كان هولاكو خان (1216-1265) فاتحًا مغوليًّا ومؤسسًا للسلالة الإلخانية في إيران، وهو الذي قمع الطائفة الإسماعيلية وهزم آخر خلفاء بني العباس.
هولاكو (هوليغو أو هوليئو باللغة المنغولية، أو آلاو وفقًا لماركو بولو) هو حفيد جنكيز خان، والأخ الأصغر لمونكو خان وقوبلاي خان.
تولى هولاكو مسؤولية ترسيخ الفتوحات المغولية التي تمت في غرب آسيا، بقمع الطائفة الإسماعيلية التي اتخذت قلعة الموت (شمال غرب إيران) مقرًا لها وعُرِف أتباعها باسم (الحشاشين)، وبمهاجمة الخلافة العباسية إن تطلب الأمر. قرر ذلك مجلس أمراء المغول (الكورولتاي) الذي عُقِد سنة 1251 حين أصبح مونكو خان خاقانًا (ملكًا) أعظم للإمبراطورية المغولية.
غادر هولاكو منغوليا على رأس جيش كبير في خريف 1253، عبر طريق ممهد مُعَد بعناية، فاجتاز نهر جيحون (أمو داريا في آسيا الوسطى) ثم حدود (خانية الجاغاطاي) نحو بلاد فارس (إيران) في بداية 1256، وبحلول نهاية تلك السنة كان قد فتح معظم قلاع الإسماعيلية وألقى القبض على إمامهم.
أُرسِل إمام الإسماعيلية إلى منغوليا فأُعدم هناك بأمر الخان الأعظم، وتبعت ذلك مذبحة شاملة للأتباع، فلم تقم للطائفة قائمة بعد ذلك.
قضى هولاكو صيف 1257 في مراسلات دبلوماسية أجراها من مقره في همدان مع الخليفة العباسي (المستعصم) في بغداد، كانت نتيجتها رفض الخليفة مطالبة المغول بخضوعه، فسير هولاكو جيشه إلى بغداد في خريف تلك السنة.
هُزم جيش الخليفة في المعركة التي جرت في 17 يناير 1258 م (656 هـ) ووصل هولاكو بنفسه إلى أسوار بغداد في الثاني والعشرين من نفس الشهر، واستسلمت العاصمة في 10 فبراير وقُتل الخليفة المستعصم.
روى ماركو بولو، ثم لونغفيلو بعده بقرون، كيف تُرِك الخليفة يتضور جوعًا وهو سجين في برج مليء بالذهب والفضة، لكن هذه القصة خيالية مُختلَقة. والأرجح أن هولاكو أمر بلف الخليفة في بساط وضربه -أو دعسه- حتى الموت (لئلا يُسفك دم ملكي، وكانت تلك عادة المغول في إعدام الأمراء).
كان موت المستعصم نهاية الخلافة الإسلامية، رغم محاولة مماليك مصر الحفاظ عليها شكليًا، ورغم أن سلاطين العثمانيين اتخذوا لقب الخليفة لاحقًا.
ترك هولاكو بغداد منسحبًا إلى أذربيجان، ومذّاك أصبحت الأخيرة عاصمة الإلخانيين، ومنها تحرك لفتح سوريا في خريف 1259.
سقطت حلب بعد حصار قصير واستسلمت دمشق دون قتال، وبحلول صيف 1260 وصل المغول إلى غزة على حدود مصر، لكن الأنباء التي بلغت هُولاكو بموت أخيه الخان الأعظم مونكو في الصين جعلته ينسحب عائدًا إلى (فارس)، وانهزم جيشه المُنهَك على يد المصريين في عين جالوت بفلسطين في سبتمبر 1260.
ثم شهدت منطقة القوقاز في الفترة 1262-1263 معارك بين هولاكو وابن عمه بركة خان، زعيم القبيلة الذهبية وحليف مماليك مصر (أعداء هولاكو)، وكان النصر حليف هولاكو في البداية فعبرت قواته نهر تيريك متوغلةً في أرض بركة خان إلا أنها ارتدت لاحقًا وقد تكبدت خسائر جسيمةً، وغرق في النهر جمع عظيم منها حين انهار الجليد تحت حوافر الخيول.
كانت تلك آخر حملات هولاكو، إلى جانب إخماد ثورات الموصل وبلاد فارس، ومات في 8 فبراير 1265 ودُفن على قمة صخرة عظيمة بارتفاع ألف قدم (نحو 300 متر) فوق سواحل جزيرة شاهي في بحيرة أرومية (شمال غرب إيران)، ودُفنت معه الجواري ليخدمنه في الحياة الأخرى، وكان هولاكو آخر أمير مغولي يُدفن وفق الطريقة التقليدية الوثنية.
ضمت الإمبراطورية التي أسسها هولاكو ولايات جنوب القوقاز والعراق وشرق تركيا وإيران، وحمل هو وخلفاؤه لقب إيلخان أو (إلخان)، ويعني الخان التابع، فهم تابعون للخان الأعظم في منغوليا (ثم الصين).
ديانة هولاكو غير مؤكدة فربما تمسك بمعتقدات آبائه الشامانية وربما تحول إلى البوذية، لكن أمه وزوجته الرئيسية دوكوز كانتا مسيحيتين على المذهب النسطوري، وقد عطف هولاكو على رعاياه المسيحيين فعوملوا في عهده معاملةً تفضيليةً.
اهتم هولاكو بالبناء، إذ كان -مثل كثير من خلفائه- بنّاءً عظيمًا، وأعظم إنجازاته المعمارية بناء مرصد (مراغة)، حيث أجرى العلماء المسلمون والمسيحيون وعلماء الشرق الأقصى أبحاثهم.
اقرأ أيضًا:
ما الذي وقف في وجه حرب المغول وحال دون استعمارهم لأوروبا؟
ارث جنكيز خان الجيني في خطر … رجال آخرون دخلوا في المنافسة
ترجمة: الحسين الطاهر
تدقيق: رزوق النجار
مراجعة: أكرم محيي الدين