أقل ما يمكن قوله عن فكرة تجمد الجسيمات عند تسخينها هو أنها غير متوقعة، لكن فيزيائيون أظهروا كيف يمكن أن تذوب بعض المخاليط الممزوجة بصورة خاصة في الظلام لكنها ما تلبث أن تتبلور في اللحظة التي يُسلَّط عليها الضوء، بفضل نشاطها الحراري الفريد من نوعه.
بدلًا من تحفيز الجزيئات ودفعها للتقافز والانتشار، أظهر الباحثون أن بإمكانهم حجز الجزيئات في مكان واحد وإجبارها على التجمع معًا كما لو كانت متجمدة، عبر استخدام الضوء لتسخين خليط الجزيئات هذا.
نفّذ باحثون من جامعة كامبريدج في بريطانيا تجاربهم على مادة غروية مكونة من الماء والبولسترين وقطرات صغيرة من الزيت المغطى بالمادة الوراثية DNA لفهم الديناميكية الحركية بينهم بصورة أفضل عند تدفئتها باستخدام الضوء.
وكما بيّن لك مدرس الفيزياء في مدرستك الثانوية ذات مرة؛ فإن الجسيمات العالقة ضمن تدرج حراري معين تتدفق من النقاط الساخنة نحو المناطق الأكثر برودةً.
لذا من المنطقي أنه إذا سخّنّا المائع مع التركيز على حدود محيطه المائي، علينا أن نتوقع تهزهز جزيئات المزيج بنشاط وجريانها باندفاع نحو المناطق الأكثر برودة محفزةً المائع للحركة. حتى إنه يوجد مصطلحٌ يشير إلى جريان الزيت مع الماء يسمى بتأثير مارانجوني.
بعبارة أخرى، فإن التوتر السطحي المتبادل بين الزيت والماء يجعل الاثنين عرضة لتغيرات طفيفة في الحرارة بطرق مختلفة تجبر جزيئاتهما على الاستطارة.
لدراسة تأثير الضوء على قطرات المائع؛ غلّف الفيزيائي أليسيو كاسلي وفريقه جزيئات زيتية بقطر 20 إلى 30 مايكرومترًا باستخدام بوليمر مشبع بتركيز عالٍ من شريط وحيد من المادة الوراثية DNA.
سرعان ما اجتمعت كرات الزيت هذه داخل المائع مع كرات البولسترين التي يبلغ قطرها نصف مايكرومتر.
يربط الحمض النووي على السطح الخارجي لقطرات الزيت القطرات مع البولسترين، لذا عند وضع المادة في الماء تتشكل مادة غروية مقيدة الحركة.
ثم بدأت المتعة الحقيقية، إذ حفز تسليط الضوء على الواجهة بين الزيت والمياه جزيئات البولسترين على اتخاذ مواقعها بين جزيئات المائع، متأثرة بالآثار البصرية المفهومة جيدًا.
ارتفعت درجة حرارة جزيئات البولسترين بمقدار 5 درجات مئوية متأثرة بالتوهج الليزري، ما أدى إلى إنشاء تدرج حراري ضد الماء المحيط بالجزيئات.
يكون التأثير المارانجوني عادةً كافيًا لاستطارة كرات البولسترين دافعًا المادة الغروية بعيدًا عنها.
لكن جزيئات البولسترين المرتبطة مع بعضها بواسطة شبكة ضبابية من أشرطة المادة الوراثية DNA، تتماسك وتقترب من بعضها على سطح قطرات الزيت.
اتضح أن التدرج الحراري الحاصل بسبب البولسترين المحتجَز يخلق تدفقًا في جزيئات السائل والزيت التي تمتص باقي جزيئات المائع القريبة.
النتيجة هي تبلور غريب لجزيئات المادة الغروية متأثرة بالحرارة الصادرة من شعاع الضوء، وكل ما نحتاجه لإذابة هذا التبلور هو الظلام.
ألقي نظرة بنفسك على المقطع أدناه.
رغم أن هذا السلوك غير متوقع بالنسبة لنا، فإن جميع العوامل الفيزيائية تبدو طبيعية وقد اختُبِرت بواسطة نماذج الفريق.
أثبت الضوء إمكانية استخدامه نوعًا ما بمثابة أداة متعددة الاستخدامات للتلاعب بالجسيمات.
ألهمنا التصغير المستمر غير النهائي للتكنولوجيا الذي يتطلب أداة أكثر دقة لسحب أو دفع المواد فائقة الصغر، إلى ابتكار أدوات مكافئة للملاقط والمطارق اعتمادًا على التأثير المعقد للضوء على المادة.
قد يكون استخدام الخصائص البصرية لليزر لصنع مغناطيس حراري للموائع، طريقة أخرى يمكن استخدامها يومًا ما لجذب الآلات الجزيئية المستقبلية.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: رياض شهاب
تدقيق: نغم رابي