فيتامين D : الدليل الشامل
قد تتفاجأ إن علمت أن فيتامين D مختلفٌ تمامًا عن معظم الفيتامينات الأخرى، فهو في الواقع عبارة عن هرمون يسمى هرمون الستيرويد (steroid hormone ) الذي يتم إنتاجه من 7- ديهدروالكوليسترول عندما يتعرض جلدكم لأشعة الشمس فوق البنفسجية UV. لهذا السبب، غالبًا ما يشار إلى فيتامين D باسم فيتامين “أشعة الشمس”.
لكنَّ التعرض لأشعة الشمس لا يكون متاحًا للجميع خاصةً خلال فصل الشتاء، وفي هذه الحالة يحصل الجسم على فيتامين D من خلال الأغذية أو المتممات الغذائية المحتوية على فيتامين D، لكن الأغذية التي تحتوي على كمياتٍ وافرةٍ من هذا الفيتامين قليلةٌ جدًا، مما يتسبب في نقصِ هذا الفيتامين في الجسم وهو أمر شائع.
في هذه المقالة ستجد كل ما تحتاجُ معرفتهُ حول فيتامين D.
ما هو فيتامين D؟
فيتامين D هو واحدٌ من الفيتامينات التي تذوب في الدهون (A، D، E، K)، ويمكن تخزينها في الجسم لفترةٍ طويلةٍ. ويتواجد هذا الفيتامين على شكلين رئيسيين في الأغذية :
- فيتامين D3 (كوليكالسيفيرول): يتواجد في بعض الأطعمة الحيوانية، مثل الأسماك الدهنية وصفار البيض.
- فيتامين D2 (إرغوكالسيفيرول): ويتواجد في بعض أنواع الفطر.
ويعتبر النوع D3 الأهم لأنَّهُ يساهِم أكثر من النوع D2 في زيادة مستويات فيتامين D في الدم.
ماذا يفعل فيتامين D في الجسم؟
في الواقع يعتبر فيتامين D عديم الفائدة في البداية، ولكي يصبح نشطًا و يستفيد منه الجسم، يمر بمرحلتين من التحول :
- أولًا، يتم تحويله إلى كالسيديول (Calcidiol)، أو 25-hydroxy vitamin D في الكبد، وهذا الشكل هو الذي يتم تخزيه في الجسم.
- ثانيًا، يتم تحويل الكالسيدول إلى الكالسيتريول ( Calcitriol)، أو 1,5-hydroxy vitamin D ، ويحدث هذا التحول في الكلى. وهذا الشكل من فيتامين D هو نوعٌ من هرمون الستيرويد النشط .
ينتشر الكالسيتريول في كل الجسم، ويستقر في نوى الخلايا، حيث يتفاعل مع مستقبلاتٍ خاصةٍ تسمى مستقبلات فيتامين D (VDR)، تتواجد في كل خلايا الجسم تقريبًا .
عندما يرتبط الشكل النشط من فيتامين D بهذه المستقبلات، يؤثر على الجينات إما بتفعيلها أو تعطيلها، فيؤدي إلى تغيراتٍ في الخلايا، وهذا يشبه ما تقوم به معظم الهرمونات الستيرويدية الأخرى في الجسم.
ومن المعروف جيدًا أن فيتامين D يؤثر على مختلف الخلايا المرتبطة بصحة العظام، فعلى سبيل المثال، يقوم بتحفيز الخلايا المعوية لتقوم بامتصاص الكالسيوم والفوسفور الضروريين لصحة العظام، و يحافظ على تركيزهما في الدم، من أجل تمعدن طبيعي للعظام، ومنع التكزز الناتج عن نقص الكالسيوم في الدم.
وقد توصل بعض العلماء إلى أن فيتامين D يشارك في العديد من وظائف الجسم الأخرى، بما في ذلك وظيفة المناعة والحماية ضد السرطان، لذلك فإنَّ الناس الذين يعانون من نقصٍ في فيتامين D يكون لديهم نقصٌ في الكالسيتريول وهو شكل من هرمون الستيرويد، فيصبحون مهددين بالإصابة بهذه الأمراض.
ووفقًا لدراسة قُدِمت في المؤتمر السنوي (لجمعية الغدد الصمّاء) في (هاروغيت)، إنجلترا، فإن المرضى الذين لديهم مستوياتٍ أعلى من فيتامين D ، يتعافون من الحروق الشديدة بنجاحٍ أكبر، مقارنةً بأولئك الذين لديهم مستويات أقل.
الشمس أفضل طريقةٍ للحصول على فيتامين D:
يمكن إنتاج فيتامين D من الكولسترول في الجلد، عندما يتعرض لأشعة الشمس. حيث توفر الأشعة فوق البنفسجية B (UVB) الطاقةَ اللازمةَ لحدوثِ هذا التفاعل.
إذا كنت تعيش في بلدٍ تكون الشمس فيها موجودة على مدار السنة، يمكنك الحصول على كل فيتامين D الذي يحتاجه جسمك، فما عليك سوى أخذ حماماتِ شمسٍ عدة مراتٍ في الأسبوع، لكن يجب عليك أن تُعرِّضَ جزءًا كبيرًا من جسدك لأشعة الشمس، لأن تعريض اليدين والوجه فقط لن ينتج سوى كمياتٍ قليلةٍ جدًا من فيتامين D.
إن قررت أن تحصل على فيتامين D من أشعة الشمس، عليك أن تأخذ الاحتياطاتِ اللازمةَ حتى لا تصابَ بحروقِ الشمس. كما أن التعرضَ للشمسِ لفتراتٍ طويلةٍ يسبب شيخوخةَ الجلد ويرفع من خطر الإصابة بسرطان الجلد.
أما إن كنت ممن يضعون مراهم الوقاية من الشمس، فينصح عدم وضع المرهم خلال (10-30) دقيقة الأولى، ثم بعد ذلك تستطيع وضع المرهم للوقاية، وبما أنَّ فيتامين D يتم تخزينه في الجسم لفتراتٍ طويلةٍ تصل لعدة أسابيع، فإنَّ الحاجة إلى الشمس تكون فقط للرفع من مستويات الفيتامين في الدم.
أما بالنسبة للذين يعيشون في بلادٍ لا تكون الشمسُ فيها على مدار السنة، فإنَّهُ من الضروري لهم أن يحصلوا على فيتامين D من الأغذية والمتممات الغذائية المحتوية على فيتامين D خاصة خلال أشهر فصل الشتاء.
ما هي الأغذية التي تحتوي على فيتامين D؟
إليك قائمةٌ بأهم الأغذية التي تحتوي على فيتامين D3 .
الغذاء | الكمية | القيمة اليومية ٪ |
زيت سمك القد، 1 ملعقة كبيرة | 1360 UI* / 34 mcg* | 225 % |
سمك السلمون المطبوخ، (85 غرام) | 447 UI / 11 mcg | 75 % |
التونة معلبة في الماء، (85 غرام) | 154 UI / 4 mcg | 26 % |
كبد البقر مطبوخ، (85 غرام) | 42 UI / 1 mcg | 7 % |
بيضة كبيرة (يوجد في الصفار) | 41 UI / 1 mcg | 7 % |
سمكة سردين معلبة بالزيت، (85 غرام) | 23 UI / 0,6 mcg | 4 % |
على الرغم من أن الأسماك الدهنية مثل سمك السلمون والماكريل وسمك أبو سيف والتروت والتونة والسردين هي مصادرٌ لا بأس بها لفيتامين D،إلَّا أنَّهُ سيكون عليك تناولها كل يومٍ تقريبًا للحصول على ما يكفي من الفيتامين.
ويعد زيت كبد السمك أحسن مصدرٍ غذائيٍ لفيتامين D، مثل زيت كبد سمك القد الذي يحتوي على ما يصل إلى ضعفي القيمة اليومية في ملعقة واحدة، كما أنَّ منتجات الألبان والحبوب غالبًا ما تكون مدعمةً بفيتامين D، وبعض الفطر النادر يحتوي أيضًا على هذا الفيتامين، إلى جانب صفار البيض الذي يحتوي على كمياتٍ صغيرةٍ منه.
نقص فيتامين D:
يعتبر نقص فيتامين D أمرًا شائعًا، وتختلف درجة هذا النقص بين الناس، غير أنها ترتفع عند ذوي البشرة السوداء وكبار السن، ومن المرجح أن يصاب الأشخاص الذين لديهم نقص في فيتامين D بأمراضٍ أخرى، وقد أظهرت دراسة أن 96٪ من الذين يصابون بنوباتٍ قلبيةٍ كانت لديهم مستويات منخفضة من هذا الفيتامين.
وللأسف فإن نقص فيتامين D لا يكون جليًا، وأعراضه عادةً ما تكون خفيةً وقد تستغرقُ عدة سنواتٍ حتى تبدأ بالظهور. ومن أشهر أعراض نقص فيتامين D ، الكساح وهو مرضٌ يصيب العظام عند الأطفال خاصةً في البلدان النامية.
ويرتبط نقص فيتامين D أيضا بهشاشة العظام، وتناقص نسبة المعادن في الدم، كما يرفع نسبة الإصابة بالكسور خاصة عند المسنين، وقد أظهرت عدة دراسات أن الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من فيتامين D يكونون عرضة للأزمات القلبية، ومرض السكري (النوع 1 والنوع 2)، والسرطان، وأمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد.
وكشف بحثٌ جديدٌ قام به علماء من كلية الطب في (جامعة جونز هوبكنز) في (بالتيمور)، أن انخفاض مستويات فيتامين D قد يزيد خطر تضرر الأعضاء والمرض الكلوي لدى الأشخاص المصابين بالذئبة، وهو يُعتبر من أمراض المناعة الذاتية.
كيف ترفع مستوى فيتامينD في الدم؟
لكي تعرف ما إذا كان لديك نقص في فيتامين D، وتفحص مدى حاجَتِكَ إلى متمماتٍ غذائيةٍ، عليك بزيارة الطبيب لعمل تحليلاتٍ طبيةٍ في الدم، حيث سيقوم هذا الأخير بقياس مخزون الكالسيديول في الدم، فإذا كانت النسبة أقل من 12 نانوغرام في المليلتر (12ng/mL) فهذا يعني أنَّ لديك نقصًا حادًا، وإن كانت أعلى من 20 نانوغرام في المليلتر (20 ng/mL) فهذا يعني أنَّ لديكَ نسبةً جيدةً ولا تحتاج إلى متمماتٍ غذائيةٍ في هذه الحالة.
على الرغم من أن العتبة الرسمية لدى الأطباء هي 12 نانوغرام في المليلتر (20 ng/mL) ، يرى بعض أخصائيي الصحة أن النسبة الأفضل لصحة جيدة واجتناب الأمراض هي 30 نانومتر في المليلتر ( 30ng/mL) فما فوق.
وبالنسبة للذين يريدون رفع مستويات الفيتامين عليهم أن يأخذوا متممات فيتامين D3 وليس D2 ، على شكل كبسولات تباع لدى الصيدليات أو متاجر المواد الغذائية، وحسب معهد الصحة الأمريكي، فإن أقصى كميةٍ آمنةٍ يمكن أخذها هي UI4000 حوالي mcg100.
أما التسمم بفيتامين D فهو نادرٌ جدًا، ولن يحصل إلَّا إذا أخذت كمياتٍ كبيرةٍ تفوق الحد الأقصى وخلال فترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ.
- الكاتب :غزالي صالح.
- تدقيق: هبة أبو ندى.
- تحرير: زيد أبو الرب.
مصدر1/مصدر2/مصدر3/مصدر4/مصدر5/مصدر6/مصدر7