يسبب مرض كوفيد-19 أحيانًا سكتات دماغية ونوبات قلبية، حتى عند المرضى غير المعرضين لخطر الإصابة بهذه الحالات، تصدرت هذه الإصابات عناوين الأخبار الرئيسية في الأيام الماضية. يقول الباحثون إن العلاقة بين الفيروس وهذه الأعراض معقدة، وتتطلب مزيدًا من الدراسة والفهم.
يعمل (جيه موكو) اختصاصي جراحة الأعصاب من مستشفى (ماونت سيناي) مع فريق من زملائه ضمن 3 مجموعات من الباحثين، يجمعون البيانات عن الجلطات الدماغية غامضة الأسباب التي تصيب بعض مرضى كوفيد-19.
وفقًا لتقرير نشرته جريدة (واشنطن بوست)، بدأ الفريق البحث عن الصلة المُحتملة بين الإصابة بفيروس كورونا المُستجد وزيادة خطر الإصابة بالسكتات الدماغية في أواخر مارس وأوائل أبريل، عندما ارتفعت أعداد المصابين بكوفيد-19 في مدينة نيويورك ارتفاعًا كبيرًا، وارتفعت معها أعداد المصابين بالسكتات الدماغية الكبرى، يقول جيه موكو: «لم تكن نسبة الارتفاع ضئيلة، بل تضاعف عدد المصابين بالسكتات الدماغية، لقد كان الأمر مخيفًا، فجميع المصابين بالسكتات الدماغية من مرضى كوفيد-19، وكانوا أصغر بكثير من مرضى السكتات الدماغية عادةً، ما جعلنا نظن أن المرض نفسه هو السبب».
ما زال الأطباء والباحثون في مجال الصحة غير متيقنين من أن المرض الجديد هو سبب السكتات الدماغية، لكنهم يريدون التحقق من ذلك، إذ تركز تقارير الأخبار على الشباب المصابين بالسكتات الدماغية حديثًا. يقول موكو: «لا يعني هذا أن الحالات تقتصر على مرضى كوفيد-19 الأصغر سنًا، لكن الأطباء يعجبون لرؤية هذه الحالات في صغار السن من المرضى، وقد لفت هذا النوع من الإصابات الانتباه أكثر من سواه لأنه ليس من المعتاد إصابة الشباب بالسكتات الدماغية، على عكس كبار السن الذين نُرجِع إصاباتهم عادةً إلى تقدمهم في العمر».
لا توجد طريقة للتحقق من صحة هذه المعلومة بعد، جزئيًا لأن الباحثين يتعاملون مع كم هائل من البيانات الأولية عن مرضى كوفيد-19، يقابلها عجز في البيانات المخبرية البحثية التي ما تزال بحاجة إلى الدراسة والتحليل، ورغم شعورنا بأن الجائحة قد بدأت منذ مدة طويلة، فالأشهر القليلة الماضية لا تساوي بمقياس البحث العملي أكثر من غمضة عين. لهذا يقول موكو إن الباحثين ما زالوا في مرحلة الاستكشاف الأولية.
يملك العلماء مع هذا بعض المعلومات عن الموضوع، إذ يظنون أن الفيروس يرتبط بمُستقبِلات الخلايا التي تُبطِّن الغشاء الداخلي للأوعية الدموية مثل الشرايين والأوردة. يقول موكو: «ربما يحفِّز وجود الفيروس في هذه الخلايا استجابةً مناعية تسبب حدوث الجلطات، التي تؤدي -عند وصولها إلى الدماغ- إلى السكتات الدماغية، وتسبب الضرر للأعضاء الأخرى، لأنها تمنع تدفق الدم طبيعيًا. وقد لاحظ العلماء ارتفاعًا في هذه الحالات أيضًا عند صغار السن من مرضى كوفيد-19، مع أنهم نادرًا ما يصابون بمثل هذه الحالات».
لكن الباحثين ليسوا متيقنين من صحة كل هذا بعد. يقول أستاذ طب الحالات الحرجة في كلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا (رينيو ليو): «ما زلنا غير متيقنين من أن كوفيد-19 يسبب السكتات الدماغية».
يضيف موكو: «ومع هذا فقد بدأت بعض المراكز الطبية تستخدم مميعات الدم -تفاديًا لحدوث أي مشكلات- ضمن العلاج المبكر لكوفيد-19، وتجري مراكز طبية أخرى أبحاثًا مخبرية على قدرة بعض أنواع الأدوية على إذابة الخثرات الدموية، لكن الأبحاث ما تزال في مراحلها الأولى».
بدأت الموجه الأولى من الجائحة بالانحسار في نيويورك، تاركةً للباحثين وفرةً من المعلومات الجديدة لتحليلها وتدقيقها. بلغ عدد مرضى كوفيد-19 في وحدة العناية المركزة في مستشفى ماونت سيناي 300 مريض في نهاية شهر أبريل، بعد أن كان العدد 450 مريضًا في بداية الشهر، ويقول موكو: «لدينا الكثير من المعلومات التي تستدعي الدراسة». قد تساعد بعض هذه المعلومات موكو وسواه من الأطباء على التوصل إلى طريقة لحل مشكلة الجلطات التي يسببها مرض كوفيد-19.
يقول ليو: «يمثل مرض كوفيد-19 خطرًا على مرضى السكتة الدماغية، حتى إن كانت العدوى الفيروسية نفسها لا تسبب السكتة، وفي حين يحاول العلماء تحديد الآلية التي يسبب بها الفيروس جلطات الدم، فالأهم هو معرفة أعراض السكتة الدماغية وطرق التصرف الصحيحة عند الإصابة بها. إن اكتشاف العلاقة بين فيروس كورونا المستجد والسكتة الدماغية هو مهمة الأطباء، أما عموم الناس فيجب عليهم الاتصال فورًا برقم الطوارئ عند إصابة أحد أقاربهم بسكتة دماغية».
يتابع ليو: «يتجنب الناس الذهاب إلى المستشفيات لخوفهم من مرض كوفيد-19، فلا يذهبون إلا عند تردي حالتهم الصحية، وربما كان هذا أحد أسباب ارتفاع عدد المصابين بالجلطات والسكتات الدماغية الكبرى».
اطلب المساعدة فورًا، إن كنت تشك في إصابتك أو إصابة أحد المحيطين بك بالسكتة الدماغية، تستطيع تقييم درجة خطورة السكتة الدماغية باستخدام ما يُسمى اختصارًا (FAST) أي: (وجه، ذراع، كلام، وقت)، لا تتجاهل أعراض تنميل الوجه أو الذراع أو صعوبة الكلام عندك أو عند شخص آخر، فبعد ظهور هذه الأعراض، لا يصبح أمامك سوى وقت قصير تستطيع فيه التصرف لإنقاذ حياتك أو حياة الآخرين.
اقرأ أيضًا:
ما علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما؟ وهل يشفي من المرض؟
هل يؤثر مقدار تعرضك لفيروس كورونا على شدة مرضك؟
اكتشاف ست سلالات جديدة من فيروس كورونا في الخفافيش
ترجمة: ريهاند علي حسن
تدقيق: وئام سليمان
مراجعة: أكرم محيي الدين