أصبح نظام الإحداثيات الجغرافي المستخدم لوصف المواقع على سطح الكرة الأرضية شائعًا جدًا، بما أننا نعيش في عصر الهواتف الذكية المزودة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وخرائط Google، ولكن كيف يمكن تحديد موقع جسم سماوي في سماء الأرض؟
يعتمد نظام الإحداثيات الجغرافي على خط العرض، أي المسافة شمالًا أو جنوبًا من خط الاستواء، وخط الطول الأرضي وهي المسافة شرقًا أو غربًا من خط الطول الرئيسي الوهمي، الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب عبر غرينتش بإنجلترا، وتُقاس المسافات بالدرجات؛ 90 درجة في كل اتجاه لخطوط العرض، و180 في كل اتجاه لخطوط الطول، وتنقسم إلى الدقائق والثواني وأجزاء الثانية.
هذه المجرة المذهلة صورت بوساطة تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا، وتعرف باسم 2XMM J143450.5 + 033843، إذ يحمل هذا الاسم الإحداثيات السماوية، ويصف كل شيء، خط الطول (الصعود الصحيح) وخط العرض (الانحراف).
نظام GPS على الأرض:
يتيح لك هذا النظام التوصل إلى إحداثيات أي شيء؛ بدءًا من مبنى إمباير ستيت (40°44’55.4″N 73°59’08.5″W، وفقًا لخرائط Google) إلى المنطقة النائية الصحراوية حيث أطلق فريق الروك الموسيقي U2 النار في صورة غلاف ألبومهم (The Joshua Tree) في عام 1987 (36°19’51.00″N, 117°44’42.88″W، وفقًا لمدونة Desert Road Trippin).
الآن وقد عرفنا معنى نظام GPS على الأرض، لنعد إلى السؤال: كيف تحدد موقع جسم سماوي في سماء الأرض؟ باستخدام ما هو أساسًا امتداد للإحداثيات الجغرافية لإنشاء مجال وهمي يحيط بالأرض يمكن وصف موقع جسم سماوي.
الإحداثيات في السماء:
في رسالة بريد إلكتروني يوضح المسؤول الصحفي في الجمعية الفلكية الأمريكية ريك فينبيرج: «الهدف هو أن تكون قادرًا على تحديد موقع دقيق في السماء.
إنه مثل خط العرض وخط الطول على الأرض، فإذا طلبت من شخص ما مقابلتك في ليتلتون بكولورادو عند (39°36’47.9484”N, 105°0’59.9292”W)، فلن يعرف فقط المدينة التي توجد فيها ولكن أيضًا في أي زاوية من الشارع أنت تنتظره. إحداثيات المدينة وحدها لا تفيد كثيرًا، فيجب أن تكون أكثر دقة إذا كان لديك أي أمل في أن يعثر عليك الشخص الآخر، الشيء نفسه في الفضاء فعلى عالم الفلك توفير الإحداثيات السماوية إذا اكتشف سوبرنوفا أو كويكبًا وأراد من الآخرين مشاهدته، التأكد من أن الجميع ينظرون إلى الشيء نفسه».
هذا النظام موجود منذ العصور القديمة، كما قال كريستوفر بالما أستاذ مدرس ورئيس مشارك في برامج البكالوريوس في قسم علم الفلك والفيزياء بجامعة ولاية بنسلفانيا في رسالة إلكترونية: «فكرة الإحداثيات السماوية تفترض أن السماء هي كرة تحيط بالأرض، وهي فكرة تعود إلى الاعتقاد المبكر بأن الأرض كانت مركز كل شيء، مع أنه اعتقاد خاطئ إلا أنه يبدو أن السماء وكأنها كرة تحيط بالأرض، لذلك يمكننا استخدام الإحداثيات الكروية لتحديد أي مكان في السماء».
الانحراف والصعود:
يقول بالما: «إن نظام الإحداثيات السماوية مختلف بعض الشيء. مثلًا إنه يستخدم شيئًا يسمى الانحراف لوصف المسافة شمال أو جنوب خط الاستواء السماوي بدلًا من خط العرض، والصعود الصحيح يصف بها الاتجاه بين الشرق والغرب بدلاً من خط الطول».
يوضح بالما: «مثل أي نظام إحداثيات فإنه يحتاج إلى نقطة الصفر (المعايرة)، وبالنسبة إلى الإحداثيات السماوية نعرض خط استواء الأرض على السماء، وهكذا تمامًا مثلما يقيس خط العرض الدرجات شمالًا أو جنوبًا من خط الاستواء، يقيس الانحراف زاوية شمال أو جنوب خط الاستواء السماوي. مثلًا النجم Spica، البارز جدًا هذه الليلة في السماء الجنوبية من معظم المواقع في الولايات المتحدة، له انحدار قدره (-11 درجة و10 دقائق)، لذا فهو جنوب خط الاستواء السماوي».
يضيف بالما: «بالنسبة إلى خطوط الطول على الأرض عيّنا عشوائيًا غرينتش إنجلترا بصفته خط الطول الرئيسي، وخط الطول الرئيسي لنظام الصعود الصحيح يسمى النقطة الأولى من برج الحمل، ويعرف بأنه موضع الشمس في السماء في أثناء تحركها من الجنوب إلى الشمال على طول مسارها وهو خط وهمي يمر عبر خط الاستواء السماوي. عندما تكون الشمس في ذلك الموقع (شهر مارس) يكون ذلك هو الاعتدال الربيعي على الأرض. ومن هناك يزيد الصعود الصحيح إلى الشرق. لذا فإن أي نجم في السماء بالضبط في منتصف المسافة حول السماء من الشمس في الاعتدال الربيعي سيكون له صعود صحيح بمقدار 180 درجة».
يتابع بالما قائلًا: «في كثير من الأحيان نحن لا نستخدم الدرجات للقياس لأن السماء تدور، ونعبر عن الزوايا بالساعات بدلًا من ذلك. لذا 180 درجة تساوي 12 ساعة من الصعود الصحيح. النجم نفسه الذي ذكرته أعلاه (Spica) لديه 13 ساعة و25 دقيقة، ويمكن تفسير ذلك على أنه النقطة الموجودة في السماء والتي هي [13 س 25 د * (180 درجة / 12 ساعة)] = 201.25 درجة في السماء باتجاه الشرق من موقع الشمس في الاعتدال الربيعي».
الملاحة السماوية للبحارة:
قال فينبرغ: «علماء الفلك ليسوا الوحيدين الذين يستخدمون الإحداثيات السماوية، فأي شخص يتنقل باستخدام النجوم يقوم بذلك أيضًا. على الرغم من أن جميع السفن والقوارب الحديثة تملك أنظمة GPS، فإن البحارة ومرتادي البحار مطالبون بتعلم الملاحة السماوية في حالة فشل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). إذا كان بإمكانك رؤية النجم الشمالي بولاريس، فستعرف اتجاه الشمال وما هي الطرق الجنوبية والشرقية والغربية أيضًا. ستعرف أيضًا خط العرض لموقعك، إذ إن ارتفاع النجم بولاريس فوق الأفق يساوي خط العرض. وباستخدام ساعة دقيقة يمكنك أيضًا العثور على خط الطول من خلال الرجوع إلى جدول النجوم لمعرفة أيها جنوبية في الوقت الذي ترصدها».
إحداثيات المجرة:
في رسالة بريد إلكتروني، كتب باتريك دوريا أستاذ الفيزياء وعلم الفلك ومدير القبة السماوية وارد بيتشر في جامعة ولاية يونغستاون: «هنالك أنظمة أخرى لوصف موقع الأجسام في الفضاء إلى جانب الإحداثيات السماوية، فعلى نطاق واسع تستخدم إحداثيات المجرة، خط طول المجرة وخط عرض المجرة كلاهما يقاس بالدرجات من مركز درب التبانة».
اقرأ أيضًا:
صناعة أجهزة GPS بهامش خطأ لا يتعدى السنتيمتر
أسس ومبادئ الطيران في الفضاء: كيف يضع الصاروخ المركبة الفضائية في مدارها؟
ترجمة: طاهر كلبيت
تدقيق: طارق طويل
مراجعة: حسين جرود