وفقًا للباحثين، نحو 75% من المصابين بألزهايمر غير مشخصين. ومن ثم سيكون إيجاد أداة تشخيص فعالة أمرًا حيويًا للكشف المبكر.
أوضح بحث جديد الروابط المحتملة بين بضعة عوامل ومرض ألزهايمر، إذ دُرست علاقة الإصابة بألزهايمر بكيفية إمساك القلم ورسم الصورة، وأصبح تحليل الرسم أداةً مفيدة في التقييمات المعرفية.
دُرست أيضًا الاختلافات الطفيفة التي تطرأ على التحكم في السيارة مع التقدم في العمر، تلك التي يبدو أنها مرتبطة بالمراحل المبكرة من مرض ألزهايمر.
بحسب الدراسات السابقة فإن تحليل كيفية رسم الأشخاص قد يكون مؤشرًا إلى التدهور المعرفي، لكن الاختبارات المتوفرة حاليًا تقتصر على القليل من المهام الصغيرة وهي –على هذا- غير دقيقة.
يقول البروفيسور تيتسواكي أراي: «يمكن استخدام سمات عملية الرسم كالحركة والتوقف المؤقت للكشف عن الإعاقات الإدراكية، لكن تبقى معظم اختبارات الفحص غير دقيقة نسبيًا، لذلك حللنا هذه السمات في أثناء قيام الأشخاص بمجموعة من مهام الرسم المختلفة».
راقب الباحثون 92 فردًا من كبار السن في أثناء الرسم، من أجل تحليل 22 سمةً مختلفة لتقنية الرسم الخاصة بهم. تضمنت هذه السمات ضغط القلم، والتوقف المؤقت في أثناء الرسم، وكيفية إمساكهم بالقلم، وسرعة الرسم. أُدخلت النتائج بعد ذلك وعلى أساسها صُنف الإدراك إلى الإدراك الطبيعي والضعف الإدراكي المعتدل ومرض ألزهايمر.
أظهرت النتائج تنوعًا أكبر في سرعة الرسم وكيفية إمساك القلم وتوقفًا أكثر في أثناء الرسم لدى الأشخاص ذوي المؤشر المعرفي المنخفض، كانت الفروق أكبر بين ذوي الضعف الإدراكي المعتدل ومرضى ألزهايمر مقارنةً بذوي الضعف الإدراكي المعتدل والأشخاص الطبيعيين، على هذا يمكن استخدام الاختبار على الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات الإنذار المبكر لإظهار إمكانية تطور ألزهايمر لديهم. يقول البروفيسور آراي: «رغم صغر الدراسة نسبيًا، فإن النتائج مشجعة، فهي تمهد الطريق لاختبارات فحص أفضل للضعف الإدراكي».
يمكن استخدام هذا تقييمًا ذاتيًا عبر الإنترنت إذا جُمع في برنامج يمكن الوصول إليه، سيحسن هذا نوعية حياة مرضى ألزهايمر في المستقبل. ركز الفريق أيضًا على الوقاية بتقليل عوامل الخطر إلى الحد الأدنى، بدلاً من العلاج اليائس، وأصبح تحديد عوامل الخطر أولوية، وهذا ما يعمل العلماء عليه حاليًا، بدراسة جوانب أخرى كقيادة السيارة، إذ روقبت مجموعة من المسنين الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا في ولاية ميسوري بالولايات المتحدة من كثب مدة عام واحد، وكان الهدف معرفة إمكانية الكشف عن بداية المرض بدراسة عادات القيادة فقط، دون الحاجة إلى إجراءات طبية أخرى. تحقق العلماء من إمكانية ذلك فعلًا بعد 365 يومًا من جمع المعلومات.
من بين 139 شخصًا شاركوا في الدراسة، كان نصفهم مصابًا بألزهايمر تحت سريري مؤكد بالفحوص، ونصفهم طبيعيًا. وقد كشف تحليل القيادة عن اختلافات بين المجموعتين:
يميل المصابون بألزهايمر تحت السريري إلى القيادة ببطء أكثر، وإجراء تغييرات مفاجئة، والسفر أقل في الليل، وتسجيل عدد أميال أقل، وزاروا أيضًا وجهات أقل في أثناء القيادة، والتزموا مسارات محددة.
تقول الباحثة المشاركة في الدراسة بيات: «كيفية تحرك الناس في بيئاتهم اليومية قد يخبرنا الكثير عن صحتهم»
كشفت أجهزة التعقب المثبتة في سيارات المشاركين في الدراسة عن هذه التحركات، ثم قسم الباحثون المشاركين إلى طبيعيين ومرضى ألزهايمر تحت سريري باستخدام الفحوصات الطبية مثل فحص السائل الدماغي الشوكي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني. باستخدام نتائج بيانات القيادة، صمموا نموذجًا يتوقع احتمالية إصابة شخص ما بمرض ألزهايمر تحت السريري، بواسطة عمره وبيانات القيادة الخاصة به على نظام تحديد المواقع العالمي فقط بدقة 86٪. تقول بيات: «يمكن وبثقة عالية تحديد إصابة الشخص بألزهايمر تحت السريري بهذه المعلومات القليلة جدًا».
ازدادت دقة النموذج إلى 90٪ عندما أضيف التنميط الجيني لصميم البروتين الشحمي (E)، الذي يشير إلى وجود خطر وراثي للمرض -هنا يجب الأخذ في الحسبان أن هذه المجموعة لا تمثل سوى بعض الأشخاص الذين سيصابون بمرض ألزهايمر في النهاية- لكن التوقع على أساس العمر والقيادة فقط كان بالدقة ذاتها تقريبًا.
ما زلنا بحاجة لدراسات عشوائية أكبر لإيجاد رابط نهائي بين سلوكيات القيادة المكتشفة ومرض ألزهايمر تحت السريري. تُعد هذه الطريقة منخفضة التكلفة لاكتشاف الحالة في مرحلة مبكرة، ومن ثم العلاج. لكنها أيضًا تطرح تساؤلًا حول مدى رغبة كبار السن في تتبع سلوكهم من كثب، وإن وُجدت فوائد صحية. حقيقة أن سلوك الناس في القيادة يتغير عندما يكون لديهم مرض ألزهايمر موثقة جيدًا. يقول المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة: «إن أفراد الأسرة قد يلاحظون في نهاية المطاف أن قريبهم يستغرق وقتًا أطول لإكمال رحلة بسيطة، أو أنه كان يقود سيارته بطريقة غير منتظمة، أو يتشوش حول الدواسات مثلًا».
مع ذلك، يصعب اكتشاف التغيرات الدقيقة، مثل القيادة ببطء أكثر في وقت مبكر. إذ يتطلب هذا جمع البيانات بمرور الوقت لتحليل مفصل. وتضيف بيات أن المشاركين في الدراسة من المصابين بمرض ألزهايمر تحت السريري يقودون سياراتهم أقل ليلًا، أو يقصرون قيادتهم على مناطق أصغر حول منزلهم أو يسافرون أبطأ من المتوقع. أفضل طريقة لتوقع مرض ألزهايمر تحت السريري بواسطة بيانات القيادة هي المراقبة طويلة الأمد لقيادتهم.
تقول لورا فيبس من مركز أبحاث ألزهايمر بالمملكة المتحدة إن الدراسة مثيرة للاهتمام حقًا، مضيفة أن التغيرات في سلوك القيادة غالبًا ما يلاحظها أفراد عائلة الشخص الذي شُخص لاحقًا بالمرض، وغالبًا يكون أحد الأعراض أو العلامات الأولى التي لاحظوها، وتقول إنه يوجد حاليًا عدد قليل نسبيًا من الأدوية المتاحة لعلاج مرض ألزهايمر المبكر، لكنها تأمل أن يتغير هذا في المستقبل. إن تحقق هذا، فإن الحصول على مؤشر مبكر لمن يحتمل أن يصاب بهذه الحالة -دون الحاجة إلى إجراءات مكلفة أو جراحية- سيساعد الأطباء على الإسراع بوصف العلاج. وتضيف: «أظهرت الأبحاث إمكانية وجود المرض في المخ مدة تصل إلى 20 عامًا قبل ظهور الأعراض».
أيضًا فإن تبدل السلوكيات الأخرى مثل التغييرات في طريقة التحدث والتغيرات في نمط الحياة، قد تساعد على كشف مرض ألزهايمر. ومن الإجراءات الوقائية التي يُنصح بها: العناية بصحة القلب والحفاظ على النشاط الاجتماعي والعقلي.
يساعد تحليل طريقة قيادة السيارة على تأخير بدء أعراض ألزهايمر الأشد، لكن يبقى احتمال وجود الأخطاء قائمًا، في نهاية المطاف تبقى القدرة على تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر مبكرًا أمرًا حيويًا للغاية لتحسين نوعية حياة المصابين.
اقرأ أيضًا:
لماذا النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر؟
طريقة أدق لتوقع من سيصاب بمرض ألزهايمر؟
ترجمة: هيا منصور
تدقيق: حسام التهامي