يستطيع المرء ضبط نظام الاستقلاب الغذائي لديه، بالالتزام بحمية غذائية صحية، وممارسة الرياضة بانتظام، ومحاولة التخفيف من التوتر والقلق.

يمثل الاستقلاب الغذائي محورًا مهمًا وحساسًا للغاية في الجسم، إذ يتأثر بالهرمونات والسلوك والبيئة المحيطة. قد يتناول بعض الناس كميات كبيرة من الطعام، لكنهم يحافظون على وزنهم المناسب. فما الفرق بينهم وبين من لا يفلحون في تحقيق أهدافهم الرياضية الصحية، رغم إحصائهم الدقيق للسعرات الحرارية في وجباتهم؟

وفقًا لاختصاصي أمراض الغدد والسمنة، الطبيب ماركيو غريبيلر، فإن جواب السؤال السابق معقد بعض الشيء.

قال: «الاستقلاب الغذائي عملية معقدة تتأثر بالتبدلات الهرمونية. يحصل الجسم بواسطة عملية الاستقلاب الغذائي على الطاقة، التي يستخدمها الجسم، تختلف كفاءة الجسم في إتمام هذه العملية بين شخص وآخر. وللعوامل الجينية دور أساسي في هذا الاختلاف».

قد يصعب فهم آلية الاستقلاب الغذائي وتغييرها، لكن معرفة المعلومات الصحيحة عن هذه العملية تساعد على تحقيق الأهداف الصحية.

يقدم الطبيب غريبيلر شرحًا لكيفية زيادة معدل الاستقلاب الغذائي للجسم، وهل الأطعمة التي يتناولها المرء تعزز هذه العملية أم لا.

طرق زيادة الاستقلاب الغذائي:

ينصح الطبيب غريبيلر بفهم كيفية تغيير معدل الاستقلاب الأساسي، عوضًا عن التركيز على زيادة معدل الاستقلاب الغذائي.

يمكن تصور أن معدل الاستقلاب الأساسي للجسم ونقطة الضبط الخاصة به أشبه بميزان الحرارة الداخلي. إذ يحاول الجسم الحفاظ على وزنه المطلوب، وإن كان الرقم على الميزان أكبر من ذلك.

«يحاول الجسم بكل جهده الحفاظ على وزنه الحالي، لكن يمكن مع الوقت تغيير نقطة الضبط هذه».

ما يلي بعض أساليب تعزيز الاستقلاب الغذائي للجسم:

اتباع نظام غذائي صحي:

ينبغي أن يكون الشخص على دراية بالكميات المناسبة والصحيحة للوجبات الغذائية، وأن يكثر من الأطعمة الصحية ويتجنب الأغذية الضارة. يُنصح بعد ذلك بإجراء تغييرات بسيطة تدريجيًا على النظام الغذائي بما يتماشى مع الشخص.

أوضح الطبيب غريبيلر أن الوجبات المناسبة تتضمن البروتينات الخالية من الشحوم، والخضر، والفواكه. تؤثر كمية البروتينات التي يتناولها المرء في استقلابه الغذائي بدرجة كبيرة، إذ تشكل جزءًا أساسيًا من الحمية الغذائية المتوازنة، وتُشعر المرء بالشبع فترةً أطول، وتحافظ على كتلة الجسم من العضلات دون شحوم.

تمثل حمية البحر المتوسط خيارًا مناسبًا فيما يتعلق بنوعية الأطعمة التي ينُصح بتناولها لتعزيز الاستقلاب الغذائي، إذ تتكون أساسًا من الأغذية النباتية والدهون الصحية والحبوب.

يجب ألا يتبع المرء حمية غذائية صارمة للغاية إلى الحد الذي لا يُشبع فيه احتياجاته الغذائية اليومية. تقليل تحصيل الشخص من السعرات الحرارية بسرعة وبدرجة زائدة على الحد، يدفع الجسم لدخول وضع النجاة، وحالة من الصدمة.

التركيز على مواعيد تناول الطعام:

توضح الأبحاث أن أوقات تناول الوجبات تؤثر في الاستقلاب الغذائي ومن ثم إنقاص الوزن. تتأثر عملية الاستقلاب عندما يتناول المرء العدد ذاته من السعرات الحرارية بشكل مختلف، وفقًا لموعد تناولها خلال اليوم. يُنصح بتناول الوجبات في وقت مبكر، وتجنب الأطعمة الخفيفة ليلًا.

أشار الطبيب غريبيلر: «تقدم الدراسات أدلة كافية على أن الأشخاص الذين يعملون في مناوبات ليلية يكسبون مزيدًا من الوزن مقارنةً بغيرهم».

يُنصح بتناول الأطعمة طبيعيًا خلال اليوم للحد من الجوع، وتجنب الوجبات الخفيفة ليلًا. تفيد استشارة الطبيب بشأن الأدوية المضادة للسمنة، إذ يساعد عدد من أدوية إنقاص الوزن الجديدة على تنظيم الوزن وتقليل الشهية.

ممارسة الرياضة بانتظام:

ينبغي أن تشكل الرياضة جزءًا مهمًا من روتين الشخص، وليس نشاطًا مؤقتًا فحسب. إذ تساعد ممارسة الرياضة على بدء رحلة إنقاص الوزن، إلا أن الصعوبة والأهداف الأساسية لها تكمن في الحفاظ على الوزن المناسب.

أوضح غريبيلر: «يُنصح الشخص ببدء روتينه الرياضي بالتمارين الهوائية، التي تفيد القلب وتحرق عددًا كبيرًا من السعرات الحرارية، تليها تمارين المقاومة التي تساعد على بناء كتلة عضلية ومن ثم حرق مزيد من السعرات الحرارية، مدة 150 دقيقة أسبوعيًا. يفضل أيضًا أن يبدأ المرء ببطء ثم التقدم تدريجيًا».

تتضمن خيارات التمارين الهوائية المشي والهرولة والركض والتريض وركوب الدراجة والسباحة ووثب الحبل. تشمل تمارين المقاومة تمارين الضغط والدفع والقرفصاء، وغيرها من التمارين التي تستخدم أربطة المقاومة أو الأثقال.

قد يضيف بعض الناس التمارين المتقطعة عالية الكثافة إلى روتينهم الرياضي، في حين تناسب التمارين المتقطعة منخفضة الكثافة البعض الآخر.

يمثل الوقوف أيضًا تغييرًا بسيطًا قد يحمل معه فوائد كثيرة. مثلًا، أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يجلسون ساعات طويلة بسبب طبيعة عملهم، معرضون لخطر الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض الجهاز القلبي الوعائي أكثر من غيرهم.

التحكم في التوتر:

قال غريبيلر: «يواجه الأشخاص الذين يعانون التوتر في حياتهم اليومية صعوبة في فقدان الوزن. إذ تؤدي الشدة النفسية إلى تغير مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)، ما يزيد عملية خسارة الوزن صعوبة. قد يدفع التوتر أيضًا الناس إلى تناول الطعام بعشوائية».

يُنصح المرء بالالتزام بعادات تقليل التوتر التي لا تستدعي الأكل أو الشرب عشوائيًا، مثل تمارين التنفس العميق والتأمل واليوغا، وتخصيص وقت أكثر للهوايات المريحة.

انتظام النوم:

تؤدي قلة النوم والراحة إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم، ما يحفز الجسم على تخزين الطاقة التي قد يحتاج إليها خلال اليوم المرهق بطبيعته. تمثل الشحوم المخزن المفضل للجسم لتخزين الطاقة.

تؤثر قلة النوم في قدرة الدماغ على اتخاذ القرارات الصحيحة. يساعد النوم 7 – 9 ساعات يوميًا الإنسان على تأمين الطاقة اللازمة.

أخذ استراحة وقت الحاجة:

يعتقد كثير من الناس أن الاستراحة ليوم أو حتى أسبوع قد تؤثر في وزن الجسم، إلا أن زيادة الوزن التي يشعر بها المرء بعد تناول وجبته المفضلة ليلًا ليست حقيقية فعليًا.

قال الطبيب غريبيلر: «ينبغي أن يتناول المرء ما يعادل 3500 سعرة حرارية زائدة عن احتياجاته اليومية حتى يزيد وزنه رطلًا واحدًا من الدهون. قد يشعر الإنسان أنه اكتسب مزيدًا من الوزن، إلا أن جسمه قد لا يكون أكمل استقلاب الأطعمة التي تناولها ببساطة، أو أنه تناول وجبة مالحة، والوزن الزائد هذا ليس إلا احتباسًا مؤقتًا للماء والسوائل في الجسم».

يعني ذلك الحفاظ على الجسم في حالة من التوازن، بأن يكافئ المرء نفسه بين الحين والآخر بمشروباته أو حلوياته المفضلة. يُنصح الإنسان خلال فترة العطل وغيرها التي لا يستطيع الالتزام فيها بنظام غذائي محدد بأن يجري بعض التغييرات البسيطة، مثل ممارسة الرياضة أكثر أو تناول كميات أقل من الطعام.

هل توجد أطعمة تعزز الاستقلاب الغذائي؟

للأسف لا توجد أطعمة تعزز الاستقلاب الغذائي بشكل سحري. قد يقرأ البعض أن الأطعمة الحارة مثل الفلفل، والقهوة، والشاي الأخضر تزيد الاستقلاب الغذائي. تملك جميع الأصناف الغذائية فوائد مختلفة، إلا أنها لا تستطيع بشكل سحري تعزيز الاستقلاب الغذائي وإنقاص الوزن.

اقرأ أيضًا:

ما أهمية النظام الغذائي في تطوير سرطان القولون والمستقيم؟

الاستقلاب او الايض او التمثيل الغذائي ، ما هو ؟ و هل يمكن التحكم به ؟

ترجمة: رهف وقاف

تدقيق: وسام صايفي

المصدر