إذا كنا لا نستطيع أن نرى سوى 3% من الكون المرئي، فكيف يمكننا معرفة العدد الكلي للمجرات الموجودة في الكون؟

تُعد مجرة درب التبانة مجرد حبة رمل ضمن عدد لا يُحصى من المجرات الموجودة في الكون، لكن إذا تحتّم علينا إجراء تخمين منطقي فكم سيكون العدد الفعلي للمجرات في الكون؟

ربما يبدو هذا مجرد سؤال بسيط، لكنه ليس كذلك على الإطلاق. إذ تكمن المشكلة الأولى التي تواجهنا للإجابة عن هذا السؤال، في أننا حتى باستخدام أقوى المقاريب الموجودة لدينا، لا نستطيع إلا رؤية جزء صغير فقط من الكون.

وفقًا لقول عالم الفيزياء الفلكية كاي نويسكي Kai Noeske؛ الذي يعمل الآن بصفته مسئول التوعية في وكالة الفضاء الأوروبية، على موقع Live Science: «يُعد الكون المرئي مجرد جزء صغير فقط من الكون، ذلك الذي استطعنا رؤيته بفضل أن الضوء يستغرق بعض الوقت ليصل إلينا».

يبلغ عُمر الكون 13.8 مليار عام، لكن الكون المرئي يمتد أكثر من 13.8 مليار سنة ضوئية في كل اتجاه في الكون، وذلك يرجع إلى أن الكون كان يتمدد كل هذا الوقت منذ أن بدأ الضوء رحلته للوصول إلينا في الوقت الذي كان فيه الكون صغيرًا.

وفقًا لقول نويسكي: «الآن، يبلغ حجم الكون المنظور نحو 46 مليار سنة ضوئية في كل اتجاه».

هذا أصغر بكثير من أقل تقديراتنا لحجم الكون، بحسب قول باميلا جاي Pamela Gay؛ العالمة البارزة في معهد علوم الكواكب، على موقع Live Science: «نحن نرى على أقصى تقدير 3% فقط من الكون».

تأتي هنا المشكلة الثانية في أنه يوجد الكثير من المجرات في جميع أنحاء الكون، فلا يمكننا عندئذ استنتاج عدد المجرات اعتمادًا على الجزء الذي نراه من الكون فحسب.

تقول جاي: «تخيل أنك تنظر إلى جزء من السماء، ثم تقوم تحصي كل شيء تراه في هذا الجزء، ثم تضاعف بعد ذلك ما أحصيتهُ بناءًا على الحجم الكلي للسماء».

لكن حتى هذا يتطلّب جهدًا شاقًّا، إذ يقول نُويسكي: «ما تعريفنا للمجرة؟ نحن نرى مجرات عملاقة يبلغ حجمها 10 أضعاف حجم مجرتنا، ونرى أيضًا الكثير من المجرات الصغيرة التي لديها حجم أقل من مجرتنا بنحو 10 مرات، وصولًا حتى إلى المجرات القزمة».

في مرحلة ما، يحتاج العلماء إلى تحديد الحد الأدنى لكتلة المجرة حتى يصبح من الممكن إجراء تقدير لعدد المجرات.

يضيف نويسكي: «لو وضعنا حدًا لكتلة المجرة وحاولنا جعل هذا التقدير مُتحفظًا لأقصى حد، مثل أن تكون الكتلة المقدرة مليون كتلة شمسية، فسينتهي بنا الأمر إلى متوسط عدد مَجرات في الكون منذ بدايته حتى الآن، يبلغ نحو 1 إلى 2 تريليون مجرة». يعتقد العلماء أن عدد المجرات كان في بداية عمر الكون أكبر مما هو عليه الآن، لذلك فإن متوسط عدد المجرات يكون متوسطًا على مر الزمن.

تقول جاي: «لكن تلك النتائج التي اعتُمد عليها في إجراء التقدير حصل عليها الباحثون من مقراب هابل ومقراب جيمس ويب الفضائي، وهذان المقرابان قريبان من كوكب الأرض داخل نظامنا الشمسي، ومن ثم فإن رصدهما محدود بسبب كل تلك الأشياء الموجودة في نظامنا الشمسي، تلك التي تضيف بعضًا من الضوء إلى الفضاء المرصود. لذلك فإنه لدينا مركبة فضائية متخصصة مجهزة بكاميرا تخطت كل تلك الضوضاء الموجودة في نظامنا الشمسي؛ تلك هي المركبة الفضائية نيو هورايزونز New Horizons».

في دراسة أجريت عام 2021، استخدم العلماء الكاميرا الموجودة على سطح المسبار الفضائي نيو هورايزونز، وأجروا قياسًا للضوء القادم من عدة أجزاء من الكون، ثم حسبوا عدد المجرات اللازم لإصدار هذا الضوء.

تقول جاي: «فجأة، وجد المسبار الفضائي الموجود خارج نظامنا الشمسي، أننا لا نحتاج كل هذه المجرات التي اعتقدنا أنها موجودة لإصدار تلك الكمية من الضوء، فقدّر العلماء عدد المجرات بنحو 200 مليار مجرة، وربما حتى 100 مليار مجرة في كوننا المرئي».

تضيف جاي: «إذن يبلغ عدد المجرات في كوننا المرئي ما بين 100 مليار كحد أدنى الى 2 تريليون مجرة على أقصى تقدير».

إذا افترضنا أننا نرى فقط 3% من الكون، فيمكننا مضاعفة هذا الرقم للحصول على العدد الفعلي للمجرات الموجودة في الكون، وإذا كان الكون المرئي أقل مما نعتقد، فإن عدد المجرات سيصبح أقل.

لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار أننا لا نعرف حجم الكون فعليًا، فإن هذه التقديرات تظل مبهمة.

تقول جاي:«إذا كان كوننا لا نهائيًا، فسوف يكون لدينا عدد مجرات لا نهائي أيضًا».

اقرأ أيضًا:

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يفجر مفاجأة حول تشكل المجرات والثقوب السوداء

بما أن الأجرام تدور حول بعضها في الفضاء، فهل تفعل المجرات ذلك أيضًا؟

ترجمة: محمد إسماعيل

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر