خلال ثلاثينيات القرن الماضي, حصل نقاش حاد بين نيلز بور وألبرت أينشتاين حول مجموعة من الأفكار عما إذا كان علم ميكانيكا الكم الجديد صحيحا أم لا. أظهرت تجربة فكرية ( التجربة الفكرية عبارة عن تجربة تهدف إلى مناقشة نظرية ما من خلال نتائج هذه التجربة. ليس من الضروري أن تكون التجربة قابلة للتطبيق وحتى ولو كان تطبيقها ممكنا, لا يوجد أي فائدة أو هدف من تطبيقها, كتجربة قطة شرودنجر الشهيرة ) اقترحها أينشتاين بأن الميكانيكا الكمومية متعارضة, حيث يمكن إظهار قانون هايزنبرغ أساس ميكانيكا الكم ( قانون عدم التحديد الذي يفرض حدودا على مدى الدقة التي يمكن الحصول عليها خلال قياس بعض خواص الجسيمات كالموضع أو كمية الحركة ) بأنه متعارض وغير متناسق عبر تخيل صندوق من الفوتونات التي يمكن قياسها من حيث الطاقة والزمن بنفس الوقت. أسقط بور نقاش أينشتاين ورفع خلال العملية مكانته العلمية بين نظرائه. ولكن الآن, (HrvojeNikoli) من معهد (RudjerBoskovic) في كرواتيا يقول بأنه كان من الممكن لأينشتاين الفوز بالنقاش لو طرح فكرته التي قدمها بعد خمس سنين في محاولة لشرح كيف أن التشابك يجعل ميكانيكا الكم غير متناسقة. نشر نيكولي المنطق الذي استخدمه في الخادم المعد مسبقا (arXiv).
في أول تجربة فكرية مطروحة من قبل أينشتاين, اقترح فيها بأنه لو فتح غطاء صندوق مليء بالفوتونات بحيث نسمح لفوتون واحد بالهروب, يمكن عن طريق ذلك أن نقيس هذا الفوتون بالنسبة للزمن عن طريق قياس،وببساطة، المسافة التي فتح فيها الغطاء. ثم قال بأنه من الممكن قياس الفوتون بالنسبة للطاقة قي الوقت نفسه عن طريق قياس التغير في كمية الطاقة الكلية الحاصل في الصندوق. إن هذا كم قال يبطل نظرية عدم التحديد لهايزنبرغ والتي أكدت على أن ميكانيكا الكم غير متناسقة. بعد تفكير عميق, رد بور بأنه لو أحضرنا نظرية أينشتاين للنسبية إلى التجربة, يمكن شرح التعارض الظاهر عبر الملاحظة بأن القياس قد حصل في حقل للجاذبية, بذلك سيعتمد القياس المأخوذ في لحظة فتح غطاء الصندوق على موقعه. لم يستطيع أينشتاين مواجهة نقاش بور وخسر تلك الجولة.
بعد مضيّ خمس سنوات, اجتمع الإثنان من جديد حول هذا النقاش. في هذه المرة قال أينشتاين بأنه لا يوجد طريقة تستطيع من خلالها ميكانيكا الكم أن تتضمن معا التشابك والاعتقاد بأنه لا يوجد شيء يمكن أن يتجاوز سرعة الضوء. إذا كان التسبب بتغيير لأحد الجسيمات يسبب فورا تغييرا لجسيم آخر, كيف من الممكن حصول هذا من دون خرق قاعدة سرعة الضوء الأساسية ؟ دعى أينشتاين كل هذا باسم ” حدث غريب من بعيد “. لم يستطع بور أن يأتي بنقاش منطقي يواجه فيه نقاش أينشتاين. ولم يستطع حتى أي أحد القيام بهذا, ولكن قام جون بيل بجعل مسألة التشابك مستساغة أكثر عام 1964 عن طريق التعبير عن التشابك بأنه نوع جديد من الظواهر, والتي أسماها ” غير المحلية “.
هنا يأتي دور نيكولي. قال لو أن أينشتاين طرح نقاشه المتعلق بالتشابك قبل خمس سنين خلال نقاشه مع بور حول قانون هايزنبرغ, كان بإمكانه الفوز عن طريق اقتراح بأن الفوتون الهارب من الصندوق كان متشابكا مع الصندوق نفسه, وبهذا يقضي على أية إجابة محتملة من بور؟ ولكن للأسف, لم يحصل هذا, لم يفكر أينشتاين بالمسألة من هذا الجانب مما سمح لبور بالفوز بأول جولة, والتي تعد واحدة من قلائل مثل هذه المواجهات في حياة أينشتاين المهنية اللامعة.
إعداد : معن قريطم