تعرض مؤسس فيسبوك ومديرها التنفيذي مارك زوكربيرغ للتوبيخ خلال جلسات استماع قاسية أمام سياسيين أمريكيين خلال الفترة الماضية.
وكانت الجلسات تتمحور حول كيفية تعامل شركته مع بيانات الأشخاص.
ولكن خضع موضوع البيانات الخاصة بالأشخاص غير المسجلين بعملاق التواصل الاجتماعي أيضًا للتمحيص.
زوكربيرغ: أنا لا أعرف – لا أعرف شيئًا عن هذا.
يدق هذا أجراس الخطر، إذ أننا نناقش موضوع تجميع بيانات الأشخاص غير المستخدمين لفيسبوك طوال الخمس سنوات الماضية.
تحديدًا، منذ أن كشف عن هذا التصرف فريقٌ من الباحثين لدى شركة “باكيت ستورم سيكيوريتي”.
ربما كان المصطلح المستخدم من قبل السياسيين “الملفات الشخصية الظليلة” لوصف هذا التصرف، مبهمًا بالنسبة لزوكربيرغ.
زوكربيرغ قال إن مصطلح “الملفات الشخصية الظليلة” هو “مبهم” بالنسبة له (بحسب تغريدةٍ على التويتر).
تخضع إجراءات فيسبوك الاستباقية لتجميع البيانات خلال السنوات الماضية للتمحيص، خاصة عندما انغمس الباحثون والصحفيون في التفاصيل التي تشكل الأدوات الخاصة بفيسبوك مثل “تحميل بياناتك” و “أشخاص يمكن أن تعرفهم” للكشف عن “الملفات الشخصية الظليلة”.
الملفات الشخصية الظليلة:
لشرح الملفات الشخصية الظليلة بشكلٍ مبسط، لنتخيل مجموعةً اجتماعيةً مكونةً من ثلاثة أشخاص.
آشلي وبلاير وكارمن – الذين يعرفون بعضهم البعض، ولديهم العناوين الإلكترونية وأرقام هواتف بعضهم البعض.
في حال انضمام آشلي لفيسبوك وقيامها بتحميل جهات اتصالها لخوادم فيسبوك، سيستطيع فيسبوك بشكلٍ استباقي اقتراح أصدقاء قد تعرفهم، بناءً على المعلومات التي قامت بتحميلها.
الآن، لنتخيل أن آشلي هي الأولى من بين أصدقائها التي انضمت إلى الفيسبوك.
تُستخدَم المعلومات التي قامت بتحميلها لإنشاء ملفات شخصية ظليلة لبلاير وكارمن، فإنه في حال انضمام بلاير أو كارمن لفيسبوك، سوف يتم اقتراح آشلي كصديقةٍ لهم.
بعد ذلك، ينضم بلاير لفيسبوك، محمّلًا جهات الاتصال الموجودة على هاتفه أيضًا.
سيكون اسم آشلي جاهزًا لديه في قائمة “أشخاص يمكن أن تعرفهم” وفضل ذلك يعود للملفات الشخصية الظليلة.
في نفس الوقت، تعلم فيسبوك أكثر عن دائرة كارمن الاجتماعية – بالرغم من أن كارمن لم تنضم لفيسبوك أبدًا، وبالتالي لم توافق على سياسات جمع البيانات الخاصة بفيسبوك.
بالرغم من أن الأمر يبدو مريبًا، فلا أعتقد أن هناك سوء نيةٍ من قبل فيسبوك لاختراع واستخدام الملفات الشخصية الظليلة.
يبدو الأمر كأنه ميزةٌ بُنيت بعد جهدٍ جِدِّي لخدمة أهداف الفيسبوك لتوصيل الناس ببعضهم البعض.
هو هدفٌ يتحاذى دون ريبة مع حوافز فيسبوك المالية للنمو وجذب الانتباه الدعائي.
ولكن الأمر يسلط الضوء على بعض الأمور الشائكة حول جمع البيانات، الموافقة على التصرف بالبيانات، والبيانات التي يمكن أن تعرف بهوية الشخص.
أي بيانات؟
سلطت بعض الأسئلة التي واجهها مارك زوكربيرغ خلال استجوابه الضوء على قضايا متعلقة بالبيانات التي يجمعها فيسبوك من المستخدمين، والموافقات والصلاحيات التي يمنحها المستخدمون لفيسبوك لقيامهم بذلك (أو الموافقات التي يمنحونها دون دراية).
ترمز فيسبوك دائمًا بشكلٍ واضح ومقصود للبيانات على أنها “بياناتك أنت” وترفض فكرة أنها “تملك” البيانات الخاصة بك.
مع قول هذا، هناك الكثير من البيانات على فيسبوك. وأي من البيانات هو “لك” أو “متعلق بك” هو شيء ليس واضحًا دائمًا.
“بياناتك أنت” نظريًا هي الإسهامات، الصور، الفيديوهات، التعليقات، المحتوى وما إلى ذلك.
هي أيُّ شيءٍ يمكن أن يعتبر قابلًا للتسجيل كحقوق فكرية أو يحفظ النشر الخاص به.
والأقل وضوحًا هو وضع حقوقك بالنسبة للبيانات “المتعلقة بك” بدلًا من البيانات المعطاة من قبلك.
هذه البيانات نشأت من وجودك وحضورك أو قربك الاجتماعي من فيسبوك.
قد تشمل أمثلة على البيانات “المتعلقة بك” تاريخ التصفح والبيانات المأخوذة من الكوكيز وأزرار الإعجاب.
بالإضافة إلى جهات الاتصال المعطاة من قبل المستخدمين عن طريق هواتفهم.
مثل أغلب المنصات على الإنترنت، ترفض فيسبوك المطالبة بالحقوق الفكرية التي يطرحها المستخدمون.
لتجنب أية مشاكل في القضايا المتعلقة بحقوق النشر ضمن خدماتها، تطالب فيسبوك مستخدميها في اتفاقية الاستخدام بـ:
“رخصة لاستخدام الحقوق الفكرية التي تطرحها على فيسبوك أو عن طريق فيسبوك (رخصة ملكية فكرية).
وتكون هذه الرخصة غير حصرية، قابلة للنقل، وقابلة للترخيص للغير، دون إتاوات، وعالمية. هذه الرخصة تنتهي حين تقوم بحذف المحتوى ذي الملكية الفكرية أو تقوم بحذف حسابك.
إلا إذا قمت بمشاركة ذلك مع الآخرين، ولم يقوموا بحذف ذلك.”
هجمات الخوف من البيانات:
إن كنت على فيسبوك لمدة من الوقت فإنك على الأغلب رأيت مساهمة منتشرة بين المستخدمين على الإنترنت كل بضعة أعوام. وتكون كالتالي:
“ردًا على توجيهات فيسبوك الجديدة أنا أعلن أن حقوق النشر الخاصة بي مرفقة بجميع بيانات الشخصية”.
جزءٌ من سبب رؤيتنا لهجمات الخوف مثل هذه هو أن الخطاب الباهت لفيسبوك المتعلق بحقوق المستخدمين والبيانات ساهم في الارتباك، عدم الوضوح، والشك بين المستخدمين.
هذه كانت نقطة أشار إليها السيناتور الجمهوري جون كيندي خلال الجلسة مع مارك زوكربيرغ.
لهجة السيناتور جون كينيدي كانت قوية، ولكنه قيم بشكلٍ منصف فشل فيسبوك في توضيح سياساتها.
بعد التوبيخ:
على زوكربيرغ وفيسبوك أن يتعلما من هذا التوبيخ البرلماني أنهما قد واجها الكثير من المصاعب وأحيانًا فشلا في تحمل المسؤولية أمام مستخدميهم.
من المهم أن تقوم فيسبوك بجهود للتواصل بشكلٍ أقوى مع المستخدمين حول حقوقهم ومسؤولياتهم على المنصة، وأيضًا حول المسؤوليات التي تدين لهم فيسبوك بها.
على هذا الأمر أن يتعدى كونه حملة علاقات عامة توعوية. يجب أن يرتقي إلى أن يخبر ويثقف مستخدمي فيسبوك، والأشخاص غير المسجلين بفيسبوك، عن بياناتهم، حقوقهم وكيف يمكنهم أن يحموا بياناتهم الشخصية وخصوصيتهم.
أخذًا بالاعتبار حجم تأثير فيسبوك كمنصة على الإنترنت، وأهميتها في جميع أنحاء العالم، سيظل شبح الضبط الحكومي حاضرًا.
على الشركة أن تتطلع لتوسيع آفاقها، وذلك عن طريق السعي نحو الاستشارة والإصلاح يدًا بيد مع كل من لديه مصلحة بفيسبوك – مستخدمها – وأيضًا منظمات المجتمع المدني والجهات التنظيمية والضابطة التي تسعى لتقوية مستخدميها في هذه المساحات.
ترجمة: عبدالرحمن الصباغ.
تدقيق: بدر الفراك.
تحرير: كنان مرعي.