السؤال عن قرب البشر من الخلود كان و مازال محور دراسات طويلة و عميقة من قبل علماء مختلفين و من مجالات مختلفة.
و مع ذلك، فقد تم التوصّل إلى إجماع من قبل بعض هؤلاء الخبراء و المراقبين على الإجابة على هذا السؤال.
العالم راي كورزوايل و أتباعه جميعاً متّفقون على أن البشر على بعد 20-25 عاماً من كونهم قادرين على العيش طالماً رغبوا بذلك.
لكن مالذي سيمكّن سكّان الأرض من تحقيق ذلك؟ كورزوايل، أحد البارزين بملاحظة الإنجازات الإنسانية التي تحققت في التاريخ الحديث [اقرأ كتابه عن التفرّدية التقنية The Singularity Is Near]، يعتقد أن مفتاح الخلود هو تكنولوجيا النانو.
حيث نظراً إلى الاتجاه الذي تتطوّر فيه أجهزة الكمبيوتر و التي تصبح باستمرار أصغر حجماً و أكثر كفاءةً، سوف يصبح الناس حينئذٍ قادرين على حمل الروبوتات الصغيرة في عروقهم لتنظيف و توفير صيانة دائمة للدم و الخلايا.
كورزوايل يفترض أيضاً أن الروبوتات سوف تحلّ محل أعضائنا عندما تفشل و يصيبها الإرهاق، و من شأن هذه التطورات أن تعني أن ما دامت الروبوتات تُزوّد بالطاقة و تعمل بشكل جيد، سوف يتمكّن البشر من البقاء على قيد الحياة و إطالة العمر.
تنبؤات كورزوايل سبق و أن أثبتت من قبل أنها أبعد ما تكون عن اللادقة.
فقد تنبّأ بنجاح بالعام الذي ظهر فيه الهاتف الذكي و قدراته، كما وصف الإنترنت قبل اختراعه أصلاً.
كورزوايل أقنع زملائه في الأوساط العلمية بفرضيته حول خلود الإنسان.
هو يسمّي نظريته بقانون العائدات المتسارعة [المقصود بالمتسارعة هو النمو الأسّي للتطوّر التقني الذي “يعود” بدوره على الصناعات بكفاءة أكبر و تكلفة أقل].
حيث يوضّح أنه من خلال تكنولوجيا النانو سيكون البشر قادرين على وقف و عكس عملية الشيخوخة.
فهو يعتقد أن الروبوتات الصغيرة ستكون أضعافاً مضاعفة أكثر كفاءة من الخلايا البشرية العادية.
هو يتوقّع أيضاً أن الإنجاز لن يقتصر فقط على تحقيق الخلود، و لكنه سوف يمكّننا من إنجاز المهام التي استحالت على البشر ذو البيولوجيا العادية.
تخيّل مثلاً أن تجري في سباق أولمبي لمدة 20 دقيقة دون أن تأخذ نَفَساً، أو الغوص في الأعماق لأكثر من أربع ساعات دون أوكسجين.
مع إضافة حياة زائدة و تطوير قدرات دماغنا، كورزوايل يشير أيضاً إلى أن الروبوتات الصغيرة ستكون قادرة على تمكين البشر من فعل أشياء تستعصي على جنسنا البشري اليوم، مثل كتابة كتاب كامل في غضون دقائق!
و يعقب كورزوايل واصفاً كيف أن العالم سيتغير حولنا، فالروبوتات الصغيرة في أجسام البشر مثلاً ستكون قادرة على تغيير تصوّراتهم و خلق عوالم افتراضية في وعيهم، و الجنس الافتراضي سيصبح أمراً مألوفاً و سوف تظهر شخصيات/تصوّرات هولوغرامية ثلاثية الأبعاد أمامنا كما لو كانت حقيقية.
و يذكر أيضاً أننا البشر يجب أن نتطلّع إلى عالم نصبح فيه سايبورج [مصطلح يُطلق على الكائن الذي يجمع بين الأعضاء البايولوجية الطبيعية و بين الماكنة، كدور أرنولد شوارزنيجر في فلم المبيد Terminator] و نكون محصّنين ضد خطر أغلب الأمراض التي نواجهها اليوم.
و إلى هؤلاء الذين يزعمون أن البشر لا ينبغي أن يحتفلوا بقرب الخلود لأن الحياة الخالدة ستجلب معها الملل و اليأس، يقول كورزوايل أن “الخلود” هو مصطلح خاطئ لوصف هذه التطوّرات.
فالخلود يعني أنه من المستحيل لأحد أن يموت، الوصف الغير دقيق في هذه الحالة، حيث أن البشر مع تكنولوجيا النانو سوف يظلّون قادرين على الموت.
و الموت عن غير قصد سيكون غير محتمل، لكن مغادرة الحياة ستبقى متاحة لمن يريد ذلك.
كما أن الإرادة البشرية لن تكون على المحك.
مع ذلك، البشر على مقربة من الخلود!
- الكاتب: Andres Loubriel
- تحرير : رغدة عاصي