بحثٌ حديثٌ حولَ تأثيراتِ الأغاني ذاتِ الطابعِ السوداوي الحزين على العواطف، توصّل فيه باحثون من جامعاتٍ بريطانية وفنلندية إلى أنّ الموسيقى الحزينة قد تكون مصدرًا للمتعة والسلوان لبعض الأشخاص، أو مصدرًا للألم للبعض الآخر.
وعبّر الباحثون عن نتائج البحث أنّه من المحتمل أن يكون لها آثارًا ملموسة فيما يتعلق بكيفية مساهمة العلاج والتأهيل بإستخدام بالموسيقى لغرض مساعدة الناس في تحسين مزاجهم.
واستند الباحثون إلى التجارب العاطفية المرتبطة بسماع الموسيقى الحزينة لِعَيّنةٍ بلغت (3436 (شخصًا عبر ثلاث عمليات استطلاع كبرى في المملكة المتحدة وفنلندا.
واستطاعوا تحديد الأسباب التي تدفع هؤلاء الأشخاص للاستماع للموسيقى الحزينة، إضافةً إلى العواطف التي تتضمنها التجارب العاطفية التي مرّوا بها وعلاقتها بالاستماع لهذا النوع من الموسيقى.
و وفقاً للباحثين في هذه الدراسة، فقد ركّز غالبية المُستطلعة آرائهم على المتعة التي يشعرون بها في مثل هذه التجارب، والتي تؤدي بشكلٍ عام إلى تحسّنٍ واضحٍ في المزاج.
إذ إن الاستماع للموسيقى الحزينة يخلق شعورًا بالبهجة ناتجًا عن طبيعة هذه الأغاني لدى بعض الأشخاص، بينما قد يخلق شعورًا بالارتياح لدى الآخرين نظرًا لأن هذه الموسيقى تثير ذكرياتٍ تتعلق بأشخاص آخرين لدى السامع.
وعلى آية حال، فقد عبرت نسبة كبيرة من هؤلاء عن شعورٍ بالألم نفسي وحتى الإجهاد الجسدي لدى سماع هذه الموسيقى، وهو شعورٌ يترافق على الدوام مع حدوث خسارة شخصية للمستمع، كموت أحد الأحباء أو الانفصال، أو انتهاء العلاقة، أو أيّ فاجعة أخرى في حياة هذا الشخص.
يتميز هذا النوع من الشعور، أي الاحساس بالبهجة لدى سماع الموسيقى الحزينة بكونه شعورًا ذا طبيعةٍ محيرة كما وصفه أحد الباحثين القائمين على الدراسة، في معرض تعليقه على دراسات الأفلام والأبحاث في مجال علم النفس الموسيقي التي أكدت على تلك الطبيعة المحيرة لهذا الشعور.
وكما أنّ هناك من يحب الاستماع لهذه الموسيقى، فعلى النقيض من ذلك هناك من يكره سماعها، ولذلك تركز العمل في هذا البحث على اختيار طيفٍ واسعٍ من الفئتين، وذلك لتقصي أسبابَ تعلقِ بعض الأشخاص بهذه الموسيقى ونفور القسم الآخر منها طبقًا لتجارب هؤلاء مع هذه الموسيقى التي وصفها أحد الباحثين المشاركين في الدراسة بكونها تثير خليطًا من العواطف لدى المستمع.
تستثير الموسيقى الحزينة نوعين من التجارب* الحسية الممتعة لدى المستمع.
فهي مصدرٌ أساسي لمثل هذه التجارب بما تتضمنه من خصائص جمالية يتضمنها الإحساس بالبهجة.
وكذلك فإنّ الاستماع لهذه الموسيقى يثير معه مجموعة من العواطف التي تعطي شعورًا بالإرتياح للمستمع، حيث تؤدي هذه العلاقة بين الذكريات أو العواطف والاستماع لهذه الموسيقى دورًا هامًّا في جعل تجربة الاستماع لهذه الموسيقى مبهجة للمستمع.
وغالبًا ما تستحضر هذه التجارب لتمنح الأشخاص إحساسًا بالراحة، وشعورًا بوجود من يشاركهم مواجهة المواقف الصعبة في الحياة.
ومن النتائج التي توصل إليها الباحثون أنّ الشعور بالحزن الممتع لا يتأثر بجنس الشخص أو عمره، وإن كانت للخبرة الموسيقية ومدى اهتمام الشخص بهذه الموسيقى دورٌ في مضاعفة هذه الأحاسيس.
وقد وجد الباحثون أيضًا أنّ الشعور بالحزن الباعث على الارتياح يكون أقوى لدى كبار السن، بينما تبرز المشاعر السلبية القوية لدى من هم أصغر سنًّا ولدى النساء عند الاستماع لهذه الموسيقى.
ينبغي التفريق بين كلمة تجربة أو تجارب الواردة في النص.
فبعضها يشير إلى التجارب الدافعة لسماع هذه الموسيقى، أي الأحداث التي مرّ بها الشخص كموت شخص عزيز أو الانفصال.
بينما تشير في موضع آخر إلى مجموعة المشاعر التي يشعر بها الشخص لدى الاستماع لهذه الموسيقى، وبذلك قد تكون تجربة الشخص ممتعة مبهجة أو مؤلمة حسب تأثره بالموسيقى.
- ترجمة: علي حميد
- تدقيق: عبدالسلام الطائي
- المصدر