على سطح نجم يبعد 180 سنة ضوئية، تمكن علماء الفلك من تصوير التغيرات السطحية التي تحدث بسبب الدورة المستمرة للحرارة في الداخل. تمثل الصور الملتقطة أسبوعين من الأنماط المتغيرة على النجم (آر دورادوس)، وهو نجم عملاق أحمر، أكبر من الشمس بنحو 350 ضعفًا، يتحرك ويغلي بفعل الحمل الحراري في المراحل الأخيرة من عمره.

تمثل الدراسة الجديدة المرة الأولى التي تتمكن فيها البشرية من تصوير هذه العملية في نجم سوى شمسنا. تمثل التغيرات التي رصدها علماء الفلك على سطح النجم (آر دورادوس) فقاعات هائلة من الغاز الساخن، يبلغ حجمها 75 ضعف حجم شمسنا، ترتفع إلى السطح ثم تهدأ مجددًا، في فترات زمنية أقصر بكثير مما توقعه العلماء.

يقول عالم الفلك ووتر فليمنج من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد: «للمرة الأولى يمكن إظهار السطح الفقاعي لنجم حقيقي بهذه الطريقة. لم نتوقع أن تكون البيانات عالية الجودة لدرجة أن نتمكن من رؤية الكثير من تفاصيل الحمل الحراري على سطح النجم».

النجم (آر دورادوس) هو جرم مثالي للدراسة إذا أردنا فهم التغيرات التي تطرأ على مستوى سطح النجوم الأخرى سوى الشمس. فهو كبير جدًا، ما يعني أن مساحة سطحه أكبر، ونشاط النجم أكبر أيضًا. لرؤية مستوى كبير من التفاصيل حتى على هذه المسافة القصيرة نسبيًا بين النجوم، سيكون من الأسهل تصوير حجم أكبر وحركة أكبر.

نعلم أن النجوم تتعرض لعمليات الحمل الحراري، إذ تتصاعد الحرارة المتولدة في اللب إلى الخارج تجاه السطح. على الشمس، نرى هذا في حبيبات الحمل الحراري التي يبلغ قطرها نحو 1000 كيلومتر، أصغر قليلًا من ولاية تكساس.

تغلي هذه الحبيبات من المركز، وتتدافع على الحواف، وتستمر مدة 20 دقيقة تقريبًا قبل أن تتبدد.

في أعماق أكبر، تحدث عملية التحبيب على نطاقات أكبر. فالحبيبات المتوسطة يتراوح قطرها بين 5000 و10000 كيلومتر، ويبلغ عمرها الافتراضي نحو ثلاث ساعات. أما الحبيبات الفائقة فيبلغ قطرها نحو 32000 كيلومتر، وتستمر 20 ساعة تقريبًا.

باستخدام تلسكوب أتاكاما المليمتري الكبير في تشيلي، سعى فليمنج وزملاؤه لتمييز تفاصيل هذه العملية في نجم آخر بعيدًا عن النظام الشمسي، وكانت النتائج التي توصلوا إليها مذهلة.

يقول عالم الفلك ثيو خوري من جامعة تشالمرز: «يخلق الحمل الحراري البنية الحبيبية الجميلة التي نراها على سطح شمسنا، لكن من الصعب رؤيتها على النجوم الأخرى. بفضل تلسكوب (ألما)، أصبحنا قادرين ليس فقط على رؤية حبيبات الحمل الحراري مباشرةً -بحجم يبلغ 75 ضعف حجم شمسنا- لكن أيضًا قياس سرعتها لأول مرة».

إن حبيبات الحمل الحراري ضخمة، ولم يكن الباحثون متيقنين تمامًا من السبب. قد تكون الحبيبات الموجودة على (آر دورادوس) بمثابة المعادل الأحمر العملاق للحبيبات المتوسطة أو الحبيبات الفائقة، أو نوعًا مختلفًا من الحبيبات الخاصة بالنجوم العملاقة الحمراء. قد تكون أنواعًا مختلفة من الحبيبات المتراكبة تُظهر تأثيرًا أوضح.

لا يمكننا مقارنة الحبيبات الموجودة على (آر دورادوس) مباشرةً بأي سلوك معروف للشمس. نعلم أنها تنطوي على الحمل الحراري، لكن ما يجعل الحبيبات ضخمة إلى هذا الحد غير معروف حتى الآن.

إضافةً إلى ذلك، يبدو أن للحبيبات التي شوهدت على (آر دورادوس) دورة مدتها شهر تقريبًا، وذلك أسرع بكثير من المتوقع، بالنظر إلى ما لاحظناه على الشمس.

لكن النجوم العملاقة الحمراء تختلف كثيرًا عن الشمس، التي تمر الآن بمرحلة منتصف العمر. النجوم العملاقة الحمراء هي تلك التي نفد الهيدروجين من مركزها وتستمد طاقتها من احتراق الغلاف، وهو اندماج الهيدروجين في غلاف حول النواة. هذه العملية تجعل النجم ينتفخ إلى أضعاف حجمه الأصلي. يتوقع علماء الفلك أن مرحلة العملاق الأحمر للشمس ستشهد توسعها إلى مدار المريخ.

نظرًا إلى وجود قيود على ما يمكننا ملاحظته من مسافات هائلة كهذه، فهناك الكثير مما لا نعرفه عن العمالقة الحمراء. قد يكون العمر القصير جدًا لحبيبات الحمل الحراري مقارنةً بحبيبات الشمس مجرد أمر عادي في هذه المرحلة المتأخرة من عمر النجم.

يقول فليمينج: «لا نعرف بعد سبب هذا الاختلاف. يبدو أن الحمل الحراري يتغير مع تقدم النجم في العمر بطرق لم نفهمها بعد».

اقرأ أيضًا:

نجم يدور بشكل غريب ومختلف عن باقي النجوم ما قد يغير فهمنا لكيفية دورانها

اكتشاف نظام نجمي ثلاثي والصور مذهلة

ترجمة: شهد حسن

تدقيق: زين حيدر

المصدر