غموض اللف الذاتيّ للبروتون The Proton Spin Puzzle
تشبه فيزياء الجسيمات نوعًا ما تقشير البصل، يمكنك قَشْر كل طبقة، حتى تصل لدراسة أصغر الجسيمات, ومن المُثير للاهتمام، أنّ الجسيمات الضئيلة هي التي تقدِّم للفيزيائيين نظرةً أوضح لأسرار كوننا الواسع
لدى كل ذرّة نواة في مركزها، وداخل النواة نوكليونات Nucleons: البروتونات protons والنيوترونات neutrons , حتى الجسيمات الأصغر، الكواركات quarks و الغلوونات gluons ، المتضمنة للنوكليونات، كل منها له لفّ ذاتي أساسي.
لفهم كيفية عمل العمليّات الفيزيائية والكيميائية، فمن المهم أن نعلم كيف تدور هذه الجسيمات البدائيّة.
يتم التحكّم في الخصائص الأساسية لأية مادة عن طريق اللف الذاتي، فطريقة تصرُّف المادة في درجات حرارة مختلفة، ناقليّتها، وخصائص أخرى جميعها لها علاقة باللف الذاتي لهذه الجسيمات الصغيرة.
منذُ عام 1987، كان المجتمع الفيزيائي مُثبطًا من قبل “أزمة اللف الذاتي للبروتون” على الرّغم من أنّ نماذج نظرية قديمة نَسبَت اللف الذاتي للنوكليونللكواركات التي تتضمّن النوكليون، وكَشفَت بحوث من المنظمّة الأوروبية للأبحاث النووية CERN، مركز ستانفورد للمُسرّع الخطّي SLAC، والمركز الألماني للالكترونوالسينكروتون (مُسرِّع الكترونات تزامني)DESY أنّ 30% من اللف الذاتي للبروتون يُمكن نِسبتُها إلى الكواركات.
كما عمل العُلماء على تحديد مصدر بقيّة اللف الذاتي وربطوها منذ مدة طويلة بالآثار الكمومية النسبيّة من دون القُدرة على وصف العمليّة بمزيد من التفصيل.
رؤية جديدة لمشكلة فيزيائية قديمة
قام الباحثون، وأخيرًا، بفك شفرة اللف الذاتي للنوكليون- بما في ذلك كيفية مُساهمة الجسيمات الصغيرة التي تُشكّل النوكليون في ذلك.
استخدم الفريق الحاسوب الفائق Piz Daint التّابع للمركز السويسري الوطني للحوسبة الفائقة CSCS لحساب الآثار الكمومية الغامضة السّابقة، وتحليل المُساهمات النسبيّة للّف الذاتي للنوكليون التي تقوم بها كل من المقوّمات الغلوونات، الكواركات، و كواركات البحرsea quarks, كوارك البحر هي حالة وسيطة من أزواج الكوارك- الكوارك المضادّ الموجودة داخل النوكليون، وإن كانت لفترة وجيزة.
بدايةً قام الباحثون بتقييم الكتلة الفيزيائية الحقيقية للكواركات لحساب اللف الدوراني الخاص بها بشكلٍ دقيق, وهذا ليس بالأمر السهل، لأنّ الكواركاتو الغلوونات الفردية لا يُمكن عَزْلها، فهي مرتبطة مع بعضها البعض بالقوّة الشديدة(القوّة النوويّة) – واحدة من القوى الأساسيّة الأربعة في الفيزياء.
قام الفريق بحل هذه المشكلة عن طريق تثبيت كتلة الكواركات العلوية والسفلية على أساس كتلة البايون the pion، وهو عنصر الميزونmeson المكوّن من كوارك مضادّ علوي وآخر سفلي. وشملت التحديات الإضافية التقليل من الأخطاء الإحصائيّة في حساب المُساهمَات في اللف الدوراني، وتحويل القيم التي بلا أبعاد من المحاكاة إلى قيم ماديّة قابلة للقياس, لقد كان الحاسب الفائق Piz Daint ضروريًا لجميع هذه العمليات.
صرّح العالِم المُتقدّم والمؤلّف المُساعد في مركز DESY في بلديّة Zeuthen، كارل يانسن Karl Jansenلموقع: Phys.org«إنّ جعل الحواسيب الفائقة مثل Piz Daint مُتاحة في جميع أنحاء أوروبا هو أمر بالغ الأهمية للعلوم الأوروبية».
وأضاف إلى نفس التقرير البروفيسور في مجال الفيزياء في جامعة قبرص و معهد قبرص و قائد المشروع كونستانتيا الكسندرو Constantia Alexandrou: «إنّ المحاكاة بهذه الدقّة كانت مُمكِنة فقط بفضل قوّة حاسب Piz Daint، ولأننا قُمنا بتحسين أداء خوارزميّاتنا مُسبقًا لتحقيق الاستفادة المُثلَى من مُعالجات الرسوميّات للحاسِب».
ترجمة: لميا عنتر
تدقيق بدر الفراك
المصدر