نشر فريق من الباحثين في الصين تقريرًا عن ولادة أول قرد يملك جزءًا كبيرًا من الخلايا المشتقة من الخلايا الجذعية للقردة.
يتألف القرد الخيمري من مجموعة من الخلايا التي يعود أصلها لجنينين مميزين وراثيًا من النوع ذاته من القردة.
أُثبتت هذه التجربة سابقًا على الفئران والجرذان، ولم تستطع الأبحاث بالرغم من ذلك إثبات الأمر ذاته على الأنواع الأخرى، منها الحيوانات الرئيسية غير البشرية، وذلك لتعذّر تطابق خلايا المتبرع مع تطور الأجنة المستضيفة.
نُشرت تفاصيل أكثر عن البحث في 9 تشرين الثاني ضمن تقرير لمجلة Cell.
يقول شين لو، المؤلف الأول للبحث ورئيس مخبر الهندسة الإنجابية للرئيسيات في الأكاديمية الصينية للعلوم: «تُعد هذه التجربة هدفًا منشودًا في مجال الدراسات. لا يُظهر هذا البحث فقط نتائج فهمنا لتعدد القدرات الأولي عند الحيوانات الرئيسية الأخرى، من بينها البشر، بل يُوضح لنا أيضا آثاره العملية ذات الصلة بالهندسة الوراثية والحفاظ على الأنواع.
يسمح لنا هذا العمل تحديدًا بإنشاء نماذج أكثر دقة من القردة لتساعد على دراسة الأمراض العصبية بالإضافة لغيرها من دراسات الطب الحيوي».
تُعد قردة الرُّبَّاح، التي تعرف أيضًا بالمكاك الآكل للسلطعون أو المكاك طويل الذيل، نوعًا شائعًا من الرئيسيات المستخدمة في دراسات الطب الحيوي.
أنشأ الباحثون أولًا 9 خطوط من الخلايا الجذعية باستخدام خلايا أُخذت من جنين عمره 7 أيام في مرحلة الكيسة الأرومية، إذ يُعد تشكيل حيوانات خيمرية بدءًا من كتلة الخلايا الداخلية المعيار الذهبي للخلايا الأولية متعددة القدرات.
زرع الباحثون حينها خطوط الخلايا الجذعية ما سمح بتحسين قدراتها على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا.
أجرى الفريق مجموعةً من الاختبارات على الخلايا للتأكد من كونها متعددة القدرات، أي قادرة على التمايز لجميع أنواع الخلايا اللازمة لتشكيل كائن حي.
وُسمت جميع الخلايا الجذعية ببروتينات فلورية متألقة خضراء، ما مكن الباحثين من تمييز الخلايا الجذعية التي تكاثرت ونمت مشكلةً نسيجًا ما.
اختار الفريق في النهاية مجموعات جزئية محددة من الخلايا الجذعية لحقنها داخل أجنة القردة في مرحلة مبكرة بعمر 4-5 أيام.
غُرست هذه الأجنة في أرحام إناث المكاك، ما أدى لتشكل 12 حالة حمل وولادة 6 منها.
أكدت التحليلات أن القردة الخيمرية الخالصة كان أحدهما مولودًا حيًا والآخر مجهضًا، وكان للذكرين خلايا نمت بشكل كامل في أجسادهم بدءًا من الخلايا الجذعية.
استخدم الباحثون الواسمات البروتينية الفلورية المتألقة الخضراء لتمييز الأنسجة الحاوية على خلايا مشتقة من الخلايا الجذعية المحقونة سابقًا. ولجأ الفريق إلى التسلسل الجيني وغيره من الاختبارات التي تهدف إلى تأكيد وجود الأنسجة المشتقة من الخلايا الجذعية في مختلف أعضاء جسم القرد الخيمري.
درس الباحثون عدة أنواع من النسج للكشف عن وجود الخلايا المشتقة من الخلايا الجذعية، تضمنت هذه الأنسجة كلًا من الدماغ والقلب والكلى والكبد والسبيل الهضمي.
قُدر مدى مشاركة الخلايا الجذعية في النسج المختلفة من جسم القرد الخيمري الحي بين 21% إلى 92%، إذ أسهمت بمتوسط 67% في 26 من النسج المختلفة التي دُرست. وانخفضت هذه النسب في حالة جنين القرد المجهض.
تُؤكد الدراسة أيضًا وجود الخلايا المشتقة من الخلايا الجذعية لدى القردة، بالإضافة إلى وجودها في الخلايا التي تطورت لاحقًا لتشكل حيوانات منوية.
يقول ميغيل استيبان المؤلف والمشارك في بحث معهد بكين لعلم الجينوم والأكاديمية الصينية للعلوم: «أوجدنا في هذه الدراسة دلائل قوية على امتلاك الخلايا الجذعية الأولية متعددة القدرات للقردة إمكانية التمايز في الأنبوب إلى الأنواع المختلفة من النسج المكونة لأجسام القردة الخيمرية كلها. وتُعمّق هذه الدراسات فهمنا لإمكانيات تطور الخلايا الجذعية متعددة القدرات عند الأنواع الرئيسة».
يُضيف إلى ذلك شيانغ سن المؤلف المشارك من الأكاديمية الصينية للعلوم قائلًا: «يُساعدنا هذا البحث على فهم أفضل لتعدد القدرات الأولية في خلايا القردة. سنحاول في المستقبل زيادة كفاءة آلية تشكيل القردة الخيمرية بتحسين شروط زرع الخلايا الجذعية، أو تحسين زرع الكيسات الأرومية التي تُحقن الخلايا الجذعية فيها، أو الأمرين معًا، وذلك بتعديل الباحثين لتراكيز بعض المواد مثل الركائز وعوامل النمو».
يطمح الباحثون إلى تعميق دراساتهم أكثر حول الآليات المسؤولة عن حياة الأجنة ونموها في الحيوانات المستضيفة، وقد يساعد ذلك في زيادة كفاءة تشكيل الحيوانات الخيمرية وتوليدها.
اقرأ أيضًا:
لأول مرة العلماء الصينيون يستنسخون قردة معدلة جينيًا
لأول مرة: ابتكار بنىً شبيهة بالجنين من الخلايا الجذعية الجنينية من القرود وزرعها في الرحم
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: بشير حمّادة