ما لا يقل عن عشرين كوكبًا على الأقل خارج مجموعتنا الشمسية يمكن أن تكون الحياة عليها أفضل من الأرض. عمر هذه الكواكب أكبر من الأرض، وهي أكثر رطوبة ودفئًا وحجمها أكبر بقليل مقارنًة بالأرض، وهذا اعتمادًا على ما كتبه الباحثون في مجلة علم الأحياء الفلكي بتاريخ 18 سبتمبر عام 2020. تؤكد هذه العوامل أن بعض هذه الكواكب مناسبة للبحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
قال عالم الأحياء الفلكية في جامعة واشنطن ديرك شولز ماكوتش: «يجب علينا التركيز على الكواكب التي يمكن أن تستقبل على سطحها حياة معقدة، ولكن يجب توخي الحذر من أجل ألا نتعثر ونحن نبحث عن كوكب أرضٍ ثانٍ، لأنه يمكن أن توجد كواكب مناسبة للحياة أكثر من أرضنا».
البحث عن كواكب مناسبة جدًا للحياة
اكتشفَ علماء الفلك أكثر من 4000 كوكب خارج نظامنا الشمسي، ومعظم هذه الكواكب غير قابلة للحياة، فمثلًا كوكب KELT-9b شديد الحرارة لدرجة أن غلافه الجوي يستمر بالتلاشي، وكوكب TrES-2b المعروف بظلمته تبلغ درجة حرارة غلافه الجوي أو 980 درجة مئوية. ويوجد كوكب GJ 433 d الذي وصفه مكتشفوه بأنه أبرد كوكب مُكتشف على غرار كوكب نبتون.
لكن هناك العديد من الكواكب في المنطقة الصالحة للحياة بالنسبة لنجومها، فالمسافة تكون مناسبة تماما بين الكوكب ونجمه، ودرجات الحرارة لا تكون عالية جدًا ولا منخفضة جدًا.
سعى شولز ماكوتش وزملاؤه إلى تحديد الكواكب الخارجية التي يُرَجح أنها مناسبة جدًا للحياة، ولا تقع بالضرورة في المنطقة الصالحة للحياة، لكنها تضم مميزات أخرى تجعلها موقعًا جيدًا لازدهار الحياة. تضمنت هذه المميزات نجمًا بالحجم المناسب ومدى حياة طويلًا، خاصة أن الحياة المعقدة على الأرض استغرقت 3.5 مليار سنة لتتطور، و4 مليارات سنة لظهور الحياة المتقدمة كالبشر.
يوفر الحجم الكبير للكوكب يابسة أكثر ومساحات توطين أكثر وجاذبية أكبر، ما يجعل الغلاف الجوي أكثر سمكًا، وهذا يفيد الكائنات الحية الطائرة.
هذا الكوكب أكثر دفئًا من الأرض، ما يجعله مناسبًا أكثر للحياة بسبب نقص المناطق القطبية الجرداء، لكن هذا الكوكب الدافئ يجب أن يكون أكثر رطوبًة من الأرض لكي لا تهيمن الصحاري على اليابسة.
وربما يشير مصطلح «أكثر قابلية للحياة» إلى الأرض في بداية العصر الكربوني، أي قبل 359 مليون سنة، عندما كانت معظم اليابسة ذات مناخ يشبه مناخ الغابات الاستوائية المطيرة.
جعل الاحتباس الحراري الأرض في عصرنا الحالي غير جيدة للحياة، لأن التغيرات تحدث بسرعة كبيرة لا تستطيع الحيوانات التكيف معها، وأدى أيضًا لارتفاع منسوب سطح البحر الذي أثرّ على البِنى التحتية للبشر، لكن رغم ذلك، فدرجات الحرارة الدافئة ليست مؤشرًا سيئًا للحياة.
كتب الباحثون: «أفضل نسخة لكوكب الأرض قد تمتلك قمرًا أكبر قليلًا أو أٌقرب، ما يؤدي لاستقرار مداره وحجب الذبذبات المعيقة لتشكل الحياة».
توصل الباحثون إلى مجموعة من الخصائص من أجل استخدامها لتلبية هذه المعايير. حسب هذه الخصائص، يقع الكوكب المثالي المناسب جدًا للحياة في مدار حول النجم القزم k، وهو نجم صغير نسبيًا وأبرد قليلًا من شمسنا -التي تصنف قزمًا أصفر- ويبلغ عمر هذا الكوكب حوالي 5 مليارات إلى 8 مليارات سنة، وأدفأ من الأرض بحوالي 5 درجات مئوية، ويحوي غلافه الجوي نسب أكسجين تتراوح بين 25% و 30%، مع توزع للمياه واليابسة.
ويجب أن يحوي الكوكب المثالي صفائح تكتونية أو عملية جيولوجية مماثلة من أجل إعادة تشكيل المعادن والعناصر الغذائية في قشرة الكوكب، وتشكيل بيئات وتضاريس مختلفة، ويجب أن يملك قمرًا يمثل بين 1% و10% من حجمه، ويدور حوله على مسافة معتدلة.
البحث عن الحياة
تقييم الكواكب الخارجية البعيدة غير ممكن وفقًا لكل هذه المعايير، على سبيل المثال لا توجد طريقة لحساب مساحة كوكب خارج المجموعة الشمسية ناهيك عن كيفية توزع اليابسة والماء.
استنادًا على العوامل التي يمكن قياسها، مثل نوع النجم ونصف قطر الكوكب، جمع الباحثون الأشياء التي تحقق هذه المعايير التي رُصدت بواسطة تلسكوب كبلر، ووجدوا 24 جسمًا مهمًا يُحتمل أن تكون كواكب. صُنف كوكبان من المجموعة مع الكواكب البعيدة وهما Kepler 1126 b و kepler-69c، وقد لا تكون الأجسام الأخرى كواكب.
من بين 24 جسمًا، تدور تسعة حول النوع المناسب من النجوم و16 منها في النطاق العمري الصحيح، وخمسة كانت في نطاق درجة الحرارة الصحيح.
كتب الباحثون أن كوكبًا واحدًا فقط هو Koi 5715.01 يقع في النطاق الصحيح لجميع المعايير الثلاثة السابقة، لكن درجة حرارة سطح الكوكب الحقيقة تعتمد على قوة تأثير الاحتباس الحراري على غلافه الجوي.
تقع هذه الكواكب المحتملة الـ 24 على بعد أكثر من 100 سنة ضوئية، البعض منها بعيد جدًا ولا تمكن دراسته ولو باستخدام أفضل التلسكوبات الموجودة حاليًا.
على سبيل المثال، يبعد kepler-69c أكثر من 2000 سنة ضوئية، ما يعني أن علماء الفلك لن يتمكنوا من فحصه في وقت قريب من كثب بحثًا عن علامات للحياة.
ومع ذلك، فإن معرفة صلاحية هذا الكوكب للحياة أمر مهم حسبما كتب شولز ماكوتش وزملائه، لأنه يمكن اكتشاف أحد هذه الكواكب على مسافة 100 سنة ضوئية.
لو صح ما كتبه الباحثون، فسيكون هذا الكوكب أول مكان يلجأ إليه الأرضيون للتحقق من وجود حياة أخرى في الكون.
اقرأ أيضًا:
علماء يطرحون أفكارًا مثيرة حول وجهتنا التالية إلى العوالم الجليدية في النظام الشمسي الخارجي
احتمال وجود حياة فضائية في أربعة عوالم في نظامنا الشمسي
ترجمة: فادي جبارة
تدقيق: سميّة بن لكحل