أظهرت بعض من الحالات السريرية لمرض جدري القرود إمكانية انتشار المرض دون اتصال جنسي أو ظهور أعراض.
انتشرت مؤخرًا شائعات حول مرض جدري القرود تفيد بأنه من الأمراض المنتقلة جنسيًا لا سيما في العلاقات مثلية الجنس، لذلك معظم الناس لن يصابوا به.
نُفيت المعلومات السابقة في رسالة بحثية جديدة نُشرت في مجلة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
تعرض الرسالة البحثية حالة سريرية لرجل عشريني راجع قسم الإسعاف والطوارئ في كاليفورنيا إثر استمرار ظهور طفح جلدي وبثور صغيرة ممتلئة بالسوائل لمدة أسبوع.
وجد الأطباء في أثناء الفحص السريري آفات جلدية بمراحل مختلفة على جذع المريض وظهره ويديه، وجروحًا متقشرة على شفتيه.
لم يوجد أية علامات تقليدية في الشرج والقضيب والخصيتين تشير إلى أمراض أخرى، مثل: الحمى أو تورّم العقد اللمفاوية.
ورد في الرسالة البحثية: «لم تكن تحاليل الاستقلاب الأساسية وتعداد الدم الكامل تشخيصية».
كانت نتيجة إصابة المريض بداء السيلان البني وفيروس نقص المناعة المكتسب وجراثيم المتدثرة وكوفيد-19 سلبية، لكن عند فحص السائل المأخوذ من بثرة على راحة يد المريض أُثبتت إصابته بجدري القرود، خاصةً نوع الفيروس الذي سبب حالات عديدة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
الفارق بين هذه الحالة من جدري القرود والحالات المشخصة في الأشهر الماضية هو تأكيد المريض عدم إجرائه أي اتصال جنسي قريب خلال الأشهر الثلاثة السابقة، ونفى الرجل قيامه بأي نشاط داخلي قريب عدا السفر بالطائرة أو القطار.
جاء في الرسالة البحثية: «ظهرت أول آفة جلدية بعد نحو أربعة عشر يومًا من حضوره فعالية ضخمة شديدة الازدحام، جمعه في هذا الحدث اتصال وثيق مع الآخرين إضافة إلى الرقص معهم بضعة ساعات».
قال المريض: «ارتديت سروالًا طويلًا وقميصًا نصف كم، لكن ارتدى معظم من كان بالحفل سراويل قصيرة وقمصانًا بلا أكمام، لم ألحظ وجود علامات مرض أو آفات جلدية على جسد أيّ من الحضور».
لم يبد المريض مصابًا بشيء-بخلاف الطفح الجلدي- مثل باقي الحضور، ولم يسجل في تاريخه المرضي القريب حمى أو رعشة أو سعالًا أو تعبًا أو آلامًا شرجية أو أي عرض اشتكى منه مصابون آخرون بجدري القرود.
قال الباحثون: «ألقت هذه الحالة الضوء على تميز المظاهر السريرية إذ أشارت إلى طرائق ممكنة لانتقال جدري القرود بين الناس في أثناء تفشي المرض في عدة بلدان عام 2022».
وأضافوا: «تؤكد حالة الرجل أثر التجمعات والازدحام في انتشار العدوى ما يساعد في السيطرة على المرض».
شُخّصت هذه الحالة في أعقاب دراسة نُشرت حديثًا في مجلة (Annals of Internal Medicine)، تتحدث هذه الدراسة عن إيجابية نتائج اختبار تفاعل البوليمرات المتسلسل للكشف عن فيروس جدري القرود في عينات شرجية مأخوذة من مجموعة من الرجال مثليي الجنس،.
أجرى باحثون في مستشفى بيشا كلود برنارد في باريس اختبارًا للكشف عن فيروس جدري القرود في كل العينات الشرجية المستقيمية التي جُمعت لإتمام الفحوص الدورية للأمراض المنتقلة جنسيًا.
وفقًا للتعليمات الطبية الفرنسية تُجرى هذه الفحوص دوريًّا كل ثلاثة أشهر للرجال مثليي الجنس متعددي الشركاء الجنسيين، الذين يأخذون علاجًا واقيًا لفيروس نقص المناعة المكتسب أو يتعايشون مع هذا الفيروس ويتلقون علاجًا مضادًّا للفيروسات القهقرية.
أقرت نتائج الاختبارات السابقة سلبية العينات لجرثومة الكلاميديا وجرثومة النيسرية البنية المسببة للسيلان البني، بينما كانت الاختبارات إيجابية لفيروس جدري القرود في ثلاث عشرة عينة أي بنسبة 6.5%، وظهرت لاحقًا أعراض جدري القرود عند حالتين فقط من المرضى.
كانت نتائج الدراسة مثيرة للقلق، إذ قد ينتقل جدري القرود من دون أعراض، ما يؤدي إلى أمرين مهمين:
- الأول: لا بد من إنجاز مزيد من الأبحاث حول طرائق العدوى بفيروس جدري القرود إن كان بالاتصال الجنسي المباشر أو غير المباشر، باستخدام الأشياء الملوثة مثل الفراش أو انتقال الفيروس بالأماكن المزدحمة والاحتفالات.
- الثاني: ربما يكون رد فعل الرأي العام حول الفيروس المنتشر غير كافٍ، إذ اقتصر على إعطاء اللقاح لأولئك الذين أثبتوا اتصالهم مع حالة مرضية مثبتة.
جاء في تقرير الدراسة الفرنسية: «قد يؤدي طرح الفيروس مع مفرزات الجسم إلى انتقال الفيروس إلى أشخاص سليمين بطرائق مجهولة، ما يعني أنّه لا يمكن إيقاف انتشار الفيروس عبر تلقيح المصابين بعدوى فيروسية محتملة أو مؤكدة والأشخاص الذين يتواصلون معهم».
لم يُعرَف بعد إن كانت الحالات اللاعرضية سببًا في انتشار الفيروس أو لا، لكن الوباء الحالي ينتقل بين البشر، وهذا دليل على إمكانية حدوث انتشار لا عرضي أو بمراحل تحت سريرية.
يقترح مؤلف المقال الافتتاحي المرافق أن تطبيق اللقاح واسع النطاق والتدخلات الصحية العامة الأخرى في الدول ذات الخطر الأكبر يساعد في السيطرة على تفشي المرض.
اقرأ أيضًا:
من الخطأ حصر جدري القرود على المثليين، لكن لماذا يجب على مجتمع الميم الحذر أكثر؟
كل ما تود معرفته عن جدري القرود الذي عاود ظهوره
ترجمة: لجين بري
المدقق: يوسف صلاح صابوني
مراجعة: عبد المنعم الحسين