هل البرمجة سهلة؟
تُقاس سرعة تعلمك لمهارة ما وإتقانها بمدى رغبتك وحبك لها، ومدى استعدادك لتكريس وقتك وجهدك لاكتسابها، ومن ثم يُعد تعلم البرمجة مشابهًا لتعلم لغة أجنبية جديدة كاللغة الإنجليزية مثلًا لكن في البرمجة أنت تتعلم لغة الحاسوب وكيفية التخاطب معه. وإذا أردت أن تصبح مبرمجًا فأنت تفتح لنفسك آفاقًا واسعةً من الفرص ومجالات عديدة للعمل بالإضافة إلى دخل جيد يحقق لك استقرارًا ماديًا، إذ ازداد الطلب على التخصصات البرمجية المختلفة في أثناء السنوات الماضية ازديادًا كبيرًا.
وحتى تصبح مبرمجًا محترفًا تحتاج إلى التحلي بالصبر والبدء بتعلم العلوم الأساسية ومن ثم التدرج إلى المهارات البرمجية المتقدمة في اللغة التي تتعلمها، وتعد منصة يوتيوب مكتبةً ضخمةً تحتوي على مجموعة واسعة من الدروس التعليمية المجانية لتعلم أي لغة برمجية، أيضًا توجد برامج تعليمية مدفوعة الثمن تقدم مزايا أكبر.
في حال عدم امتلاكك لأي معرفة سابقة أو خبرة في مجال البرمجة فأفضل طريقة للبدء من طريق برنامج سولوليرن SoloLearn الذي يضم عددًا كبيرًا من الدورات التعليمية البرمجية لكافة المستويات ويمتاز بتقديم المعلومة بطريقة مبسطة وسلسة، وتوجد اشتراكات مجانية واشتراكات مدفوعة ويقدم البرنامج شهادات عند إتمام كل برنامج تعليمي.
الخطوة الأولى للبدء بتعلم البرمجة هي تخصيص وقت محدد لتعلم لغة برمجية معينة حتى تتمكن من تنظيم طريقة تعلمك بصورة أفضل، وينصح الخبراء بخلق «طفلك المدلل» وهو مشروع أو نشاط أو هدف يُسعى إليه بمثابة هدف شخصي مفضل، وليس لأنه هام أو ضروري، إذ يساعدك وضع هذا المشروع في رسم خطة واضحة للتعلم وإجبار نفسك على تنفيذها وتؤدي بك إلى اكتساب المعرفة بسرعة عن طريق التجربة والخطأ.
في حال واجهت بعض المشاكل فسيكون ستاك أوفرفلو Stack Overflow مرجعًا مليئًا بالأكواد التي تناسب احتياجاتك ويسد كافة الثغرات في مشروعك البرمجي، لكن من الأفضل أن تحاول حل المشاكل بمفردك أولًا قبل الاستعانة بمصدر خارجي.
أيضًا من النصائح الهامة للمبرمجين المبتدئين إجراء عملية الهندسة العكسية لمحاولة فهم الأكواد والتعليمات البرمجية -وهي آلية تُعنى باكتشاف المبادئ التقنية لآلة أو نظام من طريق تحليل بنيته، ووظيفته وطريقة عمله- فإذا كنت مُبتدئًا تمامًا يجب عليك تعلم المشي قبل أن تستطيع الركض. اختر لغات بسيطة كبداية مثل لغة HTML ولغة PHP للتعرف على البيئة البرمجية عمومًا.
يُعد تعلم البرمجة أمرًا مثيرًا وممتعًا فلا تفوت الفرصة ولا تهدر الوقت! تختلف لغات البرمجة فيما بينها من ناحية المفردات والأوامر لكن «المنطق» في كتابة الأكواد وتنفيذ الأوامر البرمجية ينطبق عليهم جميعًا، وتحتاج فقط إلى تعلم آلية الكتابة.
ما مدى صعوبة تعلم البرمجة؟
كما ذكرنا آنفًا، لا صعوبة في تعلّم البرمجة. يكفي اختيار لغة برمجية للبدء وتخصيص وقت لتعلمها مع التأكيد على أهمية خلق «هدف مفضل» يمنحك فوائد لا حصر لها، ومن الجدير بالذكر أن تحصل على المعرفة تدريجيًا دون القفز أو تجاوز بعض المراحل التعليمية.
ابدأ بتعلم الأساسيات مثل برمجة آلة حاسبة أو لعبة كلمات بسيطة ومن ثم طور من مهاراتك حتى تتمكن من تصميم تطبيقات أعقد من ذلك. ولنضرب مثلًا عن مسار التعلم بالنسبة إلى مطور البرامج، فنفترض أنك مبرمج مبتدئ وتريد أتمتة بعض ملفات مايكروسوفت أوفيس وجمعها وتخزينها ومعالجتها رقميًا.
يتطلب هذا النوع من التعليمات البرمجية إلمامًا بلغة فيجوال بايسك للتطبيقات VBA ومنها ستجد نفسك تعمل في قاعدة بيانات مايكروسوفت أكسس أو تستخدم لغة إس كيو إل SQL لأنها توفر خواص ومزايا أوسع في الأتمتة عوضًا عن أتمتة الصفحات بشكل منفرد.
عندما تنظم قواعد البيانات وتبرمجها بطريقة صحيحة فإنك تستطيع استيراد المعلومات من الإنترنت مثلًا بطريقة تلقائية عوضًا عن إدخالها بطريقة يدوية إلى قاعدة البيانات، ويفتح لك نظامك الجديد آفاقًا واسعةً للتطوير والابتكار وإضافة تحديثات مستمرة.
عند شروعك بإنشاء قواعد بيانات SQL ستكتشف أنك بحاجة للإلمام بلغة أتش تي إم إل HTML ولغة بي إتش بي PHP لتطوير قاعدة البيانات الخاصة بك على الويب وإدخال وتحديث السجلات حتى تعمل بطريقة صحيحة، لكن ما إن تُبحر في تلك اللغات حتى تكتشف أن إضافة أكواد من لغة جافا سكريبت Javascript ولغة بايثون Python سيعطي نتائج أفضل للإضافات والوظائف التي ترغب بإضافتها إلى مشروعك على الإنترنت دون إغفال أهمية لغة سي إس إس CSS في بناء تصميم جميل للموقع!
في أثناء رحلتك لأتمتة بعض المستندات على الإنترنت ستجد نفسك على دراية بلغة أتش تي إم إل ولغة إس كيو إل ولغة بي إتش بي ولغة جافا سكريبت ولغة بايثون ولغة سي إس إس ولغة فيجوال بازيك للتطبيقات وقد تُصبح مُلمًا بها أيضًا!
يُعد هذا النهج حيويًا للغاية ومن ثم ستبدأ بطريقة تدريجية في تطوير معلوماتك وخبرتك خاصةً عند مواجهة بعض المشكلات وحلها، وستكون رحلةً مليئةً بالتجارب بين النجاح والإخفاق، وكل ما عليك فعله هو الالتزام ومواجهة العقبات التي قد تعترض طريقك بتجربة الحلول المختلفة حتى ينجح أحدها في حل المشكلة وتصبح في النهاية قادرًا على معرفة مزايا كل لغة عن الأخرى ومتى تستعملها.
يجب أن نؤكد مرةً أخرى أن تعلم البرمجة ليس صعبًا لكن باختيار الهدف من تعلمها والسعي خلف هذا الهدف قد تجد ضالتك المنشودة وشغفك الحقيقي في الحياة!
كم تغيرت البرمجة في أثناء العقد الماضي؟
في حال اتخاذك لقرار تعلم البرمجة يجب عليك معرفة أن هذا العلم يتطور بسرعة كبيرة جدًا ومقارنةً بالبرمجة عام 2010 صار يتعين على المبرمجين التعامل مع كمية أكبر من الأكواد والتعليمات البرمجية وحتى التعامل مع لغات مختلفة على منصات متعددة.
في تقرير لشركة دايمينشينال ريسيرش Dimensional Research وهي شركة متخصصة في العلوم البرمجية العالمية وجدت أن معظم المبرمجين أجمعوا على أن البرامج صارت أكبر وأكثر تعقيدًا منذ عام 2010 وجاء التقرير بعد إجراء الشركة مقابلات مع أكثر من 500 مبرمج من أميركا الشمالية.
من نتائج هذه المقابلات أيضًا:
كمية هائلة من الأكواد نتعامل معها اليوم!
هذا ما قاله مطورو البرامج الذين شملهم استطلاع الرأي، وكما أشرنا أعلاه فإن حجم الأكواد أصبح ضخمًا جدًا وهي أكثر بكثير مما كانت عليه في عام 2010، وأشار أكثر من نصف المطورين إلى أن كمية الأكواد البرمجية تضاعفت أكثر من 100 مرة! ويُفسَر ذلك بزيادة تعقيد البرامج حتى تتمكن من خدمة المنصات المتزايدة والمختلفة.
يضع هذا الوضع الجديد المطورين –خاصة مطوري الويب- أمام تحدٍ هام وهو العمل مع منصات مختلفة ولغات منوعة والتعامل مع مختلف الأجهزة والبنى الحاسوبية وغيرها.
معظم الشركات صارت تعتمد على الخدمات البرمجية والتقنية
يُعد توسع الشركات في أثناء العقد الماضي وتحول أغلبها إلى شركات تقنية أو شركات تعتمد على التقانة في تنفيذ خدماتها أحد أسباب زيادة الأكواد البرمجية أيضًا مع أن بعض هذه الشركات في أصلها ليست شركات تقنية كشركات التأمين وشركات البيع بالتجزئة وحتى شركات الأغذية والمشروبات، فقد طورت تطبيقاتها الخاصة وحلولها التقنية المختلفة الخاصة بها.
أفاد 91% من المشاركين في الاستطلاع أن معظم الشركات غير التقنية أصبحت تعتمد على تقنية برمجية معينة وذلك منذ عام 2010 فمثلًا شركة وول مارت العالمية للتجارة العامة أصبحت ترعى مؤتمرات تقنية عالمية تقدم فيها مختلف العروض والتحديثات التقنية العالمية.
في النهاية، إذا أثار ما سبق وأهمية البرمجة انتباهك ونالت إعجابك فهذا هو الوقت المناسب للبدء في مشروع تعلم البرمجة، وإذا كان العقد الماضي قد شهد طلبًا متزايدًا على الخدمات البرمجية فإن العقد القادم سيشهد طلبًا مضاعفًا وستكون وظيفة برمجي أو مطور برامج اختيارًا ذكيًا للدراسة بالنسبة للطلاب في المرحلة قبل الجامعية. وفي حال كنت تخطط لذلك فلنكن أول من يرسل لك أطيب الأماني بالتوفيق!
اقرأ أيضًا:
تعرف على لغات البرمجة الأوسع انتشارًا
ترجمة: بيان علي عيزوقي
تدقيق: حسام التهامي
مراجعة: آية فحماوي