لا بد أنك سمعت بأمصال تعِد بتصغير عمر الوجه بأعجوبة عبر مكافحة الجذور الحرة، وهذه الأمصال باهظة الثمن، ورغم ذلك، يُقبل عليها كثيرون. ترى ماذا يُقصد بالجذور الحرة؟، ولماذا نكافحها؟، وهل تستحق دفع مبالغ مالية كبيرة لمحاربتها؟. تُذكر الجذور الحرة خارج المجال التسويقي والتجميلي أيضًا، ترى هل يجب القلق بشأنها، وهل لها ضرر أو مضاعفات على الصحة؟
ماهيّة الجذور الحرة
تُعرّف الدكتورة ناتاشا بهويان -التي تعيش في أريزونا- الجذور الحرة بأنها «ذرات غير مستقرة تتسبب في موت الخلايا، إضافةً إلى ذلك فإنها ترتبط بالشيخوخة».
مراجعة كيميائية بسيطة لتوضيح ماهيّة الجذور الحرة
تُشكل ذرات العناصر المختلفة مركبات مثل الماء (H2O)، والنيتروجين (N2)، وغيرها… أما الإلكترونات، فهي جسيمات مشحونة شحنة سالبة، وتحب أن تكون في صورة أزواج.
عندما يفقد إلكترون شريكه، يصبح لدينا (جذر حر – Free radical)، يمتاز بعدم الاستقرار وشدة التفاعل.
عادةً، تجول الجذور الحرة الجسم باحثةً عن بديل لإلكترونها المفقود، ما قد يتسبب في تدمير الخلايا والبروتينات والحمض النووي، وتستمر سلسلة تفاعلات الجذور الحرة في سياق محاولة مكونات الخلية غير المستقرة استعادة استقرارها.
أحد أشهر الأمثلة على الجذور الحرة هو جذر الهيدروكسيل (HO•)، وينقص هذا الجزيء ذرة هيدروجين واحدة كي يصبح جزيء ماء، ولذا فإنه يمتلك رابطة «متدلية» من الأكسجين (تمثل هذه الرابطة النقطة بجانب حرف O).
مثالان آخران على الجذور الحرة، هما: جزيء الكاربين (:CH2) الذي يمتلك رابطتين متدليتين، وأنيون فوق الأكسيد (O-2•)، وهو جزيء أكسجين (O2) بإلكترون زائد ورابطة متدلية واحدة.
من أين تأتي الجذور الحرة؟
تقول بهويان: «علميًا، فإن الجذور الحرة إلكترونات مفردة تبحث عن رفيق لتكون رابطة معه. تكمن النظرية وراء الجذور الحرّة في أنها تؤدي إلى الإجهاد التأكسدي، وهو عدم التوازن بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة».
مضادات الأكسدة: هي مواد طبيعية أو مصنعة يمكنها أن تساعد على منع تلف بعض أنواع الخلايا أو تأخيره. توجد مضادات الأكسدة غالبًا في الفواكه والخضروات (وهو أحد الأسباب وراء إخبارك بتناولها دائمًا).
قد تؤدي الكثير من جوانب الحياة الحديثة -مثل نظامنا الغذائي وأسلوب الحياة والعوامل البيئية مثل التلوث وغيره…- إلى الإجهاد التأكسدي، ويعرف أيضًا بعدم التوازن بين مضادات الأكسدة والجذور الحرة.
يضعف الإجهاد التأكسدي الخلايا والأنسجة مع الوقت، وقد يعرض الشخص أكثر إلى بعض المشاكل الصحية، مثل ألزهايمر ومرض باركنسون والسرطان ومرض السكري، وغير ذلك. وبهذا؛ يمكن القول بأن مسوقي التجميل على حق؛ نعم يسرّع الإجهاد التأكسدي من الشيخوخة.
تقول بهويان: «نظريًا، بإمكان الإجهاد التأكسدي أن يدمر الخلايا، ما يؤدي إلى نواتج مثل التغيرات الجلدية، وبالطبع هنالك رابط بين التغيرات الجلدية والعمر».
هل يمكن إيقاف الجذور الحرة؟
الآن، وبعد أن أصبحت على دراية بالخراب الذي تسببه الجذور الحرة على صحتك، فأنت على الأغلب تفكر فيما إذا كانت هناك طريقة لمنعها من التكون أو على الأقل تحُد من تأثيراتها السلبية.
تقول بهويان: «في الواقع لا توجد الكثير من الأدلة المبنية على الطب في هذا المجال؛ هنالك الكثير من النظريات حول ذلك ولكن لم تختبر صحة أي منها».
وتضيف: «يجادل بعض الأشخاص بأن أكل الطعام الغني بمضادات الأكسدة قد يكون مفيدًا، إذ تمنح مضادات الأكسدة إلكترونًا إلى الجذور الحرة غير المستقرة. ولكن، لا يوجد بحث علمي طويل الأمد يظهِر أية فوائد للشيخوخة».
لذلك، وبينما الكثير من المنتجات والمكملات الغذائية تروّج ادعاءات حول منع -أو حتى تقليل- تأثير الجذور الحرة على الجلد وخلايا الجسد، فإنه لا توجد أدلة علمية كافية تدعم ذلك.
إذا كنت تتماشى مع مرض مرتبط بالإجهاد التأكسدي أو في خطر متزايد للإصابة به، فعليك أن تتعاون مع مقدم الرعاية الصحية لتتوصلا إلى خطة علاجية تصلح لحالتك.
وإذا كنت تحاول أن تُبقي على توهج شبابك، فقد تحتاج إلى التركيز على أشياء أكثر وضوحًا، بدلًا من خوض الحروب مع الجذور الحرة.
تقول بهويان: «إذا أردت أن تقلل من التجاعيد، فأفضل شيء هو استخدام كريم الوقاية من الشمس».
اقرأ أيضًا:
الجذور الحرة والشيخوخة ، لماذا نتقدم بالعمر ونموت ؟
ترجمة: أحمد صفوت
تدقيق: تسنيم الطيبي
مراجعة: حسين جرود