طور باحثون شبكة بنية تحتية متكاملة في سبيل استعمار القمر بحلول عام 2050، من المتوقع دخولها حيز التشغيل بحلول عام 2070. سيكون استغلال القمر هذه المرة بواسطة مستعمرة تُسمى قرية القمر.
كانت آخر زيارة بشرية لسطح القمر قبل نحو 50 عامًا. بعد آخر مهمات أبولو في عام 1972، بدأ سباق جديد لإرسال بعثات مأهولة إلى القمر مجددًا.
لم يقتصر السعي لذلك على وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، بل شمل أيضًا وكالات الفضاء في روسيا والصين والهند، إضافةً إلى الشركات الخاصة التي تُعد أطرافًا متنافسة في سباق الوصول إلى القمر. هذه الخطط لاستعمار القمر موجودة بالفعل.
مع تركيز برنامج أرتميس التابع لوكالة ناسا على القمر، يتحول التركيز الوطني والدولي في الرحلات الفضائية من مدار الأرض المنخفض إلى القمر وما بعده.
أدى السعي المُلحّ وراء القيام بمثل هذه البعثات مستقبلًا، إلى ظهور حقبة جديدة من الأبحاث تركز على الحفاظ على سلامة البشر وصحتهم في أثناء وجودهم المتواصل في الفضاء فترات طويلة.
قرية القمر:
تُطرح العديد من التساؤلات عند سماع فكرة قرية على القمر، إذ كيف يمكن البقاء على قيد الحياة في درجات حرارة شديدة التباين تتراوح بين 120 درجة مئوية، و230 درجة مئوية تحت الصفر؟ من أين يأتي الهواء النقي ومياه الشرب؟ ما مصير النفايات البشرية؟ وهل يمكن بث مقاطع الفيديو من سطح القمر؟
تقع هذه الأسئلة والتحديات وغيرها على عاتق باحثي الفضاء. طور الباحثون شبكة شاملة من البنية التحتية لاستعمار القمر بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن تصل قرية القمر إلى ذروة طاقتها بحلول عام 2070.
وفقًا للمخطط، ستحتوي قرية القمر على كل ما تحتاج إليه للبقاء على قيد الحياة، إضافةً إلى ذلك، لا بد أن تكون هذه المستوطنة مستدامة اقتصاديًا وقابلة للاستمرار على المدى البعيد.
سعت الطواقم كذلك لحماية أماكن السكن في القرية من التعرض للإشعاع، مع الأخذ في الحسبان عدد المركبات غير المأهولة التي ستكون مطلوبة خلال عملية الاستكشاف، ومعرفة هل ينبغي تجهيز المركبات المأهولة بكابينة مضغوطة؟ أم من الأفضل لرواد الفضاء أن يتنقلوا ببذلة فضاء ضخمة؟
شبكات واي فاي ومركبات ومستشفيات:
خلال العروض التقديمية التعريفية بمشروع قرية القمر، التي أقيمت مؤخرًا في الجامعة التقنية في ميونخ، طرح الخبراء الاستشاريون العديد من التساؤلات عن ضمان استمرار عمل شبكات واي فاي الضرورية للاتصالات والتواصل في ظل أماكن الإقامة المصنوعة من الألمنيوم، وهل مرفقان طبيان فقط كافيان لخدمة 75 رائد فضاء مستقرين دائمًا؟
لا تقتصر التحديات الكبرى على تأمين التدابير الداعمة للحياة والتكنولوجيا والاتصالات فقط، بل تكمن أيضًا في إضافة القيمة.
ستكلف قرية القمر أموالًا طائلة بطبيعة الحال، ولا بد أن تدر إيرادات مهولة بوصفها محطة توقف لرحلات الفضاء.
حسب البيان الخاص بالمهمة، فقد وُضعت أهداف محددة لها. ففي بداية العمليات عام 2050 ستنتج 10 أطنان من الوقود شهريًا، ترتفع لتبلغ 100 طن بحلول عام 2070.
يعمل المشاركون على وضع خطة عمل متكاملة، والإجابة عن جميع التساؤلات، مثل كم تبلغ تكلفة إنتاج الوقود؟ وما المبلغ المطلوب للرحلة القائمة؟ وما الأسعار التي يمكن فرضها على محطة التزود بالوقود؟
تؤخذ كل هذه التفاصيل في الحسبان. الفرق القائمة على المشروع مبدعة للغاية في بحثها عن مصادر دخل إضافية، حتى أن أحد الفرق يخطط لإنتاج نبيذ القمر بوصفه منتجًا حصريًا وفريدًا للتصدير.
لا يتطلب استعمار القمر خبرة في مجال الفضاء فحسب، بل يتطلب أيضًا معرفة متعمقة بمجالات الهندسة وعلم الأحياء والطب والقانون وإدارة الأعمال. تستفيد الفرق من الخلفيات والتخصصات المتعددة التي يتمتع بها كل فريق.
تحصل الفرق أيضًا على دعم مكثف من 24 خبيرًا في قطاعات العلوم والصناعة، وتقدم لها العديد من المحاضرات حول إدارة المشاريع وقوانين الفضاء والاتصالات والروبوتات والإشعاع، بهدف زيادة الوعي وتعميق المعرفة الأساسية لديهم.
اقرأ أيضًا:
ماذا نحتاج لبناء مستعمرة على القمر؟
تأسيس قاعدة بشرية على القمر: الأهداف والأسباب
ترجمة: هشام جبور
تدقيق: تمام طعمة