تجعل فوتونات الضوء الجديدة المشعّة الانترنت الكمومي فائق السرعة حلماً قاربَ على التحقق.

يبني العلماء مصدر ضوء جديد للاتصالات الكمية عن طريق الجمع بين التقنيات الحالية معًا لإنشاء إشارة كمية أقوى وأمتن.

ابتكر العلماء مصدر ضوء “ساطع على نحو استثنائي” يمكنه توليد فوتونات متشابكة كميًا (جسيمات الضوء)، التي يمكن استخدامها لنقل البيانات بأمان في شبكة اتصالات كمية عالية السرعة في المستقبل.

يمكن شبكة الإنترنت الكمومية المستقبلية أن تنقل المعلومات باستخدام أزواج من الفوتونات المتشابكة، ما يعني أن الجسيمات تشارك المعلومات عبر الزمان والمكان بغض النظر عن المسافة.

بناءً على القوانين الغريبة لميكانيكا الكم، يمكن نقل المعلومات المشفرة في هذه الفوتونات المتشابكة بسرعات عالية بينما يضمن تماسكها الكمومي -وهي الحالة التي تتشابك فيها الجسيمات- عدم إمكانية اعتراض البيانات.

لكن أحد التحديات الرئيسية في بناء الإنترنت الكمومي هو أنه ربما تتلاشى قوة هذه الفوتونات كلما سافرت أكثر حيث لم تكن مصادر الضوء ساطعة بما يكفي.

يمكن إرسال البيانات عبر مسافات شاسعة لبناء شبكة إنترنت كمومية ناجحة، لكن يجب أن تكون الفوتونات قوية بما يكفي لمنع “فقدان التماسك” حيث يُفقد التشابك وتختفي المعلومات التي تحتويها.

في بحث نُشر في 24 يوليو/ تموز في مجلة إيلايت، ابتكر علماء من أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية نوعًا جديدًا من مصادر الإشارة الكمومية باستخدام تقنيات موجودة تحقق سطوعًا عاليًا للغاية.

لقد حققوا ذلك عبر الجمع بين باعث نقطة الفوتون (مولد للفوتونات الفردية، أو جسيم الضوء) مع مرنان كمي (جهاز لتعزيز التوقيع الكمي) لإنشاء إشارة كمية قوية جديدة.

ما يجعل البحث الأخير مثيرًا للاهتمام بالتحديد هو أن التقنيات الفردية قد أُثبتت إثباتًا مستقلًا في المختبرات، ولكنها اختُبرت على نحو منفصل فقط.

هذه الدراسة هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها جنبًا إلى جنب مع بعضها بعضًا.

دمج الباحثون باعث نقطة الفوتون مع مرنان براج الدائري (عاكس يستخدم لتوجيه الموجات الكهرومغناطيسية) على محرك كهربائي ضغطي (جهاز يولد الكهرباء عند تطبيق الحرارة أو الضغط). لقد أنشأا معاً شكلًا محسّنًا من باعث الفوتونات، الذي يمكنه ضبط الفوتونات المنبعثة بدقة لتحقيق أقصى قدر من التشابك المستقطب. وقد تم التحكم في ذلك باستخدام محرك كهروضغطي.

تتمتّع أزواج الفوتونات التي أُنشئت بواسطة الجهاز بدقة تشابك وكفاءة استخراج عالية -ما يعني أن كل فوتون مشعّ بما يكفي ليكون مفيدًا ويحتفظ بـ “توقيعه الكمومي” (خاصية كمية مفيدة) جيدًا.

كان من الصعب في السابق تحقيق مستوى مفيد من السطوع ودقة تشابك عالية في نفس الوقت، لأن كل جانب يتطلب تقنية مختلفة وكان من الصعب الجمع بينهما بطريقة قابلة للتطوير.

وتعد هذه خطوة مهمة إلى الأمام في تطوير التقنيات الكمومية العملية، ما يوضح كيف يمكن دمجها معًا لإنشاء مصدر ضوء أكثر قوة وقابلية للتطبيق.

لسوء الحظ، لا ينبغي لنا أن نتوقع إنترنت كمومي في أي وقت قريب، حيث تظل التقنيات المختلفة في مرحلة التجريب والتطوير.

وتطلّب أيضًا صنع باعث الفوتونات المستخدم في الدراسة مواد خام سامة، بما في ذلك الزرنيخ، التي تتطلب معالجة متخصصة.

هناك أيضًا مخاوف تتعلق بالسلامة فيما يتعلق باستخدام زرنيخيد الجاليوم، الذي صُنع منه جهاز إصدار النقاط الفوتونية.

تصنف شركة فيشر ساينتيفيك، وهي شركة توريد معدات المختبرات والمواد الكيميائية للأبحاث العلمية، زرنيخيد الجاليوم على أنه مادة خطرة لعدة أسباب، بما في ذلك خصائصه المسببة للسرطان.

قد تحد مخاوف السلامة المتعلقة باستخدام هذه المواد من قابلية التوسع للمنهجية الموضحة.

لذلك قد تكون هناك حاجة إلى تحديد مواد بديلة قابلة للتطبيق في توليد فوتونات متشابكة مشعّة لشبكة الاتصالات الكمومية المستقبلية.

ستكون المرحلة التالية في عملية التطوير هي دمج هيكل يشبه الصمام الثنائي على المحرك الكهروضغطي.

سيسمح هذا بتوليد مجال كهربائي عبر النقاط الكمومية، من أجل مواجهة فقدان التماسك وبالتالي تعزيز درجة التشابك.

مع وجود العديد من الخطوات الأخرى التي يجب اتخاذها في تطوير الإنترنت الكمومي، فإنه لا يزال الجمع بنجاح بين باعث الفوتون والمرنان (كاشف الموجات الهرتزية) لتحقيق الفوتونات ذات السطوع العالي والتشابك خطوةً كبيرةً إلى الأمام، كما قال العلماء.

اقرأ أيضًا:

وداعًا للهاكرز! الإنترنت الكمومي سيجعل الاختراق شيئًا من الماضي

نموذج مبدئي قادر نظريًا على نقل البيانات بسرعة 10 تيرابيت بالثانية

ترجمة: لور عماد خليل

تدقيق: بسام موسى

مراجعة: باسل حميدي

المصدر