تبدو فكرة تآزُر قوات الأحياء الدقيقة داخل جسدك لتعيث بالفوضى وتسبب لك المرض، مخيفةٌ كما يستوجب عليها أن تكون.

وجد العلماء مؤخرًا نوعًا معينًا من الفطريات تستخدم طريقة مدهشة لتتكاتف وتتواصل فيما بينها.

قد تفسر النتائج علاوةً عن ذلك لماذا يمكن لهذه الفطريات أن تصيب الأشخاص الأصحاء، والتي تعد خاصية غير مألوفة للعدوى الفطرية التي عادةً ما تصيب الأشخاص ضعيفي المناعة.

ركزت الدراسة على فطر يدعى Cryptococcus gattii يعيش في التربة ويتواجد معظمه في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.

ظهرت بالرغم من ذلك عام 1999 سلالة من هذه الفطريات في كولومبيا البريطانية وكندا، وتلاها ظهورها في ولايتي أوريغون وواشنطن سببت في الغالب عدوى عند الأشخاص الأصحاء.

يمكن للعدوى التي يصاب بها الأشخاص من خلال استنشاق الأبواغ الفطرية أن تهدد الحياة مسببة مرضًا شبيهًا بذات الرئة يصيب الرئتين بالإضافة إلى عدوى خطيرة في الدماغ والأنسجة المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي.

تواجد بين عامي 2004 و2010 ما يقارب 60 سببًا معلومًا لهذه الفطريات في الولايات المتحدة، وكان من أصل 45 حالة 9 وفيات أي ما يعادل 20% من المصابين وفقًا لدراسة أجريت عام 2010 من قبل باحثين في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وأشارت إيوا بيلسكا باحثة دراسات عليا في جامعة برمنجهام في المملكة المتحدة في بيان لها: «وجد الباحثون سابقًا أن فطور Cryptococcus gattii خبيثة للغاية بسبب قدرتها الملحوظة على النمو بسرعة داخل خلايا الدم البيضاء عند البشر».

كما وجد زملاء بيلسكا عام 2014 أن هذا النمو السريع نتج عما يشبه تقسيم العمل، مما يعني أن الخلايا الفطرية عملت معًا لتنسيق سلوكها باتجاه دفع النمو السريع لها.

اكتشفت بيلسكا وزملاؤها في هذه الدراسة بدقة كيفية تواصل الخلايا الفطرية إذ تستخدم هذه الأحياء الدقيقة حويصلات مايكروية مملوءة بالسائل تسمى “الحويصلات خارج الخلوية” للتواصل.

وقال روبن ماي الباحث الرئيس للدراسة ومدير علم الأحياء الدقيقة والعدوى بجامعة برمنجهام: «تفعل هذه الحويصلات فعل الحمام الزاجل، حيث تنقل الرسائل بين الفطريات وتساعدها على تنسيق هجومها على الخلية المضيفة».

كما أشار الباحثون أنها المرة الأولى التي يكتشف فيها العلماء وجود صلة بين الحويصلات خارج الخلوية والفوعة الفطرية.

ووجدوا أيضًا أن الخلايا الفطرية بإمكانها استخدام الحويصلات خارج الخلوية للتواصل عبر مسافات طويلة نسبيًا فيما بينها.

وأضاف ماي: «كان أول توقعاتنا أن الفطر سيكون قادراً على التواصل داخل خلية مضيفة واحدة فقط، ولكننا اكتشفنا في الواقع أنه بإمكانها أن تتواصل عبر مسافات كبيرة جداً، وبتعابير علم الأحياء الدقيقة “عبر حواجز الخلايا المضيفة المتعددة” ».

ثم اختتم قائلًا: « إن هذه النتائج توفر لنا فرصة محتملة لتطوير أدوية جديدة تعمل بآلية قطع هذا طريق للتواصل أثناء الإصابة».

نشرت هذه الدراسة يوم 19 نيسان/أبريل في دورية Nature Communications.


  • ترجمة: مريم عيسى.
  • تدقيق: م. قيس شعبية.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر