كل ما يجب معرفته عن سرطان القولون
إحصائيات
سرطان القولون والمستقيم Colorectal Cancer هو ثالث أنواع السرطان التي يتمُّ تشخيصها في العالم شيوعًا حالياً عند كلا الجنسين (بعد البروستاتا والرئة عند الذكور والثدي والرئة عند النساء)، وهو كذلك السرطان الثالث القاتل من بين كلِّ أنواع الأورام الخبيثة، سنويًا يتم تشخيص مليون ونصف مليون حالة جديدة من سرطان القولون ويُسبِّب 700 ألف وفاة حول العالم.
سرطان القولون أكثر شيوعًا بكثير في الدول الصناعيَّة منه في الدول النامية، ويعود ذلك بشكل أساسي لنوعية الغذاء ونمط الحياة الغربي، وبخلاف العديد من أنواع الأورام الخبيثة التي بدأت نسبتها بالتناقص في السنوات الأخيرة بعد اكتشاف أهم العوامل المؤهِّبة وتجنُّبها، مازالت نسبة حدوث سرطان القولون ثابتة بل وفي تزايد في كثير من مناطق العالم.
عوامل الخطورة
● نوعيَّة الغذاء: الغذاء الغني باللحوم الحمراء واللحوم المُعلَّبة والمُدخَّنة والدهون والذي يحوي كميَّة قليلة من الفواكه والخضار.
● البدانة: الوزن الزائد هو أحد عوامل الخطورة لحدوث سرطان القولون والوفاة بسببه.
● التدخين: التدخين بكافّة أشكاله هو عامل خطورة للإصابة بمختلف أنواع السرطان ومنها سرطان القولون والمستقيم.
● قلة الحركة والنشاط: نمط الحياة الذي لا يشمل على نشاط يومي كافٍ.
● التعاطي الزائد للكحول: هناك ارتباط مؤكَّد بين التعاطي الزائد للكحول وبين الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
● التقدُّم بالعمر: يزداد احتمال الإصابة كلَّما تقدّم الإنسان بالعمر، وغالبيّة حالات سرطان القولون تحدث بعد عمر الخمسين.
● العِرق: احتمال إصابة السود واليهود بسرطان القولون أكبر من بقيِّة الأعراق الأخرى، ويعود ذلك للعادات الغذائيَّة وبعض الطفرات الجينية المُسرطنة (كطفرة I1307K APC الموجودة عند نسبة لا بأس بها من اليهود).
● تاريخ العائلة: وجود قريب من الدرجة الأولى مصاب بسرطان القولون وخصوصًا إذا حدثت لديه الإصابة قبل عمر 45 هو عامل خطورة مهم للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، 20% من حالات سرطان المستقيم تحدث عند أشخاص لدى عائلاتهم تاريخ مع المرض.
● تاريخ شخصي أو عائلي من الإصابة ببعض أمراض القولون : بعض الأمراض الإلتهابيّة التي تصيب الأمعاء والقولون كالتهاب القولون القرحي Ulcerative colitis وداء كرون Crohn’s Disease هي عوامل مؤهِّبة للإصابة بسرطان القولون، وكذلك وجود بوليبات polyps في القولون. وتزداد الخطورة كلَّما زاد حجم وعدد هذه البوليبات.
● متلازمات وراثيَّة مؤهِّبة: حوالي 5 – 10% من حالات سرطان القولون تحدث عند أشخاص لديهم اضطرابات وراثيَّة وجينيَّة مُتنوِّعة منها مثلًا:
– متلازمة البوليبات العائليَّة Familial adenomatous polyposis FAP
– متلازمة لينش Lynch syndrome
الأعراض والتشخيص
● تغيُّر عادات التغوُّط، كالإسهال المُزمن والإمساك المُزمن غير المُفسَّرين أو تناوب بين الإسهال والإمساك.
● وجود الدم مع البراز، قد يكون ممزوجًا مع البراز أو مُنفصلًا عنه.
● البراز الزفتي، لون البراز الأسود يدلُّ على وجود نزف هضمي علوي.
● تقلصات وآلام البطن.
● سوء الحالة العامّة والتعب والوهن الناتج عن فقر الدم الذي يسببه النزف الدموي.
● نقص الوزن غير المُفسَّر.
● انسداد الأمعاء يحدث في الحالات المُتقدِّمة عندما تكبر كتلة الورم كفاية لتسد فتحة الأمعاء.
للأسف في أغلب الحالات لا يُكتشف سرطان القولون إلّا بعد ظهور واحد أو أكثر من الأعراض السابقة، ممّا يعني أنّ الورم قد أصبح في مرحلة مُتقدِّمة.
عند الاشتباه بسرطان القولون عن طريق الأعراض السابقة أو فحوص الكشف المُبكّر أو صدفة حتى، يقوم الطبيب المُختص بسلسلة من الإجراءات لتأكيد التشخيص.
تبدأ بالتاريخ المرضي المُفصّل والفحص السريري الدقيق، وتشمل أيضًا على عدد من الاستقصاءات الشعاعيَّة، أهمُّها الطبقي المحوري CT للبطن والحوض لدراسة شكل الكتلة وامتدادها وغزوها للأعضاء المجاورة وتحرِّي وجود نقائل للكبد والعقد اللمفاويّة، يتمُّ بعدها إجراء تنظير قولون Colonoscopy مع أخذ خزعة من الكتلة ودراستها مجهريًا لتأكيد التشخيص.
من التحاليل المخبريّة التي قد تُساعد في وضع التشخيص :
CBC (لدراسة خضاب الدم الذي ينخفض في حالات النزف المزمن)، خمائر الكبد (ترتفع في حال وجود نقائل من الورم الأصلي إلى الكبد)، الواسمات الورميَّة CEA ،CA19-9 (تفيد هذه الواسمات بشكل أساسي لمراقبة سير العلاج وحدوث النكس وله فائدة محدودة في التشخيص).
الأنواع والتصنيف
95% من سرطان القولون والمستقيم هي أدينوكارسينوما Adenocarcinoma مع وجود أنواع أخرى أقل شيوعًا: كارسينويد Carcinoid ، لمفوما Lymphoma ، ساركوما Sarcoma.
يتمُّ تصنيف سرطان القولون والمستقيم وفق نظام TNM غالبًا، ويوجد طرق أخرى لتصنيف سرطان القولون والمستقيم، منها مثلًا نظام ديوك Dukes System الذي كان مُعتمدًا سابقاً ومنها تصنيف باثولوجي (Grading) يعتمد على مدى تمايز خلايا الورم وتشابهها مع خلايا القولون الطبيعية، رغم كلِّ ذلك يبقى نظام TNM هو المُعتمد عالميًا لتحديد مرحلة الورم وإنذاره.
العلاج
مازالت الجراحة هي العلاج الرئيسي والأكثر شيوعًا لأورام القولون والمستقيم، ويختلف هدف ونوع العلاج الجراحي بحسب مرحلة الورم ومدى انتشاره، في المراحل الباكرة جدًا عندما يكون الورم صغيرًا أو على شكل بوليب فقط، يمكن استئصاله بالتنظير الهضمي السفلي، في مراحل لاحقة عندما يكبر حجم الورم ويزداد انتشاره وغزوه لطبقات جدار القولون يتمُّ استئصال الجزء الحاوي على الورم وأحيانًا كامل القولون (Colectomy) مع العقد اللمفاوية المجاورة وبعدها يتمُّ إعادة مفاغرة طرفي القولون المقطوع، وفي بعض الحالات المتقدِّمة تُجرى الجراحة لهدف تلطيفي فقط وهو إزالة أو تخفيف إنسداد الأمعاء.
يُستخدم العلاج الإشعاعي في سرطان القولون والمستقيم عادةً بعد الجراحة بعدِّة أسابيع لقتل أي خلايا أو أنسجة خبيثة مُتبقيّة في مكان الورم الأصلي ممّا يُقلّل احتمال النكس بشكل كبير، وأحيانًا يتمُّ استخدام الأشعَّة كعلاج رئيسي عند المرضى الذين لا تسمح صحَّتهم العامَّة بالخضوع للجراحة.
في الحالات المُتقدِّمة من سرطان القولون عندما يكون الورم مُنتشرًا إلى أعضاء أخرى ولا فائدة تُرجى من الجراحة، يغدو العلاج الكيميائي هو المقاربة العلاجيَّة الرئيسيَّة وأحيانًا تُعطى الأدوية الكيميائيَّة المُضادَّة للسرطان بعد الجراحة بفترة وجيزة لقتل أي خلايا خبيثة موجودة في الدم أو اللمف.
ومن العلاجات الحديثة التي تُشرك في علاج سرطان القولون، والتي بدأت تُعطي نتائج مُشجِّعة: المعالجة الهدفيَّة، وخاصَّةً بالأدوية التي تستهدف وتمنع تشكُّل الأوعية الدمويَّة الورميَّة (Drugs that target blood vessel formation VEGF).
المآل المتوقع ومعدَّل النجاة
يمكن تصنيف العديد من الأورام إمَّا إلى جيِّدة المآل وقليلة العدوانيَّة كسرطان الجلد أو سيئة المآل وشديدة الخبث كسرطان البنكرياس، بينما في سرطان القولون هناك تفاوت كبير في المآل المتوقع بين الورم الذي يُكتشف في المراحل الباكرة وذلك الذي يتأخر تشخيصه وعلاجه، إذ قد يتراوح معدَّل النجاة لخمس سنوات بين أكثر من 90% إلى قرابة 10%!
إعداد : د . محمد الأبرص
تدقيق: أحمد اليماني