كثرة الخلايا البدينة (Mastocytosis) هي حالة نادرة يحصل فيها زيادة كبيرة في عدد الخلايا البدينة داخل أنسجة الجسم، لكن في البداية، لنتعرّف ما هي الخلايا البدينة أصلاً، وما هي وظائفها.
الخلايا البدينة (Mast cells)
هي خلايا تنتج في نُقيّ (نخاع) العظم (Bone Marrow)، وهو نسيج إسفنجي يملأ الأماكن الفارغة من العظم، وتعتبر الخلايا البدينة من الخلايا طويلة العمر، إذ وجد في بعض التجارب على الفئران أن متوسط عمرها يصل إلى 12 أسبوع مقارنة بالخلايا الأخرى.
ولفهم وظيفتها، لتتخيل معي أن عدوًا دخل إلى الجسم، فإن هنالك نظامًا دفاعيًا كاملًا وخلايا مخصصة لمواجهة ذلك العدو وواحدة من هذه الخلايا هي الخلايا البدينة، لكن من هو عدوها الذي تواجهه بالفعل؟
إذا كان الجسم الغريب الداخل للجسم هو من المواد التي تسبب الحساسية مولدات الحساسية (Allergens)، فإن هذه المادة سترتبط مع الخلية البدينة مسببةً تفجرها ليخرج منها مواد كيميائية عديدة أهمها الهيستامين (Histamine) وتذهب جميعها إلى مجرى الدم.
يوسِّع الهيستامين الأوعية الدموية وهو المسبب للحكة والانتفاخات في الجلد. وأخيرًا يذهب الهيستامين إلى الرئتين مسببًا إفراز المخاط (Mucus) في الشعب الهوائية (القصبات) وبالتالي تضييقها مؤديًا إلى صعوبة التنفس.
الأنواع (Types)
تصنف كثرة الخلايا البدينة إلى نوعين:
- كثرة الخَلايا البدينة الجلدية (Cutaneous Mastocytosis) التي تؤثر على الأطفال بشكل أساسي: تتجمع الخلايا البدينة في الجلد فقط بينما تكون أعدادها طبيعية في الأماكن الأخرى من الجسم.
- كثرة الخَلايا البدينة الجهازية (Systemic Mastocytosis) التي تؤثر على البالغين بشكل أساسي: تتجمع الخلايا البدينة في جميع أنسجة الجسم كالجلد والأعضاء الداخلية والعظام، ولها تصنيفات ثانوية حسب الأعراض التي تسببها.
أعراض كثرة الخلايا البدينة (Symptoms)
تختلف الأعراض باختلاف النوع:
أعراض كثرة الخلايا البدينة الجلدية:
أكثر الأعراض شيوعًا هي زيادة التورمات على الجلد كزيادة النتوءات والبقع والبثور.
كثرة الخَلايا البدينة الجهازية:
تحصل نوبات من أعراض شديدة تستمر من 15 إلى 30 دقيقة، غالبًا مع مسببات معينة كبذل الجهد والتوتر.
أثناء النوبة قد تعاني من:
- رد فعل جلدي مثل الحكة مع احمرار الجلد.
- أعراض هضمية مثل الإسهال والشعور بالغثيان.
- ألم في العضلات والمفاصل.
- تغير المزاج والصداع مع التعب.
تُقسم كثرة الخلايا البدينة الجهازية إلى عدة أقسام ثانوية:
- كثرة الخَلايا البدينة البطيئة (Indolent): تتراوح الأعراض من خفيفة إلى متوسطة مع اختلافها من شخص إلى آخر وهي تشكل 90% من حالات كثرة الخلايا البدينة.
- كثرة الخَلايا البدينة العدوانية (Aggressive): عندما تبدأ الخلايا البدينة بالانقسام داخل الكبد والطحال والجهاز الهضمي، فإن الأعراض ستكون أوسع وأشد. مع ذلك تكون الأضرار الجلدية غير شائعة.
- كثرة الخَلايا البدينة ذات العلاقة بأمراض الدم: مثل اللوكيميا المزمنة (Chronic leukemia).
الحساسية المفرطة (Severe Allergic Reaction)
إن مرضى كثرة الخَلايا البدينة لديهم قابلية تطوير تفاعل حساسية شديد ومهدد للحياة يُعرف بالتأق (Anaphylaxis).
تزداد احتمالية التأق مع زيادة عدد الخلايا البدينة وما تخرجه من كميات كبيرة من الهيستامين إلى الدم.
إن كنت مصاباً بكثرة الخلايا البدينة فيجب عليك حمل حاقن ذاتي للأدرينالين (Adrenaline auto injector) لعلاج أي أعراض للتأق.
يُذكر أن أعراض التأق كثيرة وتحتاج إلى دراسة أخرى.
أسباب كثرة الخلايا البدينة (Causes)
ليست كل أسباب المرض معروفة، لكن يبدو أنّه ثمة ارتباط ما بين ظهور المرض وطفرة تحدث في أحد الجينات، تسمى طفرة كيت (KIT mutation).
تجعل طفرة كيت تجعل الخلية البدينة حساسة أكثر لعامل الخلية الجذعية (Stem Cell Factor) (SCF) الذي له دور في تحفيز إنتاج وبقاء خلايا معينة مثل الخلايا البدينة وخلايا الدم، وكل هذا يحدث داخل نقيّ العظم.
يبدو أن هذه الطفرة تنتقل عادة عبر العائلة، لكن في حالات عديدة تظهر هذه الطفرة بدون سبب معروف.
تشخيص كثرة الخلايا البدينة (Diagnosis)
لتشخيص كثرة الخَلايا البدينة الجلدية فإن أول خطوة هي الفحص الجسدي.
قد يفرك الطبيب العام لطفلك أو طبيب الأمراض الجلدية المنطقة المتضررة من الجلد ليرى فيما إذا كانت ستحمر أو تلتهب أو تحك. وهذا ما يُعرف ب علامة دارير (Darrier’s Sign).
يمكن التشخيص بواسطة فحص النسيج (الخزعة) (Biopsy) بأخذ عينة من الجلد لفحص الخلايا البدينة فيها.
أما فحوصات كثرة الخلايا البدينة الجهازية:
- فحوصات الدم: تتضمن فحص الدم الشامل (Full Blood Count) (FBC) ومستويات إنزيم التريبتاز في الدم.
- الفحص بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو): للبحث عن أي تضخم في الكبد والطحال.
- فحص ديكسا(DEXA scan) لقياس كثافة العظم.
- خزعة نقي العظم: بعد التخدير الموضعي، تُزرق الإبرة تحت الجلد وفي العظم، وتؤخذ العينة غالبًا من عظم الحوض.
يُشخص مرض كثرة الخَلايا البدينة الجهازية عادةً بإيجاد تغيرات نموذجية في خزعة نقي العظم.
العلاج (Treatment)
لا يوجد علاج معين للمرض، لكن يمكن التخفيف من الأعراض.
يختلف نوع العلاج باختلاف نوع المرض وشدة الأعراض. تُعالج الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من كثرة الخلايا البدينة الجلدية بواسطة كريم ستيرويدي (هيدروكورتيزون موضعي).
يخفّض الكريم الستيرويدي من عدد الخلايا البدينة التي تفرز الهستامين وبالتالي تقل الالتهابات في الجلد.
تستخدم مضادات الهستامين لعلاج كثرة الخَلايا البدينة الجلدية أو الجهازية البطيئة كالاحمرار والحكة، إذ تُلغي هذه المضادات تأثير الهيستامين.
المضاعفات (Complications)
- تتطور أعراض كثرة الخَلايا البدينة الجلدية عند الأطفال بمرور الوقت، ولكنها تبقى مستقرة عند البالغين.
- في حالات عديدة، تتحسن الحالة تلقائيًا عند بلوغ الطفل.
- يختلف مستقبل كثرة الخَلايا البدينة الجهازية اعتمادًا على النوع الثانوي الذي لديك.
- كثرة الخلايا البدينة الجهازية البطيئة لا تؤثر على الحياة على عكس بقية الأنواع.
- يطور بعض الأشخاص حالة دموية خطيرة، مثل اللوكيميا المزمنة، أثناء حياتهم.
اقرأ أيضًا:
ما الخلايا اللمفاوية ؟ وما المستويات الصحية لها؟
كيف يمكن لتفاعل الحساسيّة أن يوقف عمل جسدك في ثوانٍ
ترجمة: جعفر قيس
تدقيق: سلمى توفيق
مراجعة: اسماعيل اليازجي