ميكروبيوم الأمعاء
تؤدي تريليونات الميكروبات في أمعائنا وظائف مهمة عديدة في الجسم، إذ لا يضبط هذا الميكروبيوم تفاعلاتنا الأيضية ويساعدنا على امتصاص المغذيات من الطعام فحسب، بل قد يؤثر أيضًا في أوزاننا ويحدد إن كنا نحفاء أو مصابين بالسمنة.
تقترح دراسة حديثة بالإضافة إلى ذلك أن ميكروبيوم الأمعاء يمكنه أن يؤثر في قدرتنا على فقدان الوزن، إذ اكتشف باحثون من جامعة واشنطن أن وجود أنواع محددة من الميكروبات النافعة في أمعاء الأفراد الذين يتبعون حميات غذائية لخسارة الوزن أثّرت في عدد الكيلوغرامات التي استطاعوا فقدانها.
ولفهم ماهية تأثير ميكروبيوم الأمعاء في فقدان الوزن، درس الباحثون 105 أشخاص مصاب بالسمنة، كانوا جميعهم مسجلين في نظام لخسارة الوزن مدته سنة، ولتتبع خسارتهم للوزن، سجّل الباحثون مؤشر كتلة الجسم الخاص بكل مشارك.
سجّل العلماء أيضًا مستويات بعض مؤشرات الأيض في الدم (مثل مستويات الكوليسترول)؛ لمعرفة مدى سهولة حرق الدهون عند كل مشارك، وجُمّعت عينات براز في بداية ونهاية الدراسة؛ لتحديد أنواع الميكروبات التي كانت موجودة في أمعاء المشاركين ومقدارها.
قارن الباحثون بعد ذلك بين الأفراد الذين فقدوا الوزن (بمتوسط لا يقل عن 1% من وزن الجسم شهريًا) والأفراد الذين ظلت أوزانهم ثابتةً، واكتشف الفريق أن المؤشرات الأيضية المتنوعة في الدم لم تكن مختلفةً بين الفئتين إلا بنسبة ضئيلة.
ولكن الأمر الذي اختلف فعلًا بين المجموعتين كان أنواع الميكروبات المعوية لديهم، إذ كان لدى الأفراد الذين فقدوا مزيدًا من الوزن إنزيمات بكتيرية نافعة أكثر، وقد ساعدت هذه الإنزيمات على تكسير الكربوهيدرات المعقدة (مثل تلك الموجودة في الحبوب الكاملة) إلى سكريات بسيطة، ما سهّل هضمها وقلل احتمالية تخزينها في صورة دهون.
وجد الباحثون أيضًا أن نمو المستعمرات البكتيرية (تحديدًا من جنس البريفوتيلا) يساعد على إنتاج كميات أكبر من المواد الصحية مثل الأحماض الدهنية ذات السلسلة القصيرة، ومن المعروف أن هذه المواد تقلل الالتهابات، ما قد يسهل فقدان الوزن.
فقدان الوزن
بيّنت أبحاث سابقة أن بإمكان الجينات التأثير في احتمالية الإصابة بالسمنة، غير أنه لا توجد أدلة واضحة على أن الجينات تؤثر أيضًا في القدرة على خسارة الوزن.
لكن هذه الدراسة الأخيرة تبين أن نوع البكتيريا الموجودة في أمعاء الأشخاص عند بدئهم باتباع حمية غذائية تُعَد مؤشرًا أفضل لحرق الدهون مقارنةً بالكوليسترول والمواد الأخرى، وذلك من ناحية التنبؤ بكمية الوزن التي سيفقدها الشخص.
رغم اكتشاف هذا الرابط بين ميكروبيوم الأمعاء وفقدان الوزن، فإننا ما نزال لا ندرك إلا القليل، ونحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى إثبات هذه النتائج بدراسة مجموعة أكبر من الناس للتحقق من أن تلك البكتيريا تؤدي دورًا في خسارة الوزن حقًا.
وفي هذا الصدد، كان المشاركون في الدراسة مشاركين أيضًا في نظام دعائي لخسارة الوزن؛ لذا فمن المحتمل أنهم لا يمثلون عامة الناس، ما يُعَد سببًا آخر لحاجتنا إلى مزيد من البحوث.
ولكن إذا أُثبِتت هذه النتائج؛ فإنها قد تكون واعدةً جدًا للأشخاص الذين يريدون خسارة الوزن والحفاظ عليه؛ إي يمكن تعديل ميكروبيوم الأمعاء بسهولة على خلاف الجينات.
وستكون الخطوة التالية إيجاد طريقة لزيادة تلك البكتيريا الحارقة للدهون عند الأفراد الذين يودون خسارة الوزن، إما بالحمية الغذائية عبر تضمين المعينات الحيوية (البروبيوتيك) والمتممات الغذائية (البريبيوتيك)، أو بعلاجات أكثر تقدمًا، مثل زراعة الميكروبيوم بالبراز (العملية التي تؤخذ فيها عينة براز من شخص صحي وتوضع في أمعاء شخص مريض لاستبدال البكتيريا النافعة المفقودة عند المريض).
أظهرت تجارب سريرية سابقة أن أنواعًا معينةً من البكتيريا الموجودة في البروبيوتيك تساعد على فقدان الوزن، بيد أن تلك الدراسات لم تختبر سوى نوعين من البكتيريا المستخدمة في البروبيوتيك.
أما باحثو هذه الدراسة، فقد اختبروا جميع أنواع البكتيريا المعوية عند كل مشارك، ما دعم حقيقة أن الميكروبيوم المعوي يُعَد مصيريًا فيما يتعلق بالوزن.
اقرأ أيضًا:
ما هو الميكروبيوم المعوي؟ وما تأثيره على صحتنا؟
البروتين مع بكتيريا الأمعاء لمنع البدانة.. كيف يحدث ذلك؟
العجز الشديد في السعرات الحرارية قد يزيد البكتيريا الخطرة في الأمعاء
زرع البراز قد يكون سر الشباب الأبدي
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: تسبيح علي
مراجعة: آية فحماوي