كيف تسيطر على الكون في ثلاث خطواتٍ سهلة؟
الخطوة الأولى: احصد جميع موارد كوكبك.
الخطوة الثانية: احصد كل طاقة النجم الأقرب لك.
الخطوة الثالثة: احصد كل الطاقة من كل النجوم في مجرتك المحلية ثم انقلها إلى مجرةٍ أخرى.
تهانينا! يمتلك جنسك الآن المجال للنموّ وليصبح قوةً كونيةً كُبرى.
هذا منظور أحد الفلكيين الروس، اقترح عالم الفيزياء الفلكية نيكولاي كارداشيف عام 1962 ولأول مرةٍ هذه المراحل الثلاث، المُسماة (المستوى الأول والثاني والثالث من التوسّع المجري)، والتي أشار إليها على أنها تصنيفاتٌ ثلاثة للحضارات المتقدمة تقنيًا، وتُعتبر كطريقةٍ لقياس استهلاك الطاقة في المجتمعات التي تزداد قوة.
أعادت صحيفة arXiv.org نشر نموذج كارداشيف في 13 حزيران وأضافت لمسةً جديدة، ووفقًا لكاتب المقالة دان هوبر، عالمٌ بارزٌ في مختبر ومُسرّع فيرمي الوطني في إلينوي، وأستاذ علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة شيكاغو: «لا يُعد حصاد الطاقة من النجوم البعيدة أفضل طريقةٍ لزيادة الموارد الحضارية المُتاحة فحسب، بل إنه أيضًا الطريقة الوحيدة لمنع الكون المتسع من ترك هذه الحضارة بمفردها في عرض الفضاء».
(هذه الدراسة لم تُراجع بعد).
قال هوبر: «إن وجود الطاقة المظلمة في عالمنا يتسبب في توسّع الفضاء بمعدّلٍ متسارع، وعلى مدى ما يقارب 100 مليار سنة، ستقع النجوم التي تتجاوز مجموعتنا المحلية، أو مجموعة المجرات المرتبطة بالجاذبية (والتي تشمل مجرة درب التبانة) خارج الأفق الكونيّ، بمعنى أنه لا يمكن لأحد المراقبين هنا أن يسترجع معلوماتٍ منها على مدار الكون».
وعند هذه النقطة، تصبح النجوم غير مرئية ولا يمكن الوصول إليها بالكامل، ما يحدُّ من كمية الطاقة التي يمكن استخلاصها منها في يومٍ ما.
قال هوبر بعبارةٍ أخرى: «إذا كان البشر يأملون في مقابلة الفضائيين في المجرات البعيدة، فسيكون ذلك سباقًا ضد الطاقة المظلمة، تلك القوة الغامضة التي يُعتقد أنها تمدد الكون بشكلٍ لا يمكن السيطرة عليه.
إن أي حضارة متطورة ستفهم الواقع المرير للتوسّع الكونيّ، ولن تكتفي بالجلوس في حين أن الكون يجتازها حرفيًا، وبدلًا من ذلك، ستلتقط النجومَ من مجراتٍ أخرى، وتخرج منها الطاقة، قبل أن تصبح هذه النجوم (وطاقتها) غير قابلة للوصول إلى الأبد».
وأضاف هوبر: «بالنظر إلى حتمية الأفق الزاحف، فإن أي حضارة متقدّمة بشكلٍ كافٍ مُصمِّمةٌ على زيادة قدرتها على الاستفادة من الطاقة ستتوسع في جميع أنحاء الكون، في محاولةٍ لتأمين أكبر عددٍ ممكنٍ من النجوم قبل أن يصبح من الصعب الوصول إليها بشكلٍ دائم».
إذن، كيف تلتقط نجمًا في المقام الأول؟
لقد فكر العلماء ومؤلفو الخيال العلميّ على حدٍّ سواء في هذا السؤال منذ عقود، وكانت إجابتهم المفضلة هي: «رمي شبكةٍ عملاقة حوله، بالطبع، لن تكون هذه الشبكة مصنوعةً من خيوطٍ أو حتى من معدن، ولكن من الأقمار الصناعية (سربٌ من ملايين الأقمار الصناعية التي تعمل بالطاقة الشمسية والمعروفة باسم Dyson Spheres)».
يمكن لمثل هذه الحواجز الهائلة من الحاصدين أن تحوم حول نجمٍ دائم، أو تعيد الطاقة إلى كوكبٍ مجاور -أو كما اقترح هوبر في بحثه الجديد- تستخدم طاقة ذاك النجم في تسريع كامل كرة النار مرةً أخرى باتجاه الكوكب الذي تريد استخدامه.
قد يبدو هذا أمرًا شاقًا بالنسبة للبشر، الذين ما زالوا يتدافعون حول المستوى الأول من مقياس كارداشيف.
(وضعنا كارل ساجان عند حوالي 0.7 منه في عام 1973).
لكن، يعتقدُ بعض العلماء أنه يمكن أن تكون هناك حضاراتٌ فضائيةٌ على بُعد آلاف -أو حتى ملايين- السنين في مرحلة النموّ الثالث.
مرحلة جمع النجوم
إذا بدأت حضارةٌ أخرى بالفعل بإعادة ترتيب النجوم، فقد لا يمرُّ وقتٌ طويلٌ قبل أن يلاحظها أبناء الأرض.
قال هوبر: «هذه النجوم التي هي حاليًا في طريقها إلى الحضارة المركزية يمكن أن تكون مرئيةً نتيجة الدفع الذي تمرّ به حاليًا، سيتطلب مثل هذا التسارع بالضرورة كمياتٍ كبيرة من الطاقة ومن المحتمل أن يُنتج تدفقاتٍ كبيرة من الإشعاع الكهرومغناطيسيّ».
وبدلًا من مشاهدة تلك النجوم التي يتم جرُّها عبر المجرات البعيدة، بوسع الفلكيين أن يراقبوا المجرات غير الاعتيادية التي انفصلت عنها نجومها الرئيسة، كما قال هوبر.
قد يكون هؤلاء الفضائيون المفترضون، الذين يصيدون النجوم، صعبي الإرضاء كما لاحظ هوبر، النجوم الصغيرة أصغر مئات المرات من شمس الأرض، ولن تُنتج ما يكفي من الإشعاع لتكون مفيدة.
من ناحيةٍ أخرى، من المرجح أن تكون النجوم الأكبر من ذلك بكثير والقريبة من التحول إلى سوبرنوفا مناسبةً لاستخدامها كبطاريةٍ قابلة للعمل.
وقال هوبر «إن النجوم التي تحتوي على كتلة والتي تبلغ 20 إلى 100 ضعف كتلة شمسنا ستكون مرشحة من أجل أسرها وإعادتها إلى المجرة الأم، ولأن الأجسام الشمسية في هذا المجال تشعُّ بعض الأطوال الموجية الضوئية أكثر من غيرها، فإن حصاد النجوم الغريبة سيظهر في ضوء هذه المجرات».
وأضاف: «إن طيف ضوء النجوم من مجرة كان تملك نجومًا مفيدة وتم حصدها من قبل حضارة متقدمة ستهيمن عليه نجومٌ ضخمة، وبالتالي ستبلغ ذروتها بأطوال موجية أطول مما كان سيحدث لو لم يكن الأمر كذلك.
إنه من غير المحتمل أن يكون لدى البشر أدوات دقيقة كافية حتى الآن للكشف عن هذه التوقعات الفريدة حول أعماق الكون».
نأمل أن يطور علماء الفلك التقنية المناسبة قبل أن تصبح شمسنا رخامًا ملتهبًا في مجموعة من الحضارات البعيدة.
- ترجمة: أحمد طريف المدرس.
- تدقيق: تسنيم المنجّد.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر