تحث التوصيات على الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الستة أشهر الأولى من عمر الرضيع، ومتابعتها حتى سن الثانية وما بعده.

قد تُعد الطريقة التي يُغذى بها الطفل ونوع الغذاء المقدم من أهم القرارات الأساسية -وفي الوقت نفسه من أهم القرارات الشخصية للغاية- التي ستواجهها المرأة عندما تصبح أمًا.

قد نسمع عبارات مثل «الرضاعة الطبيعية هي الأفضل»، بمعنى أنها الطريقة المثلى لتغذية الطفل.

نسمع فيما بعد الرد «المهم هو التغذية»، أي أن حليب الأم والحليب الصناعي كلاهما جيد، فالمهم هو حصول الطفل على العناصر الغذائية في معدته، عندئذ سيكون كل شيء على ما يرام.

بعدها تختلف الآراء بشأن المدة التي ينبغي أن تستمر الأم بها في الرضاعة الطبيعية «هل ما زالتِ ترضعين طفلك؟ هل تخليتِ عن الرضاعة مبكرًا؟ هل قدمت الحليب الصناعي لطفلك؟».

قد تشعر الأم أنه لا توجد طريقة صحيحة للقيام بهذا الأمر، وهناك بعض الحقيقة في ذلك لأن ما يناسب عائلة ما قد لا يكون مناسبًا لعائلة أخرى، وهذا لا بأس به.

يمكن لحليب الأم أن يوفر بعض الفوائد التي لا يمكن للحليب الصناعي تقليدها، لكن قد لا تناسب الرضاعة الطبيعية جميع الأمهات خصوصًا لفترات طويلة، وقد تتلقى الأم انطباعًا بأنها استمرت في الرضاعة الطبيعية وقتًا أطول مما يعتقده الآخرون أنها (يجب) عليها ذلك.

لا ينبغي للأم أن تشعر بالذنب أو العار أو بشعور سيء بشأن طريقة تغذية طفلها. لنواجه الأمر؛ الشعور بذنب الأمومة صعب بما فيه الكفاية، لذلك تحدثنا مع الطبيبة المتخصصة في طب الرضاعة الطبيعية المُعتمدة من البورد الدكتورة هايدي سجوي عن توصيات الرضاعة الطبيعية.

مدة الرضاعة الطبيعية

تشير الأدلة العلمية إلى أنه في حال تمكنت الأم من تزويد طفلها بالرضاعة الطبيعية (سواء كان الحليب من الأم أو من مُتبرعة)، فإن لذلك فوائده، ويوصي الخبراء أنه كلما طالت المدة كان ذلك أفضل.

تشترك الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ومنظمة الصحة العالمية في هذه التوصيات بشأن مدة الرضاعة الطبيعية:

  •  منذ الولادة حتى 6 أشهر: الإرضاع الطبيعي حصريًا.
  •  من 6 أشهر إلى 12 شهرًا: الإرضاع الطبيعي أساسيًا مع البدء بتقديم الأطعمة الصلبة.
  •  من 12 شهرًا إلى 24 شهرًا وما بعد: الأطعمة الصلبة أساسيًا مع بعض الحليب الطبيعي وفقًا لرغبة الأم والطفل.

    كانت التوصيات السابقة تقترح تقديم حليب الثدي حتى عمر العام الأول، لكن طُبقت الإرشادات الجديدة في عام 2022 استنادًا إلى الفهم بأن حليب الثدي له فوائد تمتد إلى ما بعد العام الأول من عمر الطفل، وساعدت هذه الإرشادات أيضًا على إزالة الوصمات المرتبطة بالأمهات اللواتي يخترن تمديد فترة الرضاعة الطبيعية إلى مرحلة الطفولة المبكرة.

«تمثل هذه التوصيات دعوة للجميع لتطبيقها، وهذا يشمل المستشفيات، وأطباء الأطفال، وجميع أطباء الأسرة»، هكذا صرحت الدكتورة سجوي.

تضيف أيضًا: «نريد التأكد من أن ممارساتنا وسياساتنا مهيأة لدعم الأمهات اللواتي يخترن الاستمرار في الرضاعة الطبيعية بعد العام الأول من عمر أطفالهن».

يجب التفكير في هذه الإرشادات بوصفها سيناريو مثاليًا إذا كان الاستمرار في الرضاعة الطبيعية مدة عامين أو أكثر يناسب الأم ويناسب عائلتها، وطفلها، وجسمها، وحياتها، فهي تقوم بعمل عظيم، ولا يوجد سبب للتوقف حتى تكون هي وطفلها جاهزين لذلك.

أما إذا كانت الرضاعة الطبيعية لا تناسبها، فلا بأس بذلك أيضًا، فلا يمكن تحديد قيمتها بصفتها أمًا وحبها لطفلها بأونصات من الحليب.

فوائد الرضاعة الطبيعية الممتدة

تستند التوصيات إلى الأبحاث التي تُظهر أن لحليب الأم فوائد كبيرة.

تقول الدكتورة سجوي: «تقدم الرضاعة الطبيعية فوائد هائلة -من التغذية المصممة خصيصًا وزيادة المناعة إلى الوقاية من بعض أنواع السرطان- ولا تزول هذه الفوائد مع تقدم الطفل في العمر».

تضيف أيضًا: «لدينا بيانات هائلة تؤكد فوائد الرضاعة الطبيعية لأكثر من عام عندما يكون ذلك ممكنًا».

قد تقدم الرضاعة الطبيعية العديد من الفوائد الكبيرة للأم ولطفلها:

1. الفوائد للأمهات المرضعات:

انخفاض خطر الإصابة بما يلي:

  •  داء السكري من النوع الثاني.
  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  أمراض القلب الوعائية.
  •  سرطان الثدي.
  •  سرطان المبيض.

2. الفوائد للرضيع:

انخفاض خطر الإصابة بما يلي:

  •  التهابات الأذن.
  •  الإنتانات التنفسية.
  •  الأمراض المعوية.
  •  متلازمة موت الرضيع المفاجئ.
  •  ابيضاض الدم.
  •  السكري.
  •  السمنة.
  •  الربو.
  •  الإكزيما.

تقول الدكتورة سجوي: «هناك الكثير من العوامل المناعية والمكونات الموجودة في حليب الأم، وإحدى المزايا الكبيرة لحليب الأم هي نقل الأجسام المضادة للرضيع، لذلك إذا تعرضت الأم لمرض تنفسي أو معوي، تنتقل هذه الأجسام المضادة للطفل وتقل احتمالية مرضه، لكن إذا مرض الطفل، تكون شدة المرض عنده أقل، إنها تقريبًا مثل مناعة مدمجة».

الحفاظ على إمداد الحليب فترة طويلة

تستطيع بعض الأمهات إنتاج حليب كافٍ لإرضاع أطفالهن طالما اخترن وأطفالهن ذلك، لكن بعضهن لا يستطعن، على الأقل من دون اتخاذ خطوات للحفاظ على ذلك.

إذا اشتبهت الأم أن إمداد حليبها يتراجع مع تقدم طفلها في العمر، فيجب عليها اتباع بعض الطرق لتساعدها على تعزيز زيادة إنتاج الحليب لديها.

ذكرت دكتور سجوي قائلة: «تلاحظ العديد من الأمهات أن حليبهن نقص، ويفترضن افتراضات خاطئة أنه لن يعود كما كان، لكن إذا كانت الأم ترغب في الاستمرار في الرضاعة الطبيعية، فهناك بعض الخيارات التي قد تساعدها».

يمكن تجربة الطرق التالية لزيادة إدرار الحليب:

  •  الإرضاع المتكرر: زيادة جلسات الرضاعة طالما الطفل يرضع، وإذا كانت الأم بعيدة عنه في النهار، فعليها المحاولة في المساء المبكر أو الصباح أو عطلات نهاية الأسبوع.
  •  استراتيجيات شفط (سحب) الحليب: قد تحفز جلسة شفط إضافية أو عدة جلسات قصيرة (من 5 إلى 10 دقائق خلال اليوم) عدة أيام جسم الأم على إنتاج حليب أكثر.
  •  تدليك الثدي وعصره: قد تحسن التقنيات سهلة التعلم تفريغ الحليب عند الإرضاع أو شفط الحليب.
  •  اعتناء الأم بنفسها: التخفيف من التوتر، والاستراحة عند الإمكان، والحرص على شرب المياه، والالتزام بنظام غذائي متوازن يحوي 500 سعرة حرارية إضافية يوميًا لدعم الرضاعة الطبيعية.

إنه ليس نظام (كل شيء أو لا شيء)

إذا بدت الرضاعة الطبيعية مدة عامين أو أكثر أمرًا شاقًا، فعلى الأم تذكر أن لديها خيارات. لا يعني إرضاع الطفل دائمًا تغذيته من الثدي، فهذه مجرد طريقة واحدة للإرضاع، وهناك أيضًا خيارات أخرى، مثل شفط الحليب وتقديمه للطفل في زجاجة أو كوب أو ملعقة أيضًا.

قد تجد الأم أن بنك المتبرعات قد يساعد على استكشاف إذا لم تستطع الأم الإرضاع أو إذا كانت لديها مخاوف بشأن قلة الحليب. تتم عملية بسترة حليب المتبرعة، وفحص احتوائه على مخدرات أو أدوية أو عدوى، واختباره للتلوث البكتيري قبل تخزينه وتوفيره للشراء.

تقترح الدكتورة سجوي: «إذا كانت الأم مهتمة بالحصول على حليب متبرعة، يجب التواصل مع طبيب الأطفال الخاص أو مقدم الرعاية الصحية، فقد تحتاج إلى وصفة طبية».

يجب تذكر أيضًا أن أي كمية من الحليب الطبيعي قد تكون مفيدة، وإذا أصبح تأمين متطلبات رضاعة الطفل عبئًا كبيرًا جدًا، فهناك دائمًا بدائل.

قد تجد بعض الأمهات أن التغذية بالحليب الصناعي (أو بالأغذية الأخرى والحليب بعد عام من عمر الطفل) قد تساعد على تزويد الطفل ببعض الحليب الطبيعي، مع الحفاظ على حاجاته الغذائية وعدم إرهاق الأم في هذه العملية.

تؤكد الدكتورة سجوي قائلة: «إنه ليس نظام كل شيء أو لا شيء، فأي كمية من الحليب الطبيعي يمكن تقديمها لها فائدة، وإذا لم يكن الإرضاع باستمرار مناسبًا، فلا بأس بذلك، فالأم تبذل قصارى جهدها».

إن كانت الرضاعة الطبيعية تسير على نحو جيد للأم وطفلها، فلا يوجد سبب للتوقف عنها حتى يصبحان مستعدين لذلك.

اقرأ أيضًا:

الرضاعة الطبيعية ونمو الدماغ

هل تخفف الرضاعة الطبيعية من خطر الإصابة بسرطان الثدي؟ هذا ما يقوله العلم

ترجمة: رشا الخضر

تدقيق: لين الشيخ عبيد

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر