقوعه؟ قد تكون الأفكار المقلقة حول التعاملات الاجتماعية مبنية على معتقدات غير مكتشفة عن مخاطر الاحتكاك بالبشر.
جرب هذا التمرين باستخدام الورقة والقلم لتميز مصادر القلق الاجتماعي. اكتب الأسئلة التالية وأجب عنها:
ما الأحداث التي تخشى وقوعها عند التعاملات الاجتماعية؟
من الذي سيسخر منك أو يزدريك؟
ما الشيء الذي تخشى أن يُقال عنك؟
بعد أن تتوضح لديك مخاوفك المسببة للقلق الاجتماعي، يمكنك فحصها. ربما تخشى أن يضحك الناس ساخرين منك. اسأل نفسك: ما مدى تكرار الحدث الذي أخشاه؟
هل وقع الحدث من قبل وكان بالشدة النفسية التي أخشاها؟
متى؟ ومن كان شاهدًا على الموقف؟
هل سيتوقف الأشخاص الذين أختلط معهم حاليًا عن أنشطتهم ليسخروا مني؟
هل سيسلطون أضواء الحديث على صفاتي التي أتحسس منها بشدة؟
لعل تكرار الحدث أقل مما كنت تظن. وإن وقع الأمر الذي تخشاه وسخر أحدهم منك، هل سيكون الأمر بالكارثية التي تخشاها؟ أم سيكون مجرد حدث غير مريح؟ هل تستطيع فعل شيء لتخفف النتيجة؟
يمكنك إيجاد تمارين للتحكم في القلق الاجتماعي، كأن تحدث نفسك عن الأمر بلهجة متعاطفة عقلانية. سيساعدك التفكير العقلاني على إعادة صياغة «الكوارث» المحتملة بتسميتها: «خبرات غير مريحة»، والالتفات إلى أن احتمالية حدوثها أقل مما تتوقع.
قد تحتار في ما ينبغي لك فعله عندما تقرر تحديد مخاوفك المسببة للقلق الاجتماعي ومواجهتها. هل أُلبِّي الدعوة إلى الحفلة وأبقى في الزاوية مختبئًا؟ أم أساعد في تنظيف الصحون في المطبخ بعيدًا عن المدعوين؟ قد تشغل نفسك بتصفح جوّالك بدلًا من الاحتكاك بالجالس إلى جانبك.
تذكر أن هذه الحيل تعزز التجنب، ربما تبنيتها من مبدأ الأمان لأنها تعزلك عن المحيط وتحصنك ضد القلق، لكنها كذلك تعزلك عن مواجهة معتقداتك ومخاوفك، ومن ثم تمنع تطورك الفكري والنفسي وتبقي على ظاهرة القلق الاجتماعي. على النقيض من ذلك، عندما تعطي حيل التجنب إجازة وتجاهر بعيوبك، سيحبك الناس أكثر بدلًا من أن يضحكوا.
قبل أن تنخرط في أي نشاط اجتماعي يحفز فيك القلق الاجتماعي تذكر أن التعاملات الاجتماعية ليست بالخطورة والصعوبة التي تظنها. طمئن نفسك بفكرة أن الحياة ليست حقلًا من الألغام، وأن التعثرات الاجتماعية البسيطة لن تتحول إلى كوارث، وأن المبادرة في التعاملات الاجتماعية تعطيك أفضلية في نظر الطرف الآخر.
تقول برذريدج: «كن رقيقًا مع نفسك ولا تحملها عبء المثالية؛ أرح نفسك وأعطها مساحة للتعثر واختبار الإحراج، فإنه لن يتحول إلى وحش كما يخيل القلق الاجتماعي إليك. حاول الاسترخاء وكن حاضرًا في اللحظة بدلًا من أن تنجرف مع تيار مشاعرك وأفكارك. حاول أن تكون على طبيعتك، فأنت بخير».
اقرأ أيضًا:
كيف نكف عن القلق حيال رأي الآخرين فينا؟
هل يمكن أن يكون القلق مفيدًا للصحة؟
ترجمة: عون حدّاد
تدقيق: إيناس خير الدين
مراجعة: حسين جرود