أظهرت تجربة سريرية أولية أن حقن فيروس شبيه بفيروسات البرد في عيون مرضى الضمور البقعي المرتبط بالشيخوخة «AMD» –وهو من الأسباب الرئيسية للعمى في الولايات المتحدة– يمكنه أن يوقف أو يعكس تقدم المرض.
وعلى الرغم من الحاجة إلى تكرار النتائج على مجموعة أكبر من المرضى، تُشير العلامات المبكرة على أن حقن واحد من الفيروسات المعدلة جينيًا يمكن أن يعطي دفعة قوية للاستجابة المناعية في الجسم، ومن ثم إزالة السوائل التي تسبب فقدان دائم للرؤية.
استهدف هذا النهج، الذي جربه الباحثون بكلية الطب في جامعة «Johns Hopkins Medicine» في ميريلاند، بروتينًا يسمى عامل النمو البطاني الوعائي «VEGF»، والذي يكون مفرط النشاط لدى الأشخاص الذين يعانون من الضمور البقعي الرطب المرتبط بالشيخوخة «wet AMD»، وهو شكل نادر وشديد من المرض، ويتسبب في نمو أوعية دموية جديدة تحت شبكية العين وتسرب الدم والسوائل في العين.
ويسبب تراكم السوائل أضرارًا دائمة لخلايا الشبكية الحساسة للضوء، مما يودي بها للموت تدريجيًا، مخلفة بقعًا عمياء في وسط الرؤية.
ويؤثر مرض الضمور البقعي من النوع الرطب على حوالي 10% من جميع مرضى الضمور البقعي المرتبط بالشيخوخة.
وتعتمد العلاجات الحالية لمرض الضمور البقعي الرطب المرتبط بالشيخوخة، على حقن العين مرة واحدة كل أربعة أسابيع -وإذا كنت ترغب في الحفاظ على الفوائد، فعليك الاستمرار في أخذ تلك الحقن الشهرية لبقية حياتك.
وتشمل الآثار الجانبية للأدوية الحالية التهابات العين وأخطار متزايدة للإصابة بالسكتة الدماغية.
ما أثبته الفريق في «Johns Hopkins» على عدد من المرضى، أنه في بعض الحالات يمكن أن يكون هناك طريقة لوقف وعكس تطور الضمور البقعي الرطب المرتبط بالشيخوخة من خلال حقنة واحدة فقط.
ويقول (بيتر كامبوشيارو- Peter Campochiaro)، أحد الباحثين في تلك الدراسة: «تعتبر هذه الدراسة الأولية خطوة صغيرة ولكنها واعدة نحو نهج جديد من شأنه أن يقلل ليس فقط من زيارات الطبيب والقلق وعدم الراحة المرتبط بالحقن المتكرر في العين، ولكنه قد يُحسِّن أيضًا من النتائج على المدى الطويل.
وتابع: «هناك حاجة لإخماد بروتين «VEGF» لفترات طويلة للحفاظ على الرؤية، والتي يصعب تحقيقها مع الحقن المتكررة، لأنه غالبًا ما يعود للنشاط مجددًا بمرور الوقت».
وشملت المرحلة الأولى من التجارب السريرية 19 رجلًا وامرأة، كانوا في سن الخمسين أو أكثر، مصابين بمرض الضمور البقعي الرطب المرتبط بالشيخوخة في مراحله المتقدمة.
وقد قُسٍّم المتطوعون إلى خمس مجموعات تلقت جرعات متزايدة من ناقلات فيروسية تسمى «AAV2» -وهو فيروس شائع مثل فيروس البرد وتم هندسته وراثيًا لاختراق خلايا الشبكية للمرضى وإيداع الجين المحفز لإنتاج بروتين يسمى «sFLT01».
ويوضح فريق الباحثين أنه بعدما يودع الفيروس الجين للمكان المطلوب، تبدأ الخلايا بإنتاج بروتين «sFLT01» والذي يلتصق ببروتين «VEGF» فيمنع بذلك تحفيز تسرب ونمو الأوعية الدموية غير الطبيعية.
والهدف من ذلك هو أن خلايا الشبكية المصابة بالفيروس تُنتِج ما يكفي من بروتين «sFLT01» لتُوقِف بشكل دائم تطور الضمور البقعي المرتبط بالشيخوخة.
كما وأظهرت الأبحاث السابقة أن بروتين «sFLT01» يمكن أن يعطل نشاط بروتين «VEGF».
ولكن حتى الآن، يكافح العلماء لتمكين الجسم لإنتاجه من تلقاء نفسه، وبدلًا من ذلك كان عليهم الاستمرار في حقن البروتينات المثبطة للـ «VEGF» بانتظام لإبعاد خطر الإصابة بالمرض قدر الإمكان.
وأُعطيت المجموعات الثلاث الأولى جرعات أقل من فيروس «AAV2»، ولم تظهر عليهم أي آثار جانبية.
أما المجموعتين الأخيرتين فقد أعطيت الجرعة القصوى، ولم يُلاحظ أي آثار جانبية شديدة في أي من المجموعتين.
يقول كامبوشيارو: «حتى في أعلى جرعة، كان العلاج آمنًا تمامًا، ووجدنا أنه لم تكن هناك أي أعراض سلبية تقريبًا».
وقد اختار الباحثون المشاركين الـ 19 على أساس عدم استجابتهم لجميع خيارات العلاج القياسية الأخرى –ولكنه من غير المرجح أن يستجيب ثمانية منهم حتى لطريقة علاجهم الجديدة.
وأوضحت تقارير الفريق البحثي أنه من بين الـ 11 المتبقيين، أظهر أربعة منهم تحسُّنًا كبيرًا بعد حقن فيروسي واحد، مع تناقص لكمية السوائل في عيونهم من مرحلة متقدمة إلى «لا شيء تقريبًا».
وقد شهد اثنان من المرضى انخفاضًا جزئيًا أكبر في كمية السوائل في عيونهم.
ولم يكن المرضى الخمسة المتبقون محظوظون جدًا، حيث لم يحدث أي تحسن في الرؤية بعد الحقن، ولكن لسبب وجيه -أدرك الباحثون أن أجسادهم تُنتِج بشكل طبيعي الأجسام المضادة التي تُهاجم فيروس «AAV2».
يشك الباحثون في أن هذه الأجسام المضادة الطبيعية يمكن أن تكون واسعة الانتشار في الولايات المتحدة على الأقل، لأن الالتهابات الفيروسية المرتبطة بالغدد -نسبة لفيروس «AAV2»- شائعة جدًا.
وسيستغرق الأمر تجربة سريرية أوسع بكثير لمعرفة ما إذا كانت فرصة النجاح في هذه الدراسة 50%، وكونها إشارة دقيقة لكيفية استجابة الناس على نطاق واسع للعلاج الجديد، وهذا حقًا تطور واعد.
ومن المتوقع زيادة معدل الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالشيخوخة من حوالي 2.07 مليون أمريكي في عام 2010 إلى 5.44 مليون في عام 2050.
إلا أن العلاج، الذي يصلح لمعالجة فقط نصف المصابين بالضمور البقعي الرطب المرتبط بالشيخوخة، لا يزال قادرًا على تغيير حياة مئات الآلاف منهم.
- ترجمة: علي أبوالروس
- تدقيق: هبة فارس
- تحرير : رغدة عاصي
- المصدر