لقد فتح قبو البذور العالمي في (سفالبارد)، والملقب من قبل البعض بـ “خزينة يوم القيامة”، أبوابه قبل شهرين ليستقبل البذور بعد آخر مرة في مارس 2013؛ فقد تم إنشاء قبو البذور للحفاظ على عينات من البذور من مختلف أنحاء العالم؛ لحماية تنوع المحاصيل, وهذه مبادرة هامة جدا تحظى بتأييد في جميع أنحاء العالم.
يقع قبو البذور فى شمال الدائرة القطبية الشمالية، على جزيرة (سبيتسبيرغن) في المحيط المتجمد الشمالي، وعلى بعد 621 ميل (1000 كيلومتر) من البر الرئيسي للنرويج.
جزيرة (سبيتسبيرغن) هي جزء من أرخبيل (سفالبارد) –مجموعة جزر متقاربة- وهو الجزء الشمالي من مملكة النرويج.
قرية (لونغياربين) هي الأقرب لقبو البذور, وتعداد سكانها 2075 نسمة فقط؛ ولأن جزر (سفالبارد) تقع بعيدا في الشمال، ولا تصلها أشعة الشمس لثلاثة أشهر في السنة، بينما في الأشهر الستة الأخرى، تكون زاوية أشعة الشمس منخفضة جدا، فقد تم اختيار هذا الموقع؛ لأنه بعيد جغرافيا، ومستقر جيولوجيا، كما أن البيئة المحيطة به دائمة التجمد، وستكون بمثابة تبريد طبيعي لجعل المنشأة باردة كفاية؛ للحفاظ على البذور.
يتكون القبو من ثلاث غرف كل واحدة منها قادرة على تخزين 1.5 مليون عينة من البذور، وقد بُنيت على مسافة 390 قدم (120 متر) في باطن جبل، وعلى ارتفاع 426 قدم (130 متر) فوق مستوى سطح البحر.
في حين أن النرويج تنفق على قبو البذور وتمتلكه فعليًا إلا أن منظمة (Global Crop Diversity Trust) المُعتمدة دوليًا، تقوم برعاية البذور التي تم تجميعها، وتُؤكد المجموعة على أن “تنوع المحاصيل” هو واحدة من أهم الموارد الأساسية في حياة الإنسان، ووفقا لها؛ فإن تنوع المحاصيل هو الأساس البيولوجي لكل الزراعات، وأيضا هو الضرورة القصوى لزراعة الغذاء اللازم من قبل شعوب العالم.
بدأ العمل على القبو في 19 يونيو 2006، وتم افتتاحه رسميا في 26 فبراير 2008، ويُعتقد أنه يحتوى على ما يقرب من 1.5 مليون عينة من بذور المحاصيل الزراعية، حيث يمكن للقبو أن يتسع لـ 4.5 مليون فصيلة بحيث يتم تخزين 500 بذرة من كل نوع.
لكن التخزين يكون لأهم أنواع النباتات التي يستخدمها الإنسان؛ لأن أنواع النباتات الموجودة عددها هائل ولا يُصدق؛ فعلى سبيل المثال، هناك أكثر من 120,000 صنف مختلف من الأرز وحده.
وفي مارس 2010 كان عدد البذور في القبو قد وصل إلى نصف مليون عينة، إلى أن ازداد حتى مارس 2013 ليصل إلى حوالى 770 ألف عينة.
يجمع مربّي النباتات بين جينات الصفات المختلفة في تركيبات مرغوبة، وبهذه الطريقة يمكن للمربّي أن يستنبط أصناف جديدة من المحاصيل لتلبية شروط معينة.
على سبيل المثال, الأصناف الجديدة قد تنتج عائدات أكبر، أو تكون أكثر مقاومة للأمراض، ولها صلاحية أطول من الأصناف التي تربّت منها.
هذا رغم أن العديد من النباتات المهجّنة غير قادرة على إنتاج بذور جديدة من شأنها أن تنبت بصورة مُرضية، مما يتطلب من مربّي النباتات أن يبحث عن تركيبات وراثية لأصناف أقدم كل عام؛ من أجل الحصول على بذور جديدة للزراعة.
للأسف، يتم فقدان تنوع المحاصيل؛ لأن المزارعين ومربّي النباتات يقومون بتغيير المحاصيل التي يزرعونها لتلبية الاحتياجات الجديدة، وغالبا ما يتخلون عن الأصناف القديمة، ويؤدى تجاهل بعض الأصناف إلى فقدان سماتها التي قد تكون مفيدة في المستقبل.
بخلاف حقول المزارعين؛ فإن بعض الأراضي أصبحت متدهورة، وبعض المحاصيل البرّية تواجه خطر الانقراض.
إن الحفاظ على تنوع المحاصيل في العالم هو أمر مهم؛ فهو يمثل الأمن الغذائي قبل كل شيء، وخاصة عند للشعوب الأفقر في العالم، ويساعد تنوع المحاصيل على ضمان إمدادات وكميات مستقرة ودائمة من الأغذية، وأيضا يلعب دورا رئيسًا في ضمان جودتها.
رغم وجود عدة طرق للحفاظ على تنوع المحاصيل، إلا أنه يتم اتباع طريقة واحدة عن طريق إنشاء بنوك للبذور؛ فهناك مجموعات من البذور يمكن تخزينها لفترات طويلة من الزمن، قد تصل لعقود بل مئات السنين، وذلك في ظل ظروف درجات الحرارة المنخفضة؛ بالتجميد في الثلاجات المنزلية، أو في غرف التبريد الكبيرة.
إن قبو (سفالبارد) العالمي هو بنك البذور الأساس، وفيه سوف يتم حماية ما يقرب من مليوني بذرة، وذلك تحسبا لوقوع كارثة طبيعية أو حتى من صنع الإنسان؛ فالصخور السميكة والبيئة المحيطة دائمة التجمد ستضمن أنه حتى بدون كهرباء؛ فإن العينات سوف تبقى مجمدة، وهذا يعنى أننا نأمل أن يكون تنوع المحاصيل في العالم آمنا إلى الأبد.
- إعداد: مصطفى رزق
- المصدر الأول
- المصدر الثاني