كيف تؤثر التغذية على نمو أدمغة الأطفال وتطورها؟
أظهرت الأبحاث المتعلقة بالتغذية لدى الأطفال أهمية هذا العامل في المراحل المبكرة من حياة الطفل وخاصة على جهازه الهضمي، كما أن الدراسات الحديثة تُشير إلى أن للتغذية تأثير على تطور دماغ الطفل أيضًا. بناءً على ذلك فهل للتغذية في الأسابيع الأولى من حياة الطفل تأثير أكبر على عوامل سلوكية معينة في حياته كالذاكرة والمهارات الحركية؟
فمنذ ما يُقارب عقدًا من الزمن درس باحثون من جامعة إلينوي دماغ خنزير صغير كنموذج لمعرفة مدى تأثر جوانب الدماغ المختلفة نتيجة التدخلات الغذائية. وبسبب التشابه الشديد بين دماغ الخنزير الصغير والطفل الرضيع فإن هذه الدراسة التي استخدمت صغير الخنزير أدت إلى التقدم في مجال تغذية الأطفال. وهذا الأمر يهم بشكل كبير المُنتِجين لحليب الأطفال الباحثين عن إنتاجٍ شبيه جدًا بحليب الأم.
وفي دراسة جديدة نُشِرت في «Advances in Nutrition» فإن كل من عالِم الحيوان (ريان ديغلر- Ryan Dilger) وطالب الدكتوراه في علم الأعصاب (أوستن مود- Austin Mudd) نشرا معلومات أساسية حول عملهما في التغذية وتطور الجهاز العصبي باستخدام صغار الخنازير كنماذج للدراسة، حيث تُبرِز هذه الدراسة العديد من الأبحاث المتعلقة بتغذية الرضع وعلاقة ذلك بتطور الدماغ لديهم.
ويقول ديغلر: «أنهم ذكروا كل المواد التي اُستخدمت أثناء العمل في المختبر في هذه الدراسة على أمل أن يكون هذا الأمر بمثابة حافز للآخرين لمعرفة سبب استخدام صغار الخنازير لدراسة تطور الدماغ، حيث أن هناك أمل أن توحد المعايير التي يُقيَّم من خلالها تطور الدماغ ومن ثم معرفة ما هي النتائج الحساسة للمدخلات الغذائي».
ويضيف ديغلر: «إن جزءًا هامًا من هذا الأمر هو معرفة كيفية تطور دماغ الرضيع بعد الأيام والأسابيع الأولى من الولادة. فالدماغ يتكون من مناطق فردية مترابطة فيما بينها فيما تفعله وكيفية عملها والتي في طريقها لتنمو وتنضج مع مرور الوقت».
وسمحت تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي للباحثين بتحديد حجم التغيرات في دماغ الخنازير الصغيرة بعمر 2-24 أسبوعًا، فقد أظهرت نمطًا مماثلًا للنمو الذي هو عند رضيع الإنسان. ويوضح مود أن نمو دماغ رضيع الإنسان لشهر يُعادل نمو دماغ الخنزير الصغير في أسبوع، الأمر الذي يسمح بتقييم التعلُّم والذاكرة خلال فترة حرجة من نمو الدماغ، والذي يمكن تطبيقه على الإنسان.
ويضيف مود بأنه عندما بدأت دراسة التغذية وتطور الدماغ عند الخنازير كان الباحثون يزنون الدماغ فقط أو يقيمون محتواه من الأحماض الدهنية. ولكننا نعلم من خلال دماغ الإنسان أن مناطق الدماغ تنضج بنسب متفاوتة لذلك ربما لن يظهر تأثير التغذية على كامل الدماغ، ولكن إذا أردت التركيز على مناطق معينة من الدماغ في فترات زمنية محددة ربما ستلاحظ تأثير التغذية، فمن الواضح أنه يجب تقييم مناطق الدماغ بشكل مستقل عند دراسة التداخلات الغذائية بدلًا من تقييم الدماغ كوحدة واحدة.
ويوضح ديغلر أن الأبحاث السابقة ركَّزت على دراسة تأثير الأحماض الدهنية في الحليب، لكن في هذا البحث يناقش العلماء مكونات أخرى للحليب مثل الكولين والحديد والكولسترول والأحماض الأمينية وغيرها من مكوناته. ويأمل ديغلر أن يساعد هذا البحث خبراء التغذية على فهم جانب التطور العصبي في أبحاث التغذية عند الأطفال.
إعداد: أمين السيد
تدقيق: هبة فارس