كيف تتحايل الاجسام المضادة للقضاء على السرطان؟
بعد عقود من الإحباط، عادت الجهود لتطوير الأجسام المضادة القادرة على العبور بالأدوية إلى داخل الخلايا السرطانية لتتكاثف من جديد.
الجيل القادم من علاجات “الأجسام المضادة المسلّحة” ، والتي تسمى مقترنات جسم مضاد- Antibody-drug conjugates ADCs- ، دواء يشق طريقه من خلال التجارب السريرية.
إجتمع الباحثون في الثلاثين من نوفمبر 2016 لمناقشة هذه النهضة، في ندوة حول الأهداف الجزيئية والعلاجات السرطانية في ميونيخ، ألمانيا.
جاءت التحسينات بعد فشل المرحلة التجريبية الأولى من الـ ADCs بالوفاء بوعودها.
” في البدء كان الحماس كبيرا، ومن ثم شيئا فشيئا العديد منها لم تعد تعمل” يقول raffit Hassan، باحث في السرطان في الجمعية الوطنية للسرطان في الولايات المتحدة، في باثزدا، ميريلاند.
الآن، يقول، هناك مركبين جديدين من الـ ADCs في الطور الثالث من التجارب السريرية، والكثير في مرحلة الاخبار الأولية.
التصوّر الّذي يدعم هذه الأدوية بسيط:
توظيف الجسم المضاد كحامل لإيصال الدواء السام إلى داخل الخلية السرطانية.
عندما يبحث الجسم المضاد في الـADCs عن خلية ورمية ويرسو عليها، تقوم الخلية بسحبه و إزالة الروابط الجزيئية التي تربط الدواء بالجسم المضاد، مما يحرر الدواء ليقتل الخلية المتواجد ضمنها.
إلّا أنَّ هذه المقاربة أثبتت صعوبة إدراكها.
في بعض الأحيان تكون الروابط الجزيئية محكمة جداً، ولا تحرر الدواء داخل الخلية. وأحياناً أخرى، تكون ضعيفة جداً وتحرر الدواء بالقرب من خلايا سليمة، منقصةً بذلك الجرعة التي يمكن إيصالها.
ينسحب هذا الأمر على الأدوية نفسها فمن الممكن أن تحدث مشكلات لأنّ معظمها سام بشكل رئيسي بالنسبة للخلايا سريعة الانقسام، فهي تبتعد عن الخلايا بطيئة الانقسام التي تشكل نواة بعض الأورام.
وقد أظهر بعضها مشكلة باختراق طبقات خلوية عديدة داخل الأورام المستهدفة.
تعقّب الباحثون الـADCs لعقود، يقول raffit Hassan.
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على ثلاث منها، إلّا أنّ أحدها سُحبَ بعد ذلك من السوق، وسط مخاوف من كونها لم تكن فعالة، بالإضافة إلى مخاوف متعلقة بالأمان.
لاقى منتجون آخرون مصيرا أسعد، فمبيعات الـADCETRIS( vedotin brentuximab) المعتمد في الـ2011 لعلاج الليمفوما، والـ KADCYLA (trastuzumab emtansine) المعتمد في الـ 2013 لعلاج سرطان الثدي، كانت واعدة.
يقول ريان مليون Rayan million رئيس مكتب شركة ترينيتي لاستشارات علوم الحياة والعناية بالصحة في سان فرانسيسكو.
أعطت الموافقات للمستثمرين الثقة بالمجال، وأوصلت الباحثين إلى حالة من الهوس لتحسين تصاميمهم.
أكثر من أربعين من الـADCs الآن، في مرحلة التجارب السريرية.
تقوم “Genentech” شركة التقانة الحيوية في جنوب سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، والتي طورت الـKadcyla، بتجربة أدوية و روابط جزيئية متباينة.
تعقدت الجهود الكيميائية أكثر في اتخاذ القرار حول أي من الروابط سيتماشى مع كل دواء.
يقول برنارد فاين، مدير فريق طبي في الشركة.
تعمل الشركة الآن على تسع مركبات ADCs.
يستخرج الباحثون، ثروة من المعطيات من مشاريع (تبعات السرطان) ضمن بحث على أهداف جديدة ترتبط بها الأجسام المضادة.
يقول ستيفاني ديبل، مدير طبي لبرنامج العلاج المناعي للسرطان في مركز ليون بيرارد، ليون، فرنسا.
التعرف على هذه والتي تعتبر متفردة, قريبة من ذلك، أو خلايا خلايا سرطانية تامة، أمرا في غاية الصعوبة.
إلا أنّ الاهتمام الزائد في تسخير الجهاز المناعي، قاد الباحثين إلى فهرسة البروتينات الفريدة المعبَّر عنها على سطح الخلايا الخبيثة.
تحاول بعض الشركات إصابة أهداف شائعة بتصاميم جديدة كلياً.
قامت ميرسانا العلاجية Therapeutics Mersana، شركة تقانة حيوية في كامبريدج ماساشوسيتس، بربط جسم مضاد مع دواء إلى بوليمير قابل للتحلل حيوياً عوضاً عن ربطها ببعضها البعض.
أتاح هذا للشركة ربط 15 جزيئ دواء إلى كل بوليمير، بدلاً من الربط الاعتيادي لثلاثة أو أربعة. يقول تيموثي لوينغر المدير العلمي المسؤول.
تختبر شركة ميرسانا مقاربتها بالتجارب السريرية الأولية لمقترن دواء يستهدف الـHER2، البروتين المُعبَّر عنه بمستويات عالية في أورام سرطان الثدي.
يستهدف الـKadcyla الـHER2 أيضاً، لكن يقول لوينغر بأن نسخة شركة ميرسانا يمكن أن تحمل دواء أكثر لكل هدف، و بذلك يمكن أن يكون مفيداً لمحاربة السرطانات التي تعبِّر فقط عن مستويات قليلة من مستقبلات الHER2.
ترافيردا العلاجية، شركة تقانة حيوية في في واتر تاون، ماساشوسيتس، استغنى فيها الباحثون عن الأجسام المضادة جميعها.
عوضا عن ذلك، يستخدمون روابط قصيرة من الأحماض الأمينية، الكتلة البنائية للبروتينات، لاستهداف الخلايا السرطانية.
النتيجة هي دواء أصغر بـ 15 مرة و ذو احتمالية نفاذ أعمق داخل الورم، يقول ريتشارد وستر ، رئيس تارفيدا للبحث والتطوير.
“مع كل هذا النشاط، لم تصل التقنية إلى ذروتها”، يقول مليون، “لايزال هناك الكثير لإبداعه”.
“لكن متى نجحت، أعتقد أنّها ستعمل بقوة”.
الترجمة: رنيم الجنيدي.
التدقيق: أسامة القزقي.