السؤال هو: في تجربة الشق المزدوج، ماذا عن عملية الرصد التي يتغير بمقتضاها سلوك الجسيمات؟
فهل يُعزى ذلك لتأثير طفيف لعملية الرصد أم لخلل كامن في أجهزة الرصد؟
وهذه التجربة خير مثال على ما يُعرف بتأثير الراصد أو المُلاحظ the observer effect، والذي يحدث عندما يُسبِّبُ إجراء قياس أو ملاحظة شيء ما تغيرًا في الحالة الأصلية للمنظومة.
وعلى الرغم من أننا نواجه هذه المشكلة في تجربة الشق المزدوج، فإنها تظهر في أماكن أخرى كثيرة بخلاف ميكانيكا الكم.
وخارج سياق تجربة الشق المزدوج، يمكن لكل من أجهزة القياس وعملية الرصد أن يغيرا الحالة الأصلية لموضوع القياس.
ويُعدُّ مقياس درجة الحرارة (الترمومتر) thermometer مثالًا بسيطًا على تداخل أجهزة القياس.
إن مجرد وجود مقياس درجة الحرارة سيعمل على رفع أو خفض الحرارة كلما تحاول قياسها.
ماذا عن التجربة ذاتها؟
يمكن لأجهزة القياس التسبُّب في تأثير المُلاحظ بالتأكيد، ولكن حتى ولو كانت أجهزة القياس مثالية، فسنواجه نفس المُشكلة.
وسمعت ذات مرة تشبيهًا دقيقًا، والذي يساعد على تفسير هذا المبدأ. وهو على النحو التالي:
«تخيل أنك أعمى، وبمرور الوقت قمت بتطوير تقنية لتحديد مدى بُعد الأجسام عنك، وذلك برمي كرة طبية medicine ball نحوها.
وفي حالة ما إذا رميت الكرة الطبية باتجاه مقعد قريب منك، فإن الكرة سترتد إليك بسرعة، وستعرف أنه قريب منك حقًا.
أما في حالة إذا ما رميت الكرة نحو شيء ما في الشارع بعيدًا عنك، فإنها سوف تستغرق وقتًا أطول في العودة إليك، وستعرف أن الجسم بعيدٌ عنك».
«وتكمن المشكلة في أنه عندما ترمي بالكرة- ولاسيما إذا كانت كرة ثقيلة كالكرة الطبية مثلًا- نحو شيء ما كالمقعد، فإن الكرة ستطرح المقعد أرضًا، بل وقد يكون بها ما يكفي من كمية التحرك momentum لترتد للخلف مرة أخرى.
ويمكنك أن تشير إلى الموضع الذي كان فيه المقعد، ولكن لا يمكنك أن تشير إلى موضعه الذي يوجد فيه حاليًا.
والأدهى من ذلك، أنه يمكنك حساب سرعة سقوط المقعد بعد اصطدام الكرة به، ولكن ليس لديك أدنى فكرة عن سرعة سقوطه قبل اصطدامها به».
يبين الشكل أعلاه تأثير المُلاحظ من حيث المبدأ.
يبين الجزء العلوي من الشكل حالة المنظومة قبل الملاحظة، حيث تنتشر المنظومة في صورة موجية عبر نسيج الزمكان.
بينما يبين الجزء السفلي من الشكل حالة المنظومة آن الملاحظة، حيث تنهار الموجة متموضعة كحدث زمكاني في صورة جسيمية.
حينما تصبح الأمور محيرة.
عندما نبدأ بالتعامل مع كميات ضئيلة جدًا من الطاقة، نلاحظ وجود مشكلة وهي: أن الضوء في حد ذاته، وهو الوسيلة التي نلاحظ بها معظم الأشياء، يكون من القوة بما يكفي لتغيير ما يجري كُليَّةً.
ولذلك سيكون الضوء بمثابة الكرة الطبية في المثال السابق. إنه يملك ما يكفي من الطاقة التي تتسبب في إحداث تغييرات هامة على المستوى الكمي.
وستفضي أي محاولة لقياس شيء ما على المستوى الكمي حتمًا إلى تغيير ما كنت تحاول قياسه في البداية.
وفي بعض الأحيان لا يُمثل هذا الأمر مشكلة كبيرة، إلا أنه في أحيان أخرى يكون كذلك (كما اتضح من تجربة الشق المزدوج).
ولكي يكون الأمر واضحًا، وبعدما لاحظت أن شيئًا لا يؤدي إلى تغيير أي شيء، ماعدا أن الطبيعة المتعلقة بكيفية ملاحظة شيء ما هو ما يسبب تأثير المُلاحظ.
ولذلك باختصار، فإذا كانت أجهزة القياس التي نستخدمها قادرة على تشويه النتائج التي نتوصل إليها تمامًا، فيمكننا أن نتوقع نقطة بداية الخطأ بمجرد ملاحظته أولًا وقبل كل شيء.
- ترجمة: د. خالد أبو زهرة
- تدقيق: رؤى درخباني
- تحرير: ياسمين عمر
- المصدر الأول
- المصدر الثاني