يرصد علماء الفلك ثقوبًا سوداء تحضّر وجباتها الخاصة في دورة تغذية غريبة لا نهاية لها.
تستطيع الثقوب السوداء أن تنظم بنشاط المواد التي تستهلكها، باستخدام نفثات قوية من الغاز في الفضاء، وفقًا لدراسة جديدة. وهذا يشير إلى أن العديد من هذه الوحوش الكونية الضخمة تُعد وجباتها الخاصة بفعالية.
توفر النتائج أيضًا لمحة جديدة عن الطرق المعقدة التي تتفاعل الثقوب السوداء بها مع محيطها وتتطور معه.
في الدراسة الجديدة، درس فريق بقيادة فاليريا أوليفاريس -عالمة الفيزياء الفلكية بجامعة سانتياغو في تشيلي- انفجارات الأشعة السينية والانبعاثات الراديوية من الثقوب السوداء الفائقة الموجودة في سبع مجموعات مجرية تقع على بعد 170 مليون إلى مليار سنة ضوئية من الأرض. واحدة منها مجموعة بيرسيوس، وهي من أضخم الهياكل المعروفة في الكون.
وكشفت الدراسة أيضًا -استنادًا إلى بيانات من مرصد تشاندرا للأشعة السينية القائمة على الفضاء والتلسكوب الكبير جدًا في تشيلي- عن العديد من العروق النيونية ذات اللون الوردي المتفرعة من المجرات. تمثل هذه الخيوط الغامضة غازًا دافئًا يتدفق بين المجرات، شكل هذا الغاز ونحتته النفثات النشطة المنبعثة من الثقوب السوداء القريبة. هذه العروق الغازية هي مفتاح الحفاظ على دورة تغذية الثقوب السوداء، وفقًا للدراسة التي نُشرت في 27 يناير في مجلة نيتشر أسترونومي.
الثقوب السوداء تطبخ
هذه الدورة من التغذية والانبعاثات النفاثة تنشئ حلقة ردود فعل دقيقة تساعد على الحفاظ على نشاط العملاق الكوني ونموه، وفقًا للدراسة.
إذ تتفاعل النفثات الغازية التي تقذف في الفضاء مع الغازات الساخنة التي تملأ الفراغ بين المجرات، ما يؤدي إلى تبريده وتشكله على هيئة خيوط مهيكلة مليئة بالغاز، تسهل تلك الخيوط حركة الغاز الدافئ وتعيد بعضه إلى مراكز المجرات، ومن ثم يغذي الثقوب ويوفر وقودًا لانفجارات نفاثة في المستقبل.
تؤدي تلك الدورة من التغذية وانبعاث النفثات إلى تشكيل حلقة تغذية مرتدة تساعد في الحفاظ على نشاط الثقوب السوداء ونموها، وفق الدراسة أيضًا.
لكن يوجد فائز آخر في هذا الحفل الذي لا نهاية له، إذ إن الخيوط المليئة بالغاز لا تأخذ دورًا حاسمًا في دورات التغذية من الثقوب السوداء فحسب، بل تشكل أيضًا تجاويف في الفضاء بين المجرات، ما تمهيد الطريق لتشكيل نجوم جديدة.
اقرأ أيضًا:
ما الذي سيحدث إذا دخل ثقب أسود إلى مجموعتنا الشمسية؟
علماء فلك يحسبون سرعة دوران ثقب أسود هائل
ترجمة: شهد حسن
تدقيق: تمام طعمة
مراجعة: باسل حميدي