تعد التجارب النووية خطرًا يهدد البشرية، تلافت البشرية قدرًا كبيرًا من هذا الخطر في 5 أغسطس 1963، إذ وقع ممثلو الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبريطانيا معاهدة حظر التجارب النووية، التي تجرم تجارب الأسلحة النووية في الفضاء الخارجي أو تحت الماء أو في الغلاف الجوي. وقع المعاهدة الرئيس كينيدي قبل 3 أشهر فقط من اغتياله، ورُحِبَ بها خطوةً أولى مهمة نحو الحد من التسليح النووي.
بدأت المحادثات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بخصوص حظر التجارب النووية منتصف خمسينيات القرن الماضي. اتفق مسؤولو الدولتين على أن سباق التسلح النووي قد بلغ حدًا خطيرًا. أيضًا فإن التظاهرات ضد التجارب النووية في الغلاف الجوي قد اكتسبت قوة. مع ذلك استمرت المحادثات سنوات بين الدولتين (انضمت بريطانيا لاحقًا). وكثيرًا ما تعطلت عند إثارة مشكلة التحقق، إذ أرادت الولايات المتحدة وبريطانيا إجراء عمليات تفتيش في المواقع، ما عارضه السوفييت بقوة. سنة 1960، اقتربت الأطراف الثلاثة من الوصول إلى اتفاق، لكن سقوط طائرة تجسس أمريكية على الأراضي السوفيتية في مايو من العام ذاته أدى إلى تعطيل المحادثات.
«جاء توقيع معاهدة حظر التجارب النووية – في 5 أغسطس 1963- قبل يوم واحد من الذكرى 18 لإسقاط القنبلة النووية على مدينة هيروشيما اليابانية».
في أكتوبر 1962، دخل قادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في مواجهة سياسية وعسكرية متوترة حول وضع الصواريخ السوفيتية النووية في كوبا، على بعد 145 كيلو متر فقط من السواحل الأمريكية. ذكر الرئيس كيندي مسألة الصواريخ في خطابه في 22 أكتوبر 1962، وتحدث عن قراره فرض حصار بحري حول كوبا، مشيرًا بوضوح إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لاستعمال القوة العسكرية لحماية أمنها القومي. وعلى هذا، خشي العديد من الناس كون العالم على شفا حرب نووية. انقشعت الأزمة عندما وافقت الولايات المتحدة على اقتراح الرئيس السوفيتي خروتشوف بإزالة الصواريخ الكوبية مقابل وعد أمريكي بعدم غزو كوبا، إضافةً إلى ذلك، وافق كينيدي سرًا على إزالة الصواريخ الأمريكية من تركيا.
مثلت أزمة الصواريخ الكوبية دفعة مهمة لمواصلة المحادثات الخاصة بحظر التجارب النووية.
في يونيو 1963، استُكملت مفاوضات حظر التجارب النووية، وسط تنازلات من جميع الأطراف. في 5 أغسطس 1963، وقع على معاهدة حظر التجارب النووية في موسكو كل من وزير الخارجية الأمريكي دين راسك، ووزير الخارجية السوفيتي أندريه غروميكو، ووزير الخارجية البريطاني دوغلاس هوم، في حين رفضت فرنسا والصين المشاركة.
كانت المعاهدة خطوة صغيرة لكن مهمة نحو الحد من الأسلحة النووية. في السنوات اللاحقة تطورت المحادثات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لتشمل تقنين وضع العديد من الأسلحة النووية، وإزالة البعض الآخر.
سنة 1996، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة المعاهدة الشاملة لحظر التجارب النووية، التي تُحرم تجربة الأسلحة النووية المتفجرة، وكل أنواع التفجيرات النووية الأخرى. كان الرئيس بيل كلينتون أول رئيس يوقع المعاهدة، تلا ذلك توقيع 180 دولة. لكن مجلس الشيوخ الأمريكي رفض المعاهدة سنة 1999. جادل رافضو المعاهدة بأن حظر التجارب يضر بأمن الترسانة الأمريكية النووية ودقتها، وزعموا أنه من المستحيل ضمان امتثال جميع الدول للمعاهدة. رفضت عدة دول أخرى، متضمنةً الهند وكوريا الشمالية وباكستان، التصديق على المعاهدة.
اقرأ أيضًا:
الأبطال الأسطوريون في اليونان وروما القديمة
ترجمة: زكريا بيشلفن
تدقيق: محمد الشعراني
مراجعة: أكرم محيي الدين