أعلن هيساوا تاناكا، الرئيس التنفيذي لشركة توشيبا، استقالته من المنصب بتاريخ 21 يوليو 2015، إثر فضيحة محاسبية تتعلق بتضخيم الأرباح التشغيلية، بقيمة وصلت إلى 1.2 مليار دولار. كُشفت تفاصيل الفضيحة عندما أصدرت لجنة تحقيقية مستقلة تقريرًا شرحت فيه بالتفصيل وجود مخالفات محاسبية. وكُشف وجود ممارسات محاسبية معيبة خلال السنوات السبع السابقة، تورط فيها اثنان من الرؤساء التنفيذيين السابقين، إضافةً إلى تاناكا.
أشار التحقيق إلى أن الرئيس التنفيذي للشركة لم يوجه أي شخص للتلاعب بالحسابات، بل مارس ضغطًا مكثفًا على المرؤوسين، وانتظر أن تحقق ثقافة الشركة النتائج المرتقبة.
لمحة عن شركة توشيبا
تأسست توشيبا في اليابان عام 1875. قادت توشيبا الازدهار الذي حصل في اليابان عقب الحرب العالمية الثانية، وفي أواخر الخمسينيات، محققةً نموًا عاليًا، ومنشئةً طيفًا واسعًا من المنتجات المبتكرة والفريدة، وبدأت توشيبا بيع منتجاتها في الأسواق الأجنبية خلال تلك الفترة، وواصلت توسيع نشاطها عبر العالم خلال العقود التالية.
تشغل الشركة منذ 2020 وحداتها على مستوى العالم في مختلف الصناعات، التي تشمل أشباه الموصلات والأجهزة الإلكترونية الشخصية والبنية التحتية والأجهزة المنزلية والمعدات الطبية. تخطت مبيعات توشيبا حول العالم 3,38 ترليون ين ياباني أو 31 مليار دولار أميركي في السنة المالية 2020، وتوظف الشركة ما يزيد على 125,648 موظفًا حول العالم.
نتائج التحقيق
توصل المحققون إلى أدلة تفيد بوجود ممارسات محاسبية مشبوهة وتضخيم الأرباح في عدة وحدات للشركة، من ضمنها الوحدات الخاصة بالمنتجات البصرية والحاسوب وأشباه الموصلات. بدأت المخالفات المحاسبية عام 2008 في عهد الرئيس التنفيذي آتسوتوشي نيشيدا، في أثناء الأزمة العالمية التي أثرت في أرباح توشيبا بشدة. واستمرت تلك المخالفات في عهد الرئيس التنفيذي اللاحق نوريو ساساكي، وظهرت للعلن خلال فترة رئاسة تاناكا للشركة.
تنوعت الأساليب الاحتيالية في وحدات الشركة المختلفة، إذ وجد المحققون أدلةً على تقييد الأرباح المستقبلية بوقت أقرب، وإخفاء الخسائر، وتأخير الرسوم، إضافةً إلى ممارسات أخرى أنتجت تضخمًا في الأرباح. مع تعدد تلك الأساليب، كشف المحققون عن مجموعة من الأسباب المباشرة وغير المباشرة، التي توضح كيفية استمرار تلك المخالفات في أقسام الشركة.
يصف المحققون كيف وضعت قيادة الشركة أهدافًا ربحية صارمة لرؤساء الوحدات، عُرفت تلك الأهداف بالتحديات، وارتبطت غالبًا برسالة ضمنية مفادها عدم قبول الإخفاق. في عدة حالات، وُضعت التحديات بنهاية الربع السنوي، بحيث لم يعد هناك ما يكفي من الوقت لفعل اللازم للتغلب على تلك التحديات، ما يجعل الخيار الوحيد أمام رؤساء الوحدات لتحقيق الهدف هو استخدام أساليب محاسبية غير نظامية.
استنتج المحققون أن ثقافة شركة توشيبا، القائمة على طاعة الرؤساء، هي من العوامل المهمة التي أدت إلى حدوث ممارسات محاسبية احتيالية. سادت هذه الثقافة على مستوى رؤساء الوحدات وكل مستويات سلسلة السلطة حتى المحاسبين، الذين استخدموا تلك الأساليب المحاسبية.
سلطت اللجنة التحقيقية الضوء على ضعف ثقافة الحوكمة والضوابط الداخلية في كل مستويات شركة توشيبا، ورُصِد خلل في آلية عمل الضوابط الداخلية في أقسام المالية والتدقيق وإدارة المخاطر ولجنة الإفصاح عن الضمانات، إذ لم تعمل الضوابط الداخلية بنحو صحيح لاكتشاف السلوكيات المخالفة وإيقافها.
التصحيح
تضمن التقرير توصيات محددة لمنع تكرار حدوث ممارسات غير مقبولة في وحدات الشركة. شملت هذه التوصيات إعادة تشكيل ثقافة الشركة، والتخلص من نظام التحديات المستهدفة للربح، وإعادة بناء الضوابط الداخلية ووضع ثقافة حوكمة قوية، ويوصي التقرير باستحداث نظام منيع للإبلاغ عن المخالفات وتعميمه حتى يتمكن الموظفون من استخدامه دون خوف من العقوبة.
استجابةً للتقرير، أصدرت توشيبا بيانًا أوضحت فيه الإجراءات الأولية التي ستتخذها الشركة، ووعدت بالنظر في نتائج التقرير بجدية، والأخذ بالتوصيات الواردة فيه في كل وحداتها مستقبلًا. وعدت توشيبا بإعلان نتائج التدقيق الذي ستجريه في الوقت المناسب.
اقرأ أيضًا:
كل ما تود معرفته عن الاقتصاد التطوري
ترجمة: علي حميد
تدقيق: عبد الرحمن داده
مراجعة: أكرم محيي الدين